استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأردن و«المخفي» في «الجرائم الإلكترونية»

الأحد 26 فبراير 2023 05:08 ص

الأردن و«المخفي» في «الجرائم الإلكترونية»

لا مانع من عقوبات رادعة بحق المنحرفين في التعبير أو المصرين على انتهاك حريات وكرامات الأفراد والمعلومات.

أضم صوتي علنا لدعاة التوسع بالتعويض المادي في حالات التشهير والذم والفبركة على حساب العقوبات الجزائية… هؤلاء يجب ردعهم.

غارقون في فوضى التعبير بالأردن، والسلطات تجتهد بالقيود، والمواطنون حائرون ومنصات التواصل تقصف بدون تصويب أو عيار كل ما يتحرك في مجتمع مغرق بالمشاكل.

*   *   *

الانشغال بتوفير طريقة أو ملاذ لمعالجة مشكلة فوضى التعبير على منصات التواصل الأردنية درجة مهنية باتت مطلوبة الى حد كبير لكنها خطوة في حال تشتت الانتباه وعدم التركيز يمكن أن تتحول ببساطة الى مقولة « كلام حق يراد به باطل» وفي أي وقت.

ليس سرا أن أزمة التعبير في الأردن اجتماعية وقانونية وأمنية وسياسية واقتصادية بكل المعايير. وليس سرا أن المجتمع قبل السلطة والدولة والحكومة عالق بسبب حالات الانفلات والتطبيق السيء لمضامين أفكار مثل المواطن المراسل أو الحق بالحصول على المعلومات. وبالتأكيد ليس سرا في المقابل أن المعنيين مباشرة برفع سوية حرية حقوق التعبير المصانة فرديا دوما عليهم أن يؤسسوا مساحة لقواعد اشتباك مهنية ويضعوا فلاترهم المنطقية حتى لا تحضر السلطة بحساباتها وتضع الفلاتر التي تناسبها.

مسألتان لا بد من التذكير بخطورة إسقاطهما من الحسابات عندما يتعلق الأمر بطبخة التعديلات الجديدة على قانون الجرائم الإلكترونية لنسخة معدلة تحاول ضبط إعدادات عملية التعبير.

المسألة الأولى تتمثل في ضرورة وأهمية الحرص دوما على أن لا توفر مظاهر الفوضى والانتهاك لحريات وكرامة الأفراد مساحة مقوننة لاحقا لضرب مفهوم ومنطق حرية التعبير الفردي، وأن لا تسعى السلطات لاستثمار بغيض لا طائل منه يفرض المزيد من القيود على حريات النشر والتعليق بدعوى وذريعة الانتهاكات اليومية والاعتداءات على كل مسافات التواصل ومساحات الفارق ما بين حق الإنسان وكرامته الفردية مقابل حق الجمهور في الإطلاع والمشاركة.

إذا برمجت السلطات تفكيرها وتعديلاتها على أساس فرض قيود وكتم حريات التعبير وانسياب المعلومات لن يفلح الأمر بشيء ولن تتوفر معالجة وطنية للمضمون والمحتوى.

المشرفون على الطبخة الجديدة عليهم الانتباه جيدا للفارق الأساسي ما بين حماية الأفراد والمجتمع والدولة والمصالح الجماعية عموما من الانتهاكات وما بين تكريس القناعة بتكميم الأفواه فقط وتنظيم المزيد من التعديلات القانونية السالبة للحريات.

المسألة الثانية، ونزعم أنها تخص المهنيين المحترفين وكل دعاة وجمهور الحقوق المدنية وهؤلاء عليهم واجب لأن التركيز على خطاب انسياب المعلومات وحقوق التعبير خصوصا عبر منصات التواصل ينبغي أن لا يتم على حساب إغفال حقائق واقعية على الأرض، وفي الميدان تقدم يوميا عشرات القرائن والأدلة أما على وجود ممارسات منحرفة فعلا تستغل أجواء الحريات العامة أو على صعيد غياب روادع قانونية وأخلاقية وقيمية تمنع انتهاك حقوق الآخرين أفرادا وكيانات بدعوة الحرص على حريات النشر والتعليق وإطلاقها على عواهنها.

أي عودة لمبدأ المسؤولية القانونية المباشرة سواء في قانون الجرائم الإلكترونية أو غيره ينبغي أن لا تكون وحدها في الساحة بل يرافقها تثقيف المجتمع والحرص على رفع سوية المحتوى لأن ثنائية الاستبداد والفساد يخدمها المحتوى السلبي السيء في أي مجتمع وليس العكس. ولأن مظاهر التسلط والاعتداء على حريات التعبير العامة يوفر لها المنحرفون في التعليق والنشر مساحات إضافية، في الواقع، محصنة وتخدمها.

وبالتالي واجب السلطة والشارع يطلب عملية متوازية ومتزنة تكرس مبدأ المسؤولية القانونية وتعزز في الوقت نفسه حصانة الحقوق في الحصول على المعلومات وترفع من قيمة وشأن تطوير المحتوى حتى عند الاعتراض والخلاف دون شخصنة المنطلقات والدوافع ودون السماح بنفس الوقت وبذريعة الحريات بانتهاك المنصات الاجتماعية لحقوق وكرامات الآخرين.

كنت شخصيا وما زلت من المؤمنين دوما بأن من يريد الحفاظ على حريته الشخصية في التعبير عليه احترام قواعد حرية وحقوق ومناطق الآخرين.

كنت وما زلت من غير المؤمنين إطلاقا بأن الاشتباك في النشر والإعلام والتعبير مسالة لا تعفي المشتبك من مسؤولية قانونية ليس فقط أخلاقية أو مهنية والكلمة المنشورة أو المنقولة وفي أي وسيلة تطارد صاحبها دوما وبرأيي الشخصي عبء إثبات المصداقية واحترام حقوق الآخرين والدقة على صاحب الكلمة وناشرها بعيدا عن الانتقاء المرضي المختل أو عن الشخصنة والافتراء والفبركة والاتهام بلا دليل.

قضايا الناس الشخصية والخاصة ينبغي أن تمنع منصات التواصل من التلصص عليها وتسليط الضوء عبر منابر الإعلام على مظاهر الفساد

والاستبداد والأخطاء مسألة تختلف عن التشويه والفربكة والاختلاق وأيضا عن الذم والقدح والتشهير.

وعلى القوانين الناظمة لحريات الإعلام أن توفر الأداة المناسبة لفهم هذا الاختلاف وتتبعه ومن يسعى لتحقيق حقه وحق الجمهور في الحصول على المعلومات مطالب قبل غيره بالحرص على دقة ما يقدمه من معلومات.

نقولها بصراحة واختصار: نعم غارقون في فوضى التعبير في الأردن، ونعم السلطات تجتهد فقط بالقيود، والمواطنون حائرون ومنصات التواصل تقصف بدون تصويب أو عيار كل ما يتحرك في مجتمع مغرق بالمشاكل والتحديات.

لا مانع من عقوبات رادعة بحق المنحرفين في التعبير أو المصرين على انتهاك حريات وكرامات الأفراد والمعلومات، وأضم صوتي علنا لدعاة التوسع بالتعويض المادي في حالات التشهير والذم والفبركة على حساب العقوبات الجزائية… هؤلاء يجب ردعهم.

*بسام البدارين إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأردن التشهير التواصل الاجتماعي الجرائم الإلكترونية المحتوى السلبي عقوبات جزائية انتهاك حريات التعويض المالي

تنديد حقوقي وشعبي.. قانون الجرائم الإلكترونية الأردني يثير جدلا واسعا