ذكرى الغزو الـ20.. إيران لا تزال القوة الأجنبية الرئيسية في العراق

الأحد 19 مارس 2023 06:10 م

اعتبرت المحللة الأمريكية وخبيرة الشؤون الخارجية، باربرا سلافين، أنه بالتزامن مع الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق، فإن إيران لا تزال هي القوة الأجنبية الرئيسية في الدولة العربية التي تمتلك خامس أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم.

ورأت سلافين، في تحليل نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، وترجمه "الخليج الجديد"، أنه لو كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قد لجأت إلى خيار آخر غير غزو العراق لكان هناك الآلاف من الجنود الأمريكيين والعراقيين على قيد الحياة الآن.

وأضافت أنه كان من المحتمل، وفقا لأي خيار غير الغزو الأمريكي للعراق، ألا تظهر الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروف باسم داعش)، كما كان من الممكن أن تظهر حركات الربيع العربي في عام 2011 بشكل مختلف.

تسليم لإيران

وذكرت أنه من بين أكثر العواقب الاستراتيجية السلبية والمثيرة للسخرية أن الغزو الأمريكي للعراق تسبب في القضاء على عدو قديم هو صدام حسين، الذي كان نظامه آخذ في التضاؤل، بينما ساعد في تمكين خصم أمريكي آخر أكثر قوة هو إيران.

ولفتت إلى أن الغزو الأمريكي للعراق هو الذي أسس الرابط الحيوي في "الهلال الشيعي" اليوم من إيران والعراق وسوريا ولبنان.

وبينت المحللة الأمريكية أن إيران استغلت فوضى حرب العراق لتوسيع نفوذها، واعتمدت في ذلك على العلاقات الدينية والإثنية القديمة، بالإضافة إلى استمالة الشيعة والأكراد العراقيين الذين كان صدام يستهدفهم.

وأوضحت أنه في حين أن العديد من العراقيين يستاؤون من التأثير والنفوذ الإيراني في بلادهم، لكنه في الوقت ذاته فشلوا في تقليله.

وقالت إن العديد من العراقيين الذين اعتمدت عليهم إدارة بوش لتأسيس مرحلة ما بعد صدام، إما عاشوا في إيران أو كان حلفاء لها خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).

وأشارت إلى أن آخرين مثل أحمد الجلبي (زعيم المؤتمر الوطني العراقي الذي قاد معارضة حكم صدام)، كانوا انتهازيون وعملاء لإيران، معقبة أن الجلبي (توفي عام 2015) لم يكن العراقي الوحيد الذي كان يحظى بدعم أمريكي وبالرغم من ذلك غازل إيران.

وذكرت أن مجموعات مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، والذي أعيد تسميته لاحقا بالمجلس الأعلى الإسلامي لكي يتجنب أن يبدو إيرانيا بشكل كبير، حظيت بحفاوة في واشنطن، وجزء من تحالف الشتات الذي دفع باتجاه الغزو الأمريكي.

وأضافت المحللة أن ميليشيات المجلس المدربة من قبل إيران، وهي "فيلق بدر"، سارعت إلى عبور الحدود من إيران إلى العراق في مارس/آذار 2003.

فيلق بدر أصبح فيما بعد العمود الفقري للمؤسسة الأمنية العراقية الجديدة بعد أن فككت الولايات المتحدة ما تبقى من الجيش الوطني العراقي، فيما ظهرت ميليشيات أخرى في السنوات العشرين الماضية مع تلقي العديد منها تمويلًا وتدريبًا من إيران، يقول التحليل.

وفي حين أن هذه المليشيات عملت بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة لطرد مقاتلي تنظيم "الدولة" من شمال العراق بين عامي 2014 و2015، فإن العديد من هذه الجماعات تعمل الآن كمبتزين لحماية السياسيين البارزين، حيث تقوم باختطاف أو قتل خصومها والمطالبة بمبالغ مالية من الشركات الخاصة.

وقالت المحللة الأمريكية إنه بالطبع، كان هناك وطنيون عراقيون شجعان حاولوا وضع العراق على مسار أكثر استقلالية وأقل فسادا. يتبادر إلى الذهن نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الأسبق علي علاوي، والرئيس الأسبق برهم صالح.

كما كان لرئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي سمعة طيبة نسبيًا على الرغم من تلويثها بتهم تعذيب السجناء الذين تم القبض عليهم في حملة لمكافحة الفساد.

وهناك شخصية أخرى مثيرة للاهتمام هي شخصية مقتدى الصدر، سليل عائلة رجال الدين الشيعية العريقة، الذي نصب نفسه على أنه قومي يمكنه الوقوف في وجه كل من الولايات المتحدة وإيران.

ولكن لسوء الحظ، فوت فرصة كبيرة بعد انتخابات 2021 التي حصل فيها حزبه على عدد من المقاعد، بعد قيامه بسحب نوابه من البرلمان بعد عدم تمكنه من تشكيل الائتلاف الحاكم.

تراجع أمريكي

في غضون ذلك، تقلص دور الولايات المتحدة في البلاد، مع انسحاب معظم القوات الأمريكية بعد أن اغتالت إدارة دونالد ترامب، "بتهور"، قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، وقائد الميليشيا العراقية أبو مهدي المهندس في أوائل عام 2020 بالقرب من مطار بغداد.

ولا تزال لشركات النفط الأمريكية وجود في العراق، وهناك جهود لتشجيع الاستثمارات الإضافية والعلاقات بين الناس.

لكن لا يزال الأمريكيون عرضة لخطر هجمات الميليشيات، لا سيما في الوقت الذي تكون فيه العلاقات الأمريكية الإيرانية مشحونة؛ بسبب الفشل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وقمع إيران للاحتجاجات المحلية، وتوفير طائرات بدون طيار إلى جانب أسلحة أخرى لروسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا.

واعتبرت أن أحد المصادر الرئيسية للقلق الأمريكي كان استخدام إيران للعراق لغسيل الأموال من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران.

وذهبت إدارة الرئيس الأمريكي من أجل تجنب ذلك إلى حد تقييد وصول العراق إلى عائداته النفطية، وهو جهد ساهم في انخفاض قيمة العملة العراقية وارتفاع التضخم.

كما استخدمت إيران العراق لتهريب نفطها الذي أعيدت تسميته على أنه عراقي، وتستفيد طهران من رحلات الحجاج الدينيين الإيرانيين إلى مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة للوصول إلى العملة الصعبة.

وفي غضون ذلك، يواصل العراق أيضًا الاعتماد على إيران في الغاز الطبيعي؛ لإنتاج الكهرباء على الرغم من مكانة العراق كمنتج رئيسي للوