من الإلغاء إلى التوثيق.. قائمة المنقولات الزوجية تثير جدلا في مصر

الأحد 19 فبراير 2023 08:30 ص

بدأ الأمر بمُزحة عبر "فيسبوك" في أغسطس/آب الماضي: "مبروك يا شباب القايمة سقطت في مصر"، قبل أن تنتشر شائعات عدة وحديث عن أحكام قضائية تشير إلى أن تبديد قائمة المنقولات الزوجية "جريمة أسرية تنال من شيم الرجال وليست مخلة بالشرف".

ما يثار من جدل طُرفة ليس له أصل من الواقع، وليس هناك قانون بشأن هذا الأمر، بل ولم يُطرح من الأساس، لكنه ما يثار حاليا داخل أروقة مجلس النواب (البرلمان)، هو محاولة لـ"تقنين القائمة وتوثيقها في الشهر العقاري".

وقائمة المنقولات الزوجية عُرف معتمد في مصر، ولا ينتشر في البلاد العربية أو الأجنبية، وهذا العُرف يجري الاعتماد عليه لضمان حق المرأة وكتابة المنقولات التي تم شراؤها من قبل الطرفين، وهي تختلف من أسرة لأخرى.

والبعض يقوم بكتابة الذهب فيها بالجرام والبعض بالمقابل المادي، وهناك من يكتب الأجهزة الموجودة في المنزل والبعض يكتب كل شيء حتى ملاعق الطعام، وفي بعض الحالات تحدث خلافات كبيرة بين أسر الزوجين بسبب هذه القائمة.

وعلى مدار سنوات، كانت "قائمة المنقولات الزوجية" وترتيبات الزواج في مصر، من الموضوعات المثيرة للجدل، حيث يرى كل طرف أهمية الخروج منتصرًا في هذه المعركة.

من ناحية يرى الرجال أن أسرة العروس، عادة ما تشترط توقيعه على القائمة، بمبلغ أكبر من قيمة التجهيزات التي اشترتها، والتخوف من تحول الورقة إلى قيد، وتهديد دائم له بإمكانية تعرضه للحبس في حال نشوب خلاف بينهما مستقبلًا.

بينما ترى المرأة أن كتابة القائمة رمز للرجولة، وإشارة على أن الرجل "شاريها"، ثم يُطل السؤال: "ما الذي يُخيف الرجل من القائمة طالما أنه لا ينوي سوءًا؟".

وقبل أيام، تقدم النائب 60 نائبًا (أكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب) مشروع قانون بشأن توثيق قائمة المنقولات الزوجية ومهر الزوجة، في الشهر العقاري.

وانتظم مشروع القانون في (10) مواد تتلخص في أهمية توثيق قائمة منقولات الزوجية أمام أي جهة رسمية أو حتى أمام المحاكم، وأنه لا يعتد بها إلا إذا كانت موثقة ومصدق عليها أمام مصلحة الشهر العقارى.

ووضع مشروع القانون عددًا من العقوبات حال مخالفة أحكامه، حيث أقر بمعاقبة الزوج بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تقل عن 5000 جنيه (164 دولارا أمريكيا) ولا تزيد على 100 ألف جنيه (3281 دولارا أمريكيا) أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا قام بإتلاف منقولات الزوجية عمدًا.

وأثار مشروع القانون جدلا واسعا في الشارع المصري، بين مؤيد ومعارض.

تقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس "سامية خضر"، إن الزواج أساسه المودة والرحمة، ويجب أن يكون هناك ثقة بين الزوجين قبل التحدث في تفاصيل قائمة المنقولات الزوجية، لكن ما هو قائم بالفعل إلى حد ما، نجد أن هناك إشكالية خطيرة بين الأزواج وارتفاع نسبة الطلاق لتصل إلى حالة كل دقيقتين بسبب العديد من الخلافات، ومنها الخلافات الخاصة بقائمة المنقولات".

وتوضح أنه في ظل ارتفاع معدلات الطلاق وحالة العداء التي تحدث بين الأزواج، يُصبح توثيق قائمة المنقولات الزوجية أمرًا مهمًا حفاظًا على حقوق الزوجات.

وتشير "سامية خضر"، إلى أن قائمة المنقولات الزوجية تعامل معاملة إيصال الأمانة، ولكن من الممكن أن يتم الطعن بالتزوير وتضيع حقوق الزوجة، لكن في حالة التوثيق لا يستطيع الزوج أن يطعن بالتزوير، مضيفة أنه في حالة التوثيق يتم اختصار الوقت أمام القضاء وتحصل المرأة على حقوقها في وقت قصير مع ضمان عدم تبديل المنقولات الزوجية.

وتؤكد أستاذة علم الاجتماع، أنه لابد من تعظيم المبادئ بين الرجل والمرأة والرجوع إلى طبيعة الأسرة المصرية، مشيرة إلى أهمية دور الدولة في حماية حقوق المقبلين على الزواج، لأن هدم الأسرة يعني هدم المجتمع.

