عبر البحر المتوسط.. أتلانتك كاونسل: شراكة إيطالية جزائرية تمهد لجسر جيو-اقتصادي

الاثنين 13 فبراير 2023 12:24 م

منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أصبحت إمدادات الطاقة إلى أوروبا قضية حاسمة، وسعت دول أوروبية مثل إيطاليا إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي، وتمكنت الجزائر من ملء الفراغ، بحسب تحليل لمركز "أتلانتك كاونسل".

ووفق التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، اعتمدت إيطاليا على روسيا قبل الحرب في 40% من إمداداتها من الطاقة، لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2022 انخفضت إلى 10%، بينما زادت صادرات الجزائر إلى إيطاليا لنحو 20%.

في هذا السباق الأوروبي نحو الطاقة، تتمتع إيطاليا بميزة واضحة على دول مثل فرنسا أو إسبانيا، وفي 2018 اتفقت روما والجزائر على إيجاد طرق جديدة للاستثمارات الإيطالية بالجزائر خارج قطاع النفط والغاز.

زيارة "ميلوني"

وفي 22 يناير/كانون الثاني الماضي، قامت رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجيا ميلوني" بزيارة للجزائر استغرقت يومين، ووقعت خلالها العديد من العقود والاتفاقيات، بينها عقود لبناء خط أنابيب غاز جديد يربط البلدين مباشرة عبر سردينيا.

كما ناقش الجانبان التعاون في قطاعات أخرى منها نقل التكنولوجيا. وبالنسبة للرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" فإنه يمكن لبلاده أيضا الاستفادة من تجربة الشركات الصغيرة والمتوسطة في إيطاليا.

ونتيجة للعقود الموقعة منذ 2018، تضاعفت المبادلات التجارية بين إيطاليا والجزائر من 8 مليارات دولار في 2021 إلى 16 مليار دولار في 2022.

والأهم، كما أبلغت الجزائر نظراءها الأوروبيين، أن المزيد من الغاز الجزائري يتطلب المزيد من الاستثمارات، وهو ما وافقت عليه شركة "إيني" (ENI) الإيطالية للطاقة. وهذا بدوره سيؤدي إلى تحديث البنى التحتية الهيدروكربونية بالجزائر.

ليبيا.. أرضية مشتركة

إلى جانب تعزيز العلاقات بين الجزائر وإيطاليا، هناك قضايا أخرى قيد البحث عندما يتعلق الأمر بشمال أفريقيا، ومنها الملف الليبي الشائك.

وفي هذا الملف تشترك الجزائر وروما في وجهات نظر متشابهة فيما يتعلق بإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ عقد من الزمان وعدم الاستقرار، والتي يعتبرها بعض الخبراء "حربا أهلية".

والصراع الدائر في ليبيا يساهم في تهديدات معقدة ومتعددة على طول الحدود الشرقية للجزائر، وفي يناير/كانون الثاني 2020 صرح تبون بأن "أمن ليبيا هو امتداد لأمننا (الجزائر)".

وتدرك روما، التي تريد زيادة وضعها السياسي والاقتصادي في شمال أفريقيا، أنه لا يمكن تجاهل وجهة نظر الجزائر من أجل إنهاء الأزمة عبر الانتخابات؛ لأنها جارة مباشرة لليبيا ولها مصالح مباشرة.

وبعد أن زارت الجزائر، توجهت "ميلوني" إلى طرابلس حيث ناقشت القضايا السياسية والأمنية كالهجرة غير الشرعية مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا "عبدالحميد الدبيبة".

كما وقّعت روما وطرابلس عقدا جديدا للغاز الطبيعي بقيمة 8 مليارات دولار، في تلميح إلى اعتماد إيطاليا على ليبيا للحصول على الطاقة بغض النظر عن الصراع، وفق المركز.

جسر جيو-اقتصادي

مثل أسلافها، تريد "ميلوني" مواصلة تعزيز العلاقات مع الجزائر ووضع إيطاليا كقائدة في البحر الأبيض المتوسط، وكان هذا واضحا عبر تصريحها في 3 ديسمبر/كانون الأول 2022: "بعد سنوات من التراجع، نود استعادة دورنا الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط".

وقال "أندريا ديسي"، رئيس برنامج البحر لمتوسط والشرق الأوسط وأفريقيا في معهد الشؤون الدولية، إنه يوجد توافق في المصالح بين الشركات الحكومية الإيطالية مثل "إيني" ومؤسسات أخرى لإعادة الاستثمار في البحر الأبيض المتوسط والفضاء الأفريقي،  والعلاقة مع الجزائر هي رأس الحربة في هذه الاستراتيجية.

وضعت الحرب في أوكرانيا الجزائر في مقدمة المشهد الأوروبي، حيث أصبح عملاق شمال أفريقيا خيارا لا مفر منه، بفضل ما يمتلكه من غاز طبيعي وإمكاناته الاستثمارية الاقتصادية الهائلة.

وتهدف إيطاليا والجزائر إلى شراكة رابحة لا تعود بالنفع على البلدين فحسب، بل ستفيد أيضا جيرانهما وما وراءهما.

وإذا تمت إدارة هذه الشراكة بشكل جيد، يمكن لروما والجزائر بناء جسر "جيو-اقتصادي" طويل الأجل وقوي وقابل للحياة بين شاطئي البحر المتوسط.

((3))

المصدر | أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجزائر إيطاليا الغاز روسيا ليبيا البحر المتوسط أوروبا

ناشونال إنترست: تراجع الاتحاد الأوروبي والناتو يحتم تقدم واشنطن وروما بمنطقة البحر المتوسط