معهد دول الخليج: استجابة السعودية لزلزال سوريا تعكس تغيرات تنظيمية بجهودها الإغاثية 

الجمعة 17 فبراير 2023 03:40 م

اعتبرت الباحثة السياسية "إيمان الحسين" المتخصصة في الشؤون السعودية والخليجية، أن طريقة استجابة الرياض للزلزال الذي ضرب سوريا، تعكس تغييرات تنظيمية في جهود المملكة الإغاثية، تتماشي مع أجندتها الواسعة للتحول الاقتصادي.

وذكرت "الحسين" في تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" وترجمه الخليج الجديد، أن السعودية نجحت في توصيل المساعدات للمتضررين من الزلزال في كافة أنحاء سوريا سواء الواقعة تحت سيطرة نظام الرئيس "بشار الأسد" أم المعارضة.

وأشارت إلى أن الاستجابة السعودية المتواصلة لإغاثة سوريا، تسلط الضوء على تغير نهج المملكة تجاه المنظمات الخيرية، وهو قطاع شهد إعادة هيكلة واسعة النطاق على مدى السنوات القليلة الماضية لأسباب ودوافع داخلية وخارجية.

إعادة هيكلة

وأوضحت أنه غالبا ما كان يتم تسهيل جمع التبرعات في السعودية للإغاثة في حالات الكوارث ودعم البلدان التي مزقتها الحروب خارج إشراف الحكومة، بينما كانت المنظمات الحكومية في الوقت نفسه تقدم المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء العالم من خلال قنواتها الخاصة.

غير أن تعدد منصات التبرعات وافتقارها إلى رؤية موحدة أعاق في بعض الأحيان جهود السعودية لتحقيق أقصى استفادة من مساهماتها الخيرية، بما في ذلك فقدان إمكانات قوتها الناعمة في هذا المجال.

علاوة على ذلك، تعرضت المساعدات السعودية لرقابة دولية متزايدة، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، كما دفعت الهجمات التي ضربت المملكة بين عامي 2003 و2005، الرياض إلى تغيير نهجها في تقديم المساعدات، وبذل جهود متضافرة لمنع استخدام المساعدات الخيرية في تمويل الإرهاب.

وأعقب ذلك اتخاذ المملكة خطوات جادة لتنظيم المساعدات ومراقبتها، وتم إخضاع المنظمات الخيرية لمزيد من التدقيق. كما أثر التحرك نحو مركزية السلطة في السعودية على مدى السنوات الأخيرة على مشاركة المؤسسات الخيرية في المساعدة الإنسانية.

واستمر ذلك، حتى تأسس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في عام 2015 وأصبح الجهة الوحيدة المسؤولة عن تقديم المساعدات في جميع أنحاء العالم.

نهج متغير

بعد أنباء الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة حملة "سهم" عبر الإنترنت لجمع التبرعات للضحايا في البلدين، وجمعت الحملة أكثر من 90 مليون دولار في غضون أسبوع.

كما أقام المركز جسراً جوياً لتقديم المساعدات المستمرة، مع وصول الرحلات اليومية إلى أضنة. شارك الممثل السعودي وسفير مركز الملك "سلمان" للإغاثة فايز المالكي في جهود الإغاثة لتوثيق وبث التطورات على الأرض.

وتم نشر مقاطع فيديو لمتطوعين سعوديين يشاركون في هذا الجهد على وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع المشاركة؛ إذ تتيح بوابة مركز الملك سلمان الإلكترونية للمتطوعين الانضمام إلى برامج مختلفة داخل وخارج المملكة.

ووفق الحسين، فإن رؤية السعودية 2030 تؤكد على المشاركة المدنية والتطوع في هدفها الرامي إلى دمج الشباب في التحول الذي تشهده البلاد.

وذكرت أن توزيع المساعدات في سوريا كان قضية خلافية حتى قبل الزلازل بسبب عقد من الصراع والعقوبات الدولية والوضع الإنساني المسيّس.

إلى أن ذلك تراجع في أعقاب الدمار الهائل الذي لحق بالزلزال، رفضت حكومة الأسد السماح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.