ومن جانبه، يقول المُحامي بالنقض والدستورية العليا سكرتير عام مفوضية الأمم المتحدة بالقاهرة "وائل نجم"، إن العُرف جرى على استعمال هذه المنقولات بين الزوجين وليس لحفظها، وبالتالي فهي ليست وديعة، فالزوج يتسلّم الشيء المُستعار لينتفع به.

ويضيف: "الهدف الأساسي هو استعمال الشيء لا حفظه، والتعديل الجديد ينُصْ على أنه إذا كان الانفصال راجعًا لإرادة الزوج فتستحق المرأة كامل القائمة على اعتباره مهرًا بعد الدخول بها، ونصف القائمة قبل الدخول بها، أما في حالة الخلع الذي يرجع لإرادة الزوجة فيسترد الزوج ما قام بتجهيزه في القائمة باعتباره مهرًا، أما ما قامت الزوجة بتجهيزه من مالها الخاص فهو حق أصيل لها؛ لأنه لا يأخذ حكم المهر".

ويستكمل "نجم"، أنه بخصوص المشغولات الذهبية من المفترض أن تكون في حيازة الزوجة، ولكنْ هناك أزواج يقومون ببيع الذهب لاستكمال معايش أخرى، أو لشراء أشياء أخرى؛ كسيارة لمواجهة التحديات في الحياة أو شقة للعيش فيها، فيكون الذهب استكمالا لباقي مبلغ، وقد يكون في بداية الزواج نفسه".

ويوضح أنه في حين قام الزوج بشراء دبلة ومحبس بعدد معين كجرامات مثلًا 20 جرامًا، ويتم كتابة 100 جرام في القائمة، وقد يكون المؤخر المتفق عليه مبلغًا كبيرًا، فلا يتم ذكره في قسيمة الزواج ويتم إضافته كذهب مضاف بقيمة أخرى.

ويزيد: "في حالة شراء 100 جرام ذهب تتم كتابة 200 جرام"، على الرغم من وجود بعض السيدات يأخذن الذهب ويلجأن للمحاكم للمطالبة به مرة أخرى.

ويوضح "نجم"، أنه عند توثيق قائمة المنقولات الزوجية في الشهر العقاري لا يتم الطعن فيها بالتزوير ولا تطيل أمد التقاضي، ولكن الوضع الحالي من الممكن أن يتم الطعن بالتزوير وتبديل المنقولات بأخرى مع بطء الحصول على الحكم.

ويطالب بأن يتم توثيق القائمة ومعاملتها معاملة التوكيل القضائي ولا تزيد رسوم توثيقها على 100 جنيه (3.28 دولار)، وضرورة وضع المصوغات الذهبية في القائمة لضمان حقوق المرأة وفي حالة تسلم الزوجة المصوغات يتم كتابة ورقة وتمضي عليها أنها قامت بتسلم مصوغاتها الذهبية.

ويستكمل أن يتم عمل قائمة ملاحقة بالقائمة التي يتم توثيقها في الشهر العقاري حتى يتم فيها التعديل في حالة شراء أجهزة أو منقولات زوجية جديدة يتم إضافتها.

في المقابل، يقول المحامي "محمود مسلم" إن توثيق قائمة المنقولات في الشهر العقاري، يتسبب في زيادة المشاكل بين الازواج، خاصة أن الأزواج في انتظار إلغاء النظر في دعاوى تبديد قائمة المنقولات أمام محكمة الجنح، نفاجأ بمشروع قانون لتوثيقها.

ويوضح أن "توثيق قائمة المنقولات يزيد من حالات الطلاق، ويدفع الكثير إلى الامتناع عن كتابة قائمة المنقولات في الأساس".

ويضيف: "قائمة المنقولات وهي عرفية تتسبب في حبس الزوج، فما بالك إذا تم توثيقها، فالمقترح في مجمله عواقبه وخيمة".

وتتفق معه المحامية بالنقض المتخصصة في الشأن الأسري "عبير حمدي"، وتقول إن "توثيق قائمة المنقولات الزوجية في الشهر العقاري، له إيجابيات وسلبيات، ولكني أرى أن السلبيات أكبر لأنه سيدفع الشباب إلى العزف بشكل أكبر عن الزواج".

وتضيف: "توثيق قائمة المنقولات الزوجية يوفر العديد من المشكلات الكبيرة التي تتعرض لها المرأة حال طلاقها من بينها الطعن في صحة قائمة المنقولات وإضاعة حق الزوجة".

وتابعت المحامية بالنقض: "في حالة طلب الزوجة الخلع يقوم الزوج برفع دعوى صورية لاسترداد قائمة المنقولات باعتبارها جزءا من المهر".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر زواج قائمة المنقولات القائمة توثيق

بعد افتتاحه.. مسجد شنودة يثير الجدل في مصر