كواليس النفط والمال والسياسة.. ماذا وراء تقارب الإمارات والدبيبة؟

الخميس 16 فبراير 2023 01:55 م

شواهد متوالية تؤشر إلى تقارب كبير بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية "عبد الحميد الدبيبة" والإمارات، رغم دعم أبوظبي لزعيم القوات المسيطرة على الشرق الليبي "خليفة حفتر"، ما طرح تساؤلات بشأن سياق هذا التقارب وأسبابه، خاصة مع زيارة "الدبيبة" الجارية إلى أبوظبي.

وعزز من طرح التساؤلات إفادة مصادر استخباراتية متطابقة بأن حكومة طرابلس تواصلت مؤخراً مع أبوظبي عن طريق مدير مخابرات رئيس الوزراء الإماراتي، "حسين محمد خليفة العايب"، بخصوص إمكانية تمويل الإمارات لطرد آخر الميليشيات المناهضة للدبيبة في العاصمة الليبية، حسبما أورد موقع "أفريكا إنتليجنس".

ويرسخ هكذا دعم من الإمارات العلاقات القائمة فعلا بين "الدبيبة" وأبوظبي، فخلال عامي 2021 و2022، استضافت الإمارات مفاوضات بين "الدبيبة" و"حفتر"، في حين عيّن "الدبيبة" حليفاً مقرباً لرئاسة السفارة الليبية في الإمارات، هو "سفيان الشيباني".

كما نتج عن تقارب "الدبيبة" و"الإمارات" إقالة الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة النفط الليبية "مصطفى صنع الله"، في يوليو/تموز الماضي، وتعيين المصرفي السابق "فرحات عمر بن قدارة"، المقرب من دول الخليج، مكانه.

ومن شأن تعيين "بن قدارة" أن يدعم مصلحة الإمارات في الاستفادة من القدرة النفطية الكبيرة لليبيا، والتي تمثل فرصة جديدة لتعزيز نفوذ الإمارات في شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط ​​ بطريقة غير مسبوقة، حسب تقدير نشره "المركز الخليجي للتفكير".

وتعود طموحات الإمارات في النفط الليبي إلى عام 2009، عبر تعاقدات رسمية أبرمتها مع نظام "معمر القذافي" في رأس لانوف من خلال شركة "تراسا" الإماراتية، ليتم تأسيس شركة ليبية إماراتية تحت اسم "ليركو"، ما زالت تحتفظ بحقوقها في رأس لانوف.

كما حقق تحالف "الدبيبة" الجديد مع الإمارات مكسباً كبيراً للأخيرة، كشف عنه تقرير إدارة الرقابة على المصارف والنقد بمصرف ليبيا المركزي، أثناء نشره لطلبات المصارف لتغطية الاعتمادات المستندية والحوالات خلال كانون الثاني/يناير للعام 2023.

فعلى صعيد طلبات المصارف لشراء النقد الأجنبي حسب البلدان المستفيدة في يناير/كانون الثاني، تستولي الإمارات على نصيب الأسد بنسبة 42.9%.

ويستند التطور في العلاقات بين طرابلس وأبوظبي إلى عدة عوامل، أبرزها التقارب التركي الإماراتي، الذي بدأ عام 2021، واستمر طوال عام 2022، إذ أن "الدبيبة" مقرب من أنقرة، التي يعيش بها ابن عمه "علي إبراهيم الدبيبة".

وبالعودة إلى تقرير مصرف ليبيا المركزي، فإن تركيا تأتي في المركز الثاني بتحويلات المصارف لتغطية الاعتمادات، بنسبة 7.8%، وفي المركز الأول لدول المنشأ للسلع والخدمات بنسبة 21.1%.

