ياسين مهداوي- الخليج الجديد
على الرغم من تعهد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، خلال اجتماع العقبة الأمني، الأحد، بالعمل على وقف التصعيد، لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكدت لاحقا استمرار البناء الاستيطاني وعدم فرض أي قيود على عمليات الجيش في الضفة الغربية المحتلة.
إلى جانب هذا التنصل الإسرائيلي من تعهدات الاجتماع الخماسي، بمشاركة الولايات المتحدة والأردن ومصر، فإن "أخطر موجة عنف منذ سنوات" والتي نفذها عشرات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة مساء الأحد، تلقي بـ"ظلال من الشك على تعهدات العقبة"، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
واجتماع العقبة هو أول لقاء معلن بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ توقف مفاوضات السلام عام 2014؛ لرفض إسرائيل وقف الاستيطان والإفراج عن دفعة من المعتقلين الفلسطينيين والقبول بحدود ما قبل حرب 5 يونيو/حزيران 1967 أساسا لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
مخرجات العقبة
وفي ختام اجتماع العقبة، أكدت الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية "استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية لمدة 3-6 أشهر"، وفق بيان لوزارة الخارجية الأردنية.
ويشمل هذا التعهد التزام إسرائيل بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.
كما أكد الجانبان التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم، وجددا التشديد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف، مع اتفاق على عقد اجتماع جديد بمدينة شرم الشيخ المصرية في مارس/آذار المقبل.
ومنذ مطلع العام الجاري، تشهد الأراضي الفلسطينية توترا متصاعدا أسفر عن استشهاد 63 فلسطينيا برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، بينهم 11 خلال اقتحام مدينة نابلس (شمال) في 22 فبراير/شباط الجاري.
وردا على تلك الاعتداءات، ينفذ فلسطينيون عمليات إطلاق نار، لاسيما في القدس المحتلة، ما أودى إجمالا بحياة 10 إسرائيليين.
أول اختبار
وفي أول اختبار لاجتماع العقبة، استشهد شاب فلسطيني، مساء الأحد، وأصيب العشرات في اعتداءات نفذها مستوطنون والجيش الإسرائيلي في بلدات جنوبي نابلس بينها حوارة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
📷 متابعة صفا| بلدة حوارة الآن pic.twitter.com/h0BSMCS29r
— وكالة صفا (@SafaPs) February 26, 2023
وليلا، اقتحم عشرات المستوطنين بحماية من الجيش بلدة حوارة، ثم أحرقوا عددا من المنازل والسيارات والممتلكات على أطراف البلدة.
وقالت الرئاسة الفلسطينية، في بيان، إن "اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية تهدف إلى تدمير الجهود الدولية لمحاولة الخروج من الأزمة الراهنة".
وشددت على أن هذه "الاعتداءات أعمال إرهابية تجري بحماية من الجيش الإسرائيلي"، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية.
وفي وقت سابق الأحد، قُتل إسرائيليان إثر إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها قرب بلدة حوارة شمالي الضفة الغربية بعد أيام من قتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا في نابلس.
وفجر الإثنين، بحسب الوكالة، شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها لمحيط محافظة نابلس، عقب ليلة شهدت هجوم المستوطنين على بلدات حوارة وعصيرة القبلية وبورين، وسط انتشار مكثف لقوات الاحتلال في المنطقة.
لا تجميد للاستيطان
ونافيا صحة ما تردد عن موافقة تل أبيب في اجتماع العقبة على تجميد بناء المستوطنات، أعلن نتنياهو أنه "لن يكون هناك أي تجميد للاستيطان.. إجراءات البناء والتخطيط ستستمر حسب الجدول الزمني الأصلي ودون تغيير".
ويؤكد المجتمع الدولي أن أنشطة الاستيطان غير شرعية وتقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين.
In a major operational effort, we have thwarted an attack against Israel by the Iranian Quds Force & Shi'ite militias. I reiterate: Iran has no immunity anywhere. Our forces operate in every sector against the Iranian aggression. “If someone rises up to kill you, kill him first.”
— Benjamin Netanyahu - בנימין נתניהו (@netanyahu) August 24, 2019
وعقب مشاركته في اجتماع العقبة، أكد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أنه "خلافا للتقارير والتغريدات حول اجتماع الأردن، لا يوجد أي تغيير في سياسة إسرائيل"، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
Live update: After attending Aqaba summit, Hanegbi says there is ‘no building freeze’ in settlements https://t.co/wx3J9Fd9x3
— TOI ALERTS (@TOIAlerts) February 26, 2023
وأضاف هنغبي أنه خلال الأشهر القادمة ستقوم إسرائيل بشرعنة 9 بؤر استيطانية وستصادق على بناء 9500 وحدة سكنية في المستوطنات بالضفة الغربية.
وشدد على أنه "لا يوجد تجميد لأي بناء ولا أي تغيير على الوضع الراهن في الحرم القدسي (اقتحامات المستوطنين) ولا يوجد قيود على نشاط الجيش الإسرائيلي"، في إشارة إلى اقتحاماته المتكررة لمدن وبلدات فلسطينية بزعم ملاحقة مطلوبين أمنيا.
لا قيود على الجيش
كذلك قال وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، زعيم اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم: "لن يتم تجميد البناء الاستيطاني ولو ليوم واحد.. هذا ضمن مسؤولياتي".
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي "سيواصل التحرك بلا قيود لمكافحة الإرهاب" في الضفة الغربية، على حد زعمه.
ومعلقا على بيان اجتماع العقبة، قال سموتريتش، إنه "غير ضروري" و"ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا أو لم يتحدثوا عنه في الأردن".
أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير فاكتفى بالقول إن "ما حصل في الأردن سيبقى في الأردن".
מה שהיה בירדן (אם היה), יישאר בירדן.
— איתמר בן גביר (@itamarbengvir) February 26, 2023
وعامة يضغط بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، على الحكومة لتوسيع الاستيطان.
وسبق أن رفض بن غفير، في 14 فبراير/شباط الجاري، بيانا للولايات المتحدة ودول أوروبية اعتبر أن من شأن خطط إسرائيل لتوسيع الاستيطان "تصعيد التوتر وتقويض جهود حل الدولتين".
الأخطر منذ سنوات
"الوضع على الأرض ألقى بظلال من الشك على الالتزامات" المعنلة في اجتماع العقبة.. بهذا التقييم تحدثت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن أعمال العنف والشغب التي ارتكبها عشرات المستوطنين في الضفة الغربية مساء الأحد.
وأضافت الصحيفة أن أعمال العنف هذه ألقت بظلالها على اجتماع العقبة، وعكست مدى التصعيد الذي تغذيه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، والتي دعت صراحة إلى استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين.
ومنذ سنوات، يشهد شهر رمضان تصعيدا للتوتر جراء تضييقات إسرائيل على المصلين في المسجد الأقصى والقدس الشرقية عامة، بالإضافة إلى اقتحامات المستوطنين للمسجد في حماية الشرطة الإسرائيلية.
وهذا العام ربما يكون الوضع أخطر، إذ يتزامن رمضان (بعد أقل من شهر) مع عطلة عيد الفصح اليهودية التي تستمر أسبوعا، بحسب "بوليتيكو"، ومن المتوقع أن يتدفق المصلون المسلمون واليهود إلى البلدة القديمة في القدس، و"التي غالبا ما تكون نقطة اشتعال للعنف بين الجانبين".
في النهاية، فإنه مع تمسك المسؤولين الإسرائيليين بعدم وقف الاستيطان أو فرض قيود على ممارسات الجيش في الضفة الغربية، بالإضافة إلى التساهل مع اعتداءات المستوطنين، فإن حكومة نتنياهو على ما يبدو، وفق مراقبين، أطلقت الرصاص على تعهدات اجتماع العقبة، ما ينذر بتفجر الأوضاع في أي لحظة، لاسيما مع اقتراب رمضان.