هل يمكن أن تكون التكنولوجيا ركيزة جديدة لعلاقات الرياض وواشنطن؟

الخميس 2 مارس 2023 06:45 م

"الركيزتان التقليديتان للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في القرن العشرين، كانت الطاقة والأمن، وهو ما كان يعكس تطور قوة السعودية، إلا أن الوقت حان للتفكير في مجالات أخرى إضافية".

بهذه العبارات، قدم الكاتب محمد سليمان مقاله المنشور في موقع معهد الشرق الأوسط، والذي رأى فيه أنه بات على الرياض وواشنطن التفكير فيما ورائهما، لاستكشاف الفرص والتصدي للتحديات الحرجة في مجالات مثل التكنولوجيا والإنترنت، والتي يمكن أن تعزز في نهاية المطاف علاقاتهما الاستراتيجية للقرن الحادي والعشرين.

وأعطت أسعار النفط المرتفعة السعودية عائدات إضافية كبيرة، تنفقها الرياض على برامجها الطموحة للغاية للتحول الاقتصادي والرقمي يمكن أن تجعلها مركزًا عالميًا للسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتمويل والتكنولوجيا المالية والترفيه وريادة الأعمال والسيارات الكهربائية والصناعات التقنية (مثل الحوسبة السحابية والبرمجيات والذكاء الاصطناعي).

ونظرًا لأن السعودية تأمل في أن تصبح قوة اقتصادية قائمة على المعرفة، فإن الرياض تتطلع بشكل متزايد إلى تلبية احتياجاتها التكنولوجية ومصدر المدخلات الاقتصادية الرئيسية من خلال شراكات مع دول مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وغيرها.

ومع هذا التركيز السعودي على آسيا، يرى الكاتب أنه يجب على صانعي السياسة الخارجية الأمريكيين إعادة النظر وتعديل نهج الولايات المتحدة في علاقتها الثنائية مع السعودية أيضًا بعيدا عن التركيز الضيق للعلاقة على الطاقة والمصالح الأمنية لأن في هذا التركيز تجاهل لتوسيع حدود احتياجات وطموحات السعودية.

ويضيف الكاتب "يجب أن تفهم الولايات المتحدة، أنه كجزء من محاولة الرياض لتصبح قوة اقتصادية قائمة على المعرفة ومركزًا عالميًا للسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتمويل والتكنولوجيا المالية والترفيه وما وراء ذلك، فقد غيرت القيادة السعودية أيضًا طريقة رؤيتها لمكانة المملكة في الجغرافيا السياسية".

وفي ذات السياق، يجب على الولايات المتحدة أن تفهم أنه في حين أن المملكة منفتحة حقًا على الشراكة مع الصين في مختلف المجالات، فإن هذا لا يعني أنها تريد التحالف مع الصين ضد الغرب.

ويحذر الكاتب من أنه سيكون من الصعب تحقيق علاقة فعالة، ما لم تبدأ القيادة الأمريكية في الاقتراب من السعودية كشريك حقيقي وليس مجرد قناة لأهداف السياسة الخارجية الأمريكية.

ويشير أن الولايات المتحدة والإمارات وقعتا في 2022 بيانًا مشتركًا بشأن تدفقات البيانات عبر الحدود، بما يتوافق مع نهج مشترك فيما يتعلق بسياسة البيانات.

وتركز الاتفاقية على حماية مصالح المواطنين ضمن نظام التشغيل البيني.  ويرى المقال أن توسيع هذا الإطار الثنائي إلى هيكل إقليمي أوسع هو ركيزة حيوية لاستراتيجية شاملة ضد صعود الصين في سباق التكنولوجيا العالمي.

ووفقا للكاتب، تتمثل نقطة الانطلاق المحتملة لتعاون تقني أكبر بين الولايات المتحدة والسعودية في بناء إطار عمل لتبادل البيانات بين البلدين. ويرى أن جمع المسؤولين الأمريكيين والسعوديين معًا لتنسيق سياسة البيانات الثنائية ومعالجة الحواجز التنظيمية أمام التعاون هو في مصلحة كلا الطرفين.

ويؤكد الكاتب أنه لا ينبغي أن تطغى التوترات الأخيرة بين الرياض وواشنطن على الحوار التكنولوجي بشأن سياسة الطاقة. في محاولة لتعزيز الامتداد الاستراتيجي للولايات المتحدة في غرب آسيا المتطور، ويجب أن تواجه الشراكة الأمريكية السعودية عجز الثقة.

وأكثر من ذلك، يرى الكاتب أن التعاون التكنولوجي هو أهم وسيلة لإصلاح الثقة وتعزيز التعاون طويل الأجل، وإن تعزيز الحوار التكنولوجي لن يساعد فقط في تحسين الوضع السعودي الأمريكي، لكنه سيؤكد أيضًا على مكانة الولايات المتحدة كشريك موثوق في التحول الرقمي للمملكة.

وستضع الولايات المتحدة نفسها في موقع مركزي في النظام البيئي الإقليمي للتكنولوجيا في الشرق الأوسط، وهو ما سيمكّن واشنطن من الاستفادة منه في صراعها العالمي مع بكين.

وبشكل عملي، لإظهار نظام قابل للتشغيل البيني للتبادل التكنولوجي، يجب أن يكون هناك فهم لكيفية تعامل الشركات والمؤسسات الأمريكية والسعودية مع البيانات المشتركة.

ومن شأن "اتفاق البيانات"، على غرار ذلك الموجود بين الولايات المتحدة والإمارات، أن يخلق الثقة في التبادلات المستقبلية ويسمح بفهم أعمق لمجالات التركيز بين السعودية والولايات المتحدة في الشراكة الرقمية وسيفتح الباب أمام الشمول الرقمي والمالي، والتبادل التجاري، وسلاسل التوريد الرقمية.

وحول مزيد من الاستفادة، يؤكد الكاتب أنه من شأن الشراكة الرقمية بين الولايات المتحدة والسعودية أن تسهل أيضًا إحراز تقدم في العلاقات الأمنية الثنائية حيث برزت الحرب الإلكترونية كمعيار جديد يؤثر على المخاوف الأمنية الإقليمية.

ويعد تأمين دور السعودية باعتبارها الشريك الأول في الأمن السيبراني للجهات الفاعلة الإقليمية عنصرًا في منافسة القوى العظمى التي يجب على الولايات المتحدة تحديدها كأولوية. وتشكل مواجهة هذا التهديد أولوية لإدارة الولايات المتحدة التي تهدف إلى الحفاظ على توازن القوى الإقليمي متماشياً مع مصالحها الإستراتيجية.

مع ذلك يرى الكاتب أن الحوار التقني مهم لواشنطن في خطتها لعزل الصين والتوافق حول رؤية متبادلة المنفعة لعلاقة تقنية بين الولايات المتحدة والسعودية ليس أمرا مرغوبًا فقط ولكنه ضروري أيضًا لتحقيق مصالح البلدين.

المصدر | محمد سليمان/ معهد الشرق الأوسط – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الطاقة الأمن التكنولوجيا الشراكة الرقمية الصين السعودية