أقر مجلس النواب الأردني، تعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية كانت أثارت جدلا، واعتبر ناشطون وصحفيون، ومنظمات حقوقية، أنها "تحد" من حرية التعبير.
ويعاقب القانون الجديد في المادة 15 منه "كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية (..) تنطوي على أخبار كاذبة أو ذمّ أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقلّ عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف دينار (28.2 ألف دولار) ولا تزيد على 40 ألف دينار (56.4 ألف دولار)".
وحُددت "الأخبار الكاذبة" التي تستوجب العقوبة بتلك "التي تؤثر على السلم المجتمعي والأمن الوطني"، وخُفضت الغرامة لتصبح "لا تقل عن 5 آلاف دينار (7.06 آلاف دولار) ولا تزيد على 20 ألف دينار (28.2 ألف دولار)".
ولا تحتاج الملاحقة في هذه الجرائم الى تقديم شكوى، إذا كانت موجهة إلى سلطات الدولة أو هيئات رسمية أو موظف عام أثناء قيامه بوظيفته.
وتُجرّم المادة (16) "اغتيال الشخصية" معنويا بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وبدفع غرامة من 25 ألف دينار (35.2 ألف دولار) ويمكن أن تصل إلى 50 ألف دينار (70.4 ألف دولار).
وناقش مجلس النواب التعديلات في جلسة علنية، وخفّض العقوبة في بعض الحالات إلى نصف ما كانت عليه في مشروع القانون قبل أن يقرّه بالأغلبية.
وأُلغيت فقرة جدلية تنصّ على معاقبة "من قام بنشر أو تسجيل صورة أو مشهد أو فيديو دون إذن، وإن كان مصرحاً له بتسجيله أو التقاطه"، بالسجن ما لا يقل عن 3 أشهر ودفع غرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار) ولا تزيد عن 20 الفا (نحو 28.2 ألف دولار).
من جانبها، نشرت "هيومن رايتس ووتش" بيانا، قالت فيه إنها و"أكسس ناو"، و"أرتيكل 19"، و11 منظمة أخرى، تطالب الحكومة الأردنية بسحب قانون الجرائم الإلكترونية المقترح.
وحسب المنظمات الحقوقية، فـ"من شأن مشروع القانون أن يقوّض بشدة حرية التعبير على الإنترنت، ويهدد حق مستخدمي الإنترنت في إخفاء هويتهم، وإدخال هيئة جديدة للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي من شأنها تمهيد الطريق لطفرة مقلقة في الرقابة على الإنترنت".
كما عبرت المنظمات في البيان عن مخاوفها من أن مشروع القانون سيمكن السلطات من إجبار القضاة على إدانة المواطنين في معظم القضايا في الأردن، الذي قالت إن له سجلا حافلا من استخدام أحكام جنائية غامضة وفضفاضة للغاية لقمع حرية التعبير والتجمع.
وأضافت أن "مشروع القانون سيهدد الحقوق الرقمية، بما فيها حرية التعبير والحق في المعلومات، ولن يحقق في النهاية أهداف الحكومة الأردنية المعلنة المتمثلة في التصدي للأخبار الكاذبة، والكراهية، والقدح والذم على الإنترنت".
وتابعت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان: "بموجب المادة (24) من مشروع القانون، يواجه أي شخص ينشر أسماء أو صور مسؤولي إنفاذ القانون على الإنترنت، أو أي معلومات أو أخبار عنهم قد تكون مسيئة أو مؤذية بدون إذن مسبق، عقوبة السَّجن ثلاثة أشهر على الأقل وغرامة بين 5 آلاف دينار أردني (7.06 آلاف دولار) و25 ألف دينار أردني (35.2 ألف دولار)".
وطالب التحالف الحقوقي، البرلمان الأردني بسحب مشروع القانون.
14 منظمة من بينها @hrw_ar @accessnow و @article19org تحثّ حكومة #الأردن على سحب مشروع قانون الجرائم الإلكتروني المقترح. لماذا? 👇 https://t.co/OmJobVRIgS
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) July 25, 2023
1/2 #اسحب_قانون_الجرائم_الإلكترونية pic.twitter.com/1QFbKxXGSE
ووصل حيز التعليقات حول مشروع القانون إلى وزارة الخارجية الأمريكية، التي أثار تعليق ناقد صدر عن النائب المتحدث باسمها فيدانت باتيل، الثلاثاء، حفيظة أوساط نيابية ونقابية، إذ عبرت نقابة الصحفيين الأردنيين عما أسمته "رفض تدخل وزارة الخارجية الأمريكية في شأن وطني".
واعتبر المسؤول الأمريكي ردا على سؤال صحفي في الإحاطة الدورية للصحفيين، أن مشروع القانون "جاء مقيدا لحرية التعبير على الإنترنت وخارجه، وأن تعريفاته ومفاهيمه الغامضة يمكن أن تقوض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي المحلية وتقلل من الحيز المدني المتاح أمام عمل الصحفيين والمدونين".
في المقابل، عبرت نقابة الصحفيين الأردنيين عما أسمته "رفض تدخل وزارة الخارجية الأمريكية في شأن وطني".
بينما نفذ عشرات الصحفيين اعتصاما، الإثنين، أمام مبنى نقابة الصحفيين الأردنيين، وذلك احتجاجا على مشروع قانون الجرائم الالكترونية وللمطالبة بسحب المشروع من مجلس النواب.
وشارك مئات الأردنيين الجمعة بمسيرة احتجاجية وسط العاصمة عمان، للمطالبة بسحب القانون، الذي يرون أنه "تضييق للحريات" و"تكميم للأفواه".
ونظمت المسيرة التي انطلقت من أمام المسجد الحسيني بدعوة من عدة أحزاب ونقابات شعبية.
فيما قالت الأمينة العامة لحزب العمّال الأردني، رلى الحروب" "إنّ القانون الجديد سيكون سيفاً مسلّطاً على الحريات ووسائل الإعلام، مشيرةً إلى المصطلحات الفضفاضة الواردة في مشروع القانون، التي تتيح حبس أي مواطن أو صحافي حتى بسبب خطأ بسيط غير مقصود".
كما وقع مئات السياسيين والصحفيين الأسبوع الماضي بيانا يطالب بسحب مشروع القانون "الأشد تهديدا للحريات العامة والحريات الصحفية".
وعلى الصعيد الإلكتروني، اشتعلت حرب بين مدافعين عن مشروع قانون الجرائم الالكترونية ورافضين له.
وتحت وسم "قانون الجرائم حماية مجتمعية"، دافع أردنيون عن القانون إذ اعتبروه حماية للمجتمع، باعتبار أن الجرائم الإلكترونية أصبحت من أخطر الجرائم في الأردن، وتهدد الأطفال والشباب ويجب أن يكون لها رادع.
لا يخشى قانون مكافحة الجريمة إلا مجرم أو جاهل مغرر به
— زيد البلوي (@Z16aid) July 24, 2023
#قانون_الجرائم_حماية_مجتمعية
#المحترم_لا_يخشى_القانون pic.twitter.com/fNENS2lOPf
لا يستطيع احد من مرتادين مواقع التواصل الاجتماعي شتمك او تحقيرك او حتى الاستخفاف بك على أرض الواقع، بينما يطلقون العنان عبر الفضاء الإلكتروني بدون حسيب ولا رقيب.
— 🇯🇴Abdullah Almajali (@AbdullahAlmaja3) July 23, 2023
حان الوقت لردع الممارسات السلبية في مواقع تواصل المجتمع الأردني.
انا مع #قانون_الجرائم_حمايه_مجتمعيه
توضيح مهم لمن يعتبر #قانون_الجرائم_الالكترونية تكميم للافواه و الحريات
— Mohammad Majali🇯🇴🇯🇴 (@MajaliQMohammad) July 25, 2023
#قانون_الجرائم_حماية_مجتمعية pic.twitter.com/soPsch6JlH
قناعتي أن #قانون_الجرائم_حمايه_مجتمعيه
— SALAH (اخبرهم يا صلاح) (@salah5wq_1) July 26, 2023
مااستغرب ان بعض ممن اوكل لهم الدفاع عن القانون عبر احدى الفضائيات كان ومنذ ايام الربيع العربي من اكثر الناس جلدا للوطن واساءة له ولقيادته،وعندما تحققت له مكاسب اصبح ينظر وكانه بلا خطيئة
لن اثق بشخص كان يسيء للوطن واصبح الان ناصحا واعظا pic.twitter.com/HBfVaRLbeR
#قانون_الجرائم_حماية_مجتمعية و #المحترم_لا_يخشى_القانون pic.twitter.com/xlMOtHrXeB
— (الضَّاري..) (@Aldari_Almgbali) July 24, 2023
في المقابل، أطلق ناشطون حقوقيون وشخصيات عامة، حملة تحت عنوان "قانون الجرائم الإلكترونية جريمة"، و"قانون الجرائم الإلكترونية نعي للحريات".
قانون الجرائم الالكترونية الجديد في بعضه محبط وخطير، يكمم الافواه ويقيد الحريات وضد الاصلاح، الامة التي تشغل نفسها بعقاب المنتقدين وتتهاون مع الفاسدين مصيرها التخلف #عامر_الشوبكي
— عامر الشوبكي 🇯🇴amer shobaki (@amershowbaki) July 16, 2023
مجلس النواب يقر مشروع قانون الجرائم الإلكترونية
— معتصم ابو رمان محامي (@mutasemissa) July 27, 2023
فضيحة مدوية حصلت اليوم برفض تجريم المثليين#اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية#قانون_الجرائم_الإلكترونية_جريمة#قانون_الجرائم_الإلكترونية#الأردن pic.twitter.com/bm7UPpHIOD
حتى لا تمتلىء السجون بالمعبرين عن ارائهم ..#اسحبوا_قانون_الجرائم_الإلكترونية#قانون_الجرائم_الإلكترونية_جريمة#قانون_الجرائم_الإلكترونية_نعي_للحريات pic.twitter.com/6Mqpsg3e7L
— غيث العضايلة (@ghaithad) July 23, 2023
"رح نضل نطل ونحكي لأنه هذا الوطن وطننا"
— أنس الجمل (@Anas_A_Aljamal) July 21, 2023
احنا الوطن 🇯🇴♥️@alzoubi_ahmed #قانون_الجرائم_الالكترونية_جريمة pic.twitter.com/euVpC9CqpL
نعرفُ اللصوصَ واحداً واحداً. نعرفُ كيفَ تسرقون مرطةَ الخبزِ من بيوتنا. نعرفُ كيف تقتسمون بلادنا، كغنيمة فساد، وأين تبيعونَ رمالها وجمالها ومآلها. نعرفكم جميعاً. ولن تستكين لنا حناجر..#اسحبوا_قانون_الجرائم_الاليكترونية#قانون_الجرائم_الالكترونية_جريمة…
— باسل رفايعة Basil Alrafaih (@basilrafayeh) July 23, 2023
كما طالبوا بسحب القانون عبر وسم "اسحبوا قانون الجرائم الإلكترونية"، مشددين على أن القانون الجديد، "يساهم في التقليل من هوامش التعبير عن الرأي والحريات".
