المستقل الصادع بالحق.. من هو مفتي عمان أحمد بن حمد الخليلي؟ (بروفايل)

الأحد 26 فبراير 2023 07:47 ص

رجل شجاع صاحب موقف، وقامة علمية شجاعة غيور على أمته، لا يخاف في قول الحق أحدا من البشر، حتى إن خالف توجه دولته، لا يترك حدثا مهمًا تمر به الأمة إلا ويشارك فيه ويدلى برأيه فيه، خاصة قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى والتطبيع.

إنه مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي الذي ات يوصف في السلطنة بأنه الصوت الذي يصدح بالحق.

من هو الخليلي؟

ولد عام 1942 بجزيرة زنجبار حيث كان والده، وعاد إلى موطنه الأصلي عمان عام 1964، درس القرآن الكريم والعلوم الدينية والعربية في زنجبار وعمان على يد عدد من المشايخ.

عمل بعد وصوله إلى سلطنة عمان عام 1964 مدرسا للقرآن الكريم والعلوم الشرعية بولاية بهلا وسط عمان، ثم انتقل للتدريس بمسجد الخور بالعاصمة العمانية مسقط.

وفي عام 1974 عين مديرا للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة، ثم عين في عام 1975 مفتيا عاما للسلطنة بدرجة وزير.

وشغل الخليلي عدة مناصب منها، رئاسة مجلس إدارة مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية، والرئاسة الفخرية لكلية العلوم الشرعية، كما كان رئيسا للجنة المطبوعات بوزارة التراث والثقافة، وعضو مجلس أمناء جامعة نزوى بعمان.

وشغل عضوية مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعضو مؤسسة آل البيت "المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية" بالأردن، وعضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام أباد بباكستان، ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران.

كتب الكثير من الكتب في التفسير والعبادات والفتاوى، بالإضافة إلى تقديمه الكثير من المحاضرات والدروس في تفسير القرآن الكريم، وفي الفتاوى العامة.

من أعماله المنشورة: "جواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل"، و"الحق الدامغ"، و"الفتاوى"، و"فتاوي العقيدة"، و"شرح غاية المراد في نظم الاعتقاد"، و"الاستبداد مظاهره ومواجهته"، و"الحقيقة الدامغة"، و"اختلاف المطالع وأثره على اختلاف الأهلة".

شارك في عدد من البحوث العلمية في مؤتمرات وندوات متخصصة، طبع منها بحث بعنوان "أثر الاجتهاد والتجديد في تنمية المجتمعات الإسلامية"، وبحث "القيم الإسلامية ودورها في حل مشكلات البيئة"، وبحث بعنوان "البعد السياسي لأسباب الفقر"، و"زكاة الأنعام".

له مجموعة من الفتاوى المطولة تناقش قضايا مهمة طبع بعضها، كما نشرت له مجموعة من الحوارات والمحاضرات والخطب تتحدث عن "إعادة صياغة الأمة"، وعن "الدين والحياة"، و"وحي المنابر"، و"المواهب السنية في الخطب الجمعية"، بالإضافة إلى سلسلة من المحاضرات في العقيدة والفكر الإسلامي.

مواقف ثابتة

لا يترك الشيخ الخليلي شاردة أو واردة تتعلق بالمسلمين إلا وعلق وشارك وأخذ موقفا واضحا وصريحا مما يجري في ديار المسلمين أو ما يجري عليهم في ديار أخرى، بدءا من الهند ونيمار والصين ومرورا بأفغانستان وانتهاء بالعالم العربي.

مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية يشيد بها الجميع، حيث يعتبر الخليلي قضية فلسطين "ليست قضية قومية أو شعبية، وإنما هي قضية عقدية، إذ لا تتعلق باحتلال أرض فحسب، وإنما أهم شيء فيها هو احتلال مقدسات إسلامية أصيلة لها جذور في تأريخ النبوات".

يدعم المقاومة الفلسطينية أمام الاحتلال، ويرفض التطبيع العربي مع إسرائيل، وكثيرا ما أشاد بتصرفات الشعوب العربية المناهضة لإسرائيل، خاصة ما جرى خلال مونديال قطر 2022.

كان له موقف واضح ضد الإساءة الهندية للإسلام، مؤكدا أن "اجتراء الناطق باسم الحزب الحاكم في الهند على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وزوجته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، العام الماضي هو حرب على كل مسلم"، داعيا "المسلمين كلهم إلى قومة واحدة ليوقفوا هذا العدوان السافر على أمة الإسلام وعلى نبيها".