التطبيع مع الغرب الليبي

ويلفت الخبير السياسي "علي الوندي" إلى دافع آخر للإمارات من العلاقة مع "الدبيبة"، وهو حاجتها إلى تطبيع العلاقات مع الغرب الليبي بعد سنوات من القطيعة، إذ تمكنت من كسر هذا الجمود عبر بوابة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذي بادر بالسفر إليها كأول دولة خليجية، وفتح معها قنوات اتصال ساعدته لاحقاً في تكوين تحالفات قوية، وفقا لما أوردته صحيفة "القدس العربي".

واستفادت حكومتي طرابلس وأبوظبي من هكذا انفتاح، خاصة أن للإمارات مصالح سياسية واقتصادية كبيرة في المنطقة، فيما يحتاج "الدبيبة" إلى حلفاء دوليين وإقليميين أقوياء لدعمه سياسياً، بحسب "الوندي".

وفي هذا الإطار، أفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن رئيس الإمارات "محمد بن زايد" اتفق مع الدبيبة على عودة الرحلات الجوية بين البلدين واستئناف السفارة الإماراتية عملها من طرابلس.

وحسب المكتب الإعلامي لـ "الدبيبة"، فإن "بن زايد" أكد، خلال اللقاء، على ضرورة دعم الجهود الدولية لـ "إجراء الانتخابات في ليبيا"، ما يعني دعم الإمارات لأجندة رئيس حكومة الوحدة الوطنية السياسية، في مواجهة خصومه المحليين.

لكن ماذا عن دعم الإمارات لـ "حفتر"؟ يجيب مصدر ليبي مطلع بأن مباحثات "الدبيبة" مع "بن زايد" تشمل نقاشا حول إجراء "تعديل وزاري في حكومة الوحدة الوطنية بالاتفاق مع حفتر، تحت رعاية الإمارات، ضمن صفقة واسعة ترعاها أبوظبي منذ أشهر"، حسبما أوردت "القدس العربي". وتابع المصدر أنه من المحتمل أن يلتقي "الدبيبة" وفداً يمثل "حفتر" لمناقشة تفاصيل التعديل الوزاري في أبوظبي.

توافق الدبيبة - حفتر

ويشير تقدير "المركز الخليجي للتفكير" إلى تحول موقف الإمارات نحو "توزيع" علاقاتها السياسية في ليبيا، ويعود ذلك إلى الانتكاسات العسكرية لـ "حفتر" في النصف الأول من عام 2020، التي أثارت قلق الإمارات، وجعلتها تخشى من أن يؤدي الاعتماد حصريًا على "حفتر" إلى تهميش نفوذها في ليبيا.

كما ساهمت الضغوط الدولية المتزايدة على الإمارات من الأمم المتحدة والقوى الغربية الكبرى في تقليص دعمها العسكري لـ "حفتر"، خوفا من تشويه صورتها لدى حلفائها الغربيين.

وترى القيادة الإماراتية أيضا أن إقامة علاقات وثيقة مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية هي الوسيلة الأكثر فاعلية للتنافس مع روسيا وفرنسا ومصر في مرحلة إعادة الإعمار بعد الصراع في ليبيا، حسبما أورد تحليل لمنتدى الخليج الدولي.

وإزاء ذلك، فإن مستقبل ليبيا بات مرتبطا إلى حد كبير بمدى التوافق الذي يمكن للإمارات تحقيقه بين "الدبيبة" و"حفتر" تحت مظلتها.

ولذا تقدير "مركز التفكير الخليجي" أن تستمر الإمارات في دعم المسار السياسي لتوافق "الدبيبة – حفتر" وتوظيف قدراتها الإعلامية وأذرعها السياسية في تحقيق المزيد من المكاسب، مع إمكانية توظيف "حفتر" وقدراته العسكرية عند الحاجة، وإن كان بدرجة أقل.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

ليبيا الإمارات عبدالحميد الدبيبة خليفة حفتر طرابلس أبوظبي

ليبيا.. الدبيبة يحذر من مساعي تمديد المرحلة الانتقالية وتغيير هيئة الانتخابات