"أنا حاسس إن الموضوع دا فخ .... بيطلّعوا مسؤولين يستفزوا الناس، فالناس تخش تعترض، تقوم الحكومة تلم الغرامة"#اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية #قانون_الجرائم_الإلكترونية #قانون_قراقوش#جوشو pic.twitter.com/hkffrsbYCE
— Kefah Issa كفاح عيسى (@kefahi) July 28, 2023
"ناضل يا شعبي ناضل
— Propaganda - بروباغندا (@Propaganda_rm) July 28, 2023
طالب فلاح وعامل" #اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية
من مظاهرة اليوم رفضًا لقانون الجرائم الاكترونية في الاردن
“The struggle involves us all: students, peasants and workers”
From today’s protest against Jordan’s new cybercrime law
عن صفحة @rejectcyberlaw pic.twitter.com/XnjC0LF18P
لا لمشروع #قانون_الجرائم_الالكترونية#اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية#الأردن#فراس_الماسي pic.twitter.com/b8rz0MwbEr
— فراس الماسي | Firas Almasi 💎 (@FAlmasee2) July 28, 2023
-سب الذات الالهية؛ وفقاً للمادة 278من قانون العقوبات:
— احمد حسن الزعبي (@alzoubi_ahmed) July 23, 2023
يعاقب مدة *لا تزيد* عن ثلاثة اشهر وغرامة 20ديناراً" 😳😳
بينما عقوبة سب وتحقير أي مسؤول - وفقا هي:
"الحبس مدة *لا تقل* عن ثلاثة أشهر، وغرامة من 20 ألف دينار - 50 ألف دينار"🤫🫣😲 #اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية
قانون الجرائم الإلكترونية قانون عرفي واستئصال حرية التعبير بشكل مبالغ فيه..#اسحبوا_قانون_الجرائم_الالكترونية#اسحبوا_قانون_العار
— Sahel Kfaween (@sahel_rakan) July 28, 2023
معقول لايك يحبسني؟! pic.twitter.com/ZcATP7r0fU
تأتي هذه الخطوة من جانب الحكومة بعد أسابيع من حجب السلطات الأردنية موقع "الحدود" الساخر الذي تأسس عام 2013 ويقدم محتوى إعلاميا عربيا ساخرا.
ويوظف الموقع الكوميديا لتسليط الضوء على قضايا حساسة في الشرق الأوسط، خصوصا في ما يتعلق بقضايا السياسة والاقتصاد والدين والحقوق والحريات، إضافة للقضايا الاجتماعية التي تهم الشباب.
بينما لا يزال موقع تيك توك محجوبا من نهاية عام 2022، بحجة "سوء الاستخدام من قبل البعض".
وحُجب تطبيق تيك توك بعد احتجاج سائقي الشاحنات في الأردن على رفع أسعار المحروقات، واعتصامهم في مدينة معان جنوبي البلاد لمدة شهر تقريبا.
وكان تيك توك حينها متنفسا لنقل ما يجري والآراء الناقدة التي تتفادى وسائل الإعلام تغطيتها خوفا من المساءلة والمخاطر القانونية المترتبة عليها.
يشار إلى أنه في عام 2018، قرّرت الحكومة الأردنية السابقة برئاسة عمر الرزاز، الموافقة على مشروع قانون معدّل لقانون الجرائم الإلكترونيّة، وإرساله إلى مجلس النواب، للسير بإجراءات إقراره وفق القنوات الدستورية.
وقبل ذلك، اضطرت الحكومة حينها إلى سحبه، بناء على طلب المجلس، بعدما أثار انتقادًا واسعا في البلاد لما يحتويه من عقوبات مغلّظة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها تقييدًا للحريات.
وليصبح قانونا ساري المفعول، يحتاج المشروع المرور بمراحل دستورية، حيث تتم مناقشته من قبل البرلمان بشقّيه، وبعد التوافق عليه يرفع لعاهل البلاد، لإصدار مرسوم ملكيّ به، ثم إعلانه بالجريدة الرسمية.