غير أن مركز الملك سلمان للإغاثة تجاوز مداولات النظام من خلال إرسال قافلة إنسانية مبكرة إلى الجزء الذي يسيطر عليه المتمردون في شمال غرب سوريا عبر معبر الحمام (على الحدود السورية التركية)، متوجهين مباشرة من تركيا دون عبور أي منطقة تسيطر عليها الحكومة السورية.

بعد نجاح تسليم المساعدات على الأرض إلى شمال غرب سوريا، بدأت المملكة العربية السعودية في إرسال المساعدات إلى حلب التي تسيطر عليها الحكومة، والتي تضررت بشدة من الزلازل.

هبطت طائرات سعودية بمساعدة مركز الملك سلمان للإغاثة في مطار حلب في 14 فبراير/ شباط، في أول اتصال من هذا القبيل بين الجانبين منذ عام 2012، من أن قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.

وفي غضون ذلك، أفادت تقارير إعلامية سورية أن طائرة سعودية محملة بمواد إغاثة هبطت في دمشق.

ورأت المحللة أنه من المثير للاهتمام أن السعودية وضعت نفسها في وسط هذه الجهود الخليجية لتقديم المساعدات.

وأوضحت أن السعودية عملت بالتنسيق مع الآخرين في تركيا، ووزعت المساعدات على المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا (ومناطق أخرى)، مع عدم إعادة العلاقات الدبلوماسية أو تقديم اجتماعات لكبار المسؤولين السوريين.

المشاهير بدل رجال الدين

وأشارت الحسين إلي أن المساعدات الإنسانية ستظل ركيزة مهمة ومعترف بها للسياسة الخارجية لدول الخليج.

ولفتت إلى هذا النهج السعودي غير المشروط بشأن الإغاثة الإنسانية الطارئة يتناقض مع التركيز على شروط الدعم الاقتصادي والتحول نحو الاستثمار في البلدان التي تحتاج إلى مساعدة غير إنسانية، بدلاً من تقديم منح وإيداعات نقدية مباشرة.

وبينما تعهدت دول الخليج بتقديم المساعدة والدعم لكل من سوريا وتركيا، فإن كل دولة فعلت ذلك بشكل مختلف، مما يعكس الديناميكيات الإقليمية والجغرافيا السياسية.

وأضافت أن تحركات السعودية أظهرت تطبيق نهج المملكة الجديد للمساعدة، بعد سنوات من إعادة هيكلة القطاع الخيري.

وذكرت أن الجهود الإنسانية، التي كان يقودها ويعلن عنها رجال الدين، يقودها الآن مركز الملك سلمان للإغاثة، بدعم من المشاهير السعوديين ويتم بثه على الهواء مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

يتماشى نهج الدولة الجديد تجاه الجهود الإنسانية مع أجندة التحول الواسعة للمملكة، مما يسلط الضوء على مركزية القوة والتركيز على المشاركة المكثفة للسعوديين، ولا سيما الشباب والسكان.

المصدر | إيمان الحسين- معهد دول الخليج في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الجهود الإغاثية مركز الملك سلمان زلزلزال سوريا النظام السوري بشار الأسد رؤية المملكة

عدد قتلى زلزال تركيا يلامس الـ40 ألفا.. و4 دول خليجية تواصل جهود الإغاثة

تغير بموقف السعودية.. بن فرحان: الحوار مع الأسد بات ضروريا لمعالجة المسائل الإنسانية

هل تلحق السعودية بركب المطبعين مع نظام الأسد؟ (تحليل)

مساعدات الزلزال كشفت تغير موقف السعودية من الأسد.. وبن فرحان يزور دمشق قريبا

أكدت أن عزلها لا يجدي.. السعودية: من السابق لأوانه عودة سوريا إلى الجامعة العربية

برأها من دعم فصائل مسلحة.. الأسد: العلاقات السعودية السورية اتخذت منحى مختلفا

السعودية تقر ببدء مباحثات استئناف الخدمات القنصلية مع النظام السوري

تقارب مرتقب بين السعودية والنظام السوري.. هذه دوافعه