له موقفه الحازم الرافض للشذوذ الجنسي والترويج له، واعتبرها "شعارات أفحش رذيلة يأباها الشرع ويشمئز منها الطبع وتنفر منها الفطرة السوية".

كانت له دعوته الواضحة للسير على نهج تركيا التي تقوم بـ"تطهير" اقتصادها من الربا، معتبرا الفوائد البنكية "رجس لعن اللّٰه آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه".

كما كان له موقف واضح العام الماضي، من زيارة الراهب الهندوسي سادجورو، الذي يجوب العالم للترويج للإلحاد، وأعلن رفضها، مهاجما الإلحاد واعتبره أحد أكبر الأخطار التي تهدد العالم، مؤكداً أن مواجهة الإلحاد فرض على كل إنسان في عصر بات العلم فيه يحارب فكرة الإيمان.

كل هذه المواقف، دعت الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لتقديم طلب إلى الخليلي، لتولي منصب رئاسة الاتحاد، فيما لم يرد الأخير صراحة على الطلب، ولم يعرف موقفه حتى الآن.

تغريد خارج السرب

يجدر الإشارة إلى أن الكثير من هذه المواقف هو تغريد من الشيخ الخليلي خارد سرب السلطة في عمان، كما هو الحال مع الفوائد البنكية والتعاطي مع الملحدين.

أما الأكثر خلافا بين مفتي عمان والسلطنة هو القضية الفلسطينية وملف التطبيع مع إسرائيل.

ظهر ذلك جليا في بيانه الأخير الذي جدد خلاله الدعوة إلى دعم المقاومة الفلسطينية، فيما وصف بأنه ردا على إعلان هيئة الطيران المدني العمانية وإسرائيل، أن المجال الجوي للسلطنة سيكون مفتوحا أمام جميع الناقلات الجوية المدنية، في خطوة ستمكن شركات الطيران الإسرائيلية من استخدام ممر سعودي-عماني لاختصار أوقات الرحلات إلى آسيا.

ويخشى عمانيون أن تمهد هذه الخطوة لاستئناف العلاقات بشكل رسمي بين مسقط وتل أبيب، رغم أنهما لم توقعا اتفاق سلام، ولم تنضم السلطنة لـ"اتفاقات إبراهيم" بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، لكنها لم تعارضها.

هذا الموقف دفع الصحفي الإسرائيلي المثير للجدل إيدي كوهين، لوضع شرط اعتذار الخليلي لإسرائيل واليهود قبل الحديث عن سلام أو تطبيع بين دولة الاحتلال والسلطنة.

مواقف مستقلة

ووفقا لمراقبين فإن مواقف الشيخ الخليلي، توصف بالمواقف النادرة والجريئة في أوساط طبقة المفتين الرسميين، لأنها مستقلة عن خط الإفتاء الرسمي العربي، مستندين إلى حديث سابق للخليلي في مقابلة تلفزيونية قال فيها إن "الدين له استقلاليته".

وأشاد الخليلي في هذ المقابلة بالسلطنة التي "يحسب لها أنها تقدّر في عالم الدين رأيه وموقفه المستقل".

ويرجع المراقبون فكر الخليلي إلى تأثره بمدرسة "المنار" التي كان ناظرها الشيخ محمد رشيد رضا، وهي مدرسة تجمع بين الإصلاح الديني ومحاربة الخرافات، وبين الاهتمام بأحوال المسلمين وقضاياهم في كل أنحاء المعمورة.

يقول المراقبون إن الخليلي له منطلق واحد، وهو أن يبرئ ذمته أمام الله، وأن يقوم بواجبه باعتباره عالما عليه مسؤولية تجاه مجتمعه وأمته، قبل أن يؤكدوا أن "الخطاب الديني في عمان غير مسيّس، وليس جزءا من أدوات السياسة، حتى إن كانت لها تجليات سياسية أحيانا بحكم تقاطع الأحوال وتداخلها".

ويشير المراقبون إلى أن كل أحاديث الخليلي لا تتدخل في السياسة، ولا تحرض العمانيين على السلطة القائمة، والسلطة تعرف ذلك تماما.

ويضيف المراقبون أن "الشعب العماني يرى في الشيخ الخليلي الوالد والمربي والمرشد، ولا يزال العلمانيون في السلطنة قلة قليلة، لا تستطيع مواجهة الغالبية المتدينة بالفطرة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أحمد الخليلي الخليلي مفتي عمان التطبيع إسرائيل سلطنة عمان

جوتيريش: الصراع في السودان قد يمتد إلى المنطقة بأكملها وأبعد منها

مفتي عمان يدعو الأمة الإسلامية لدعم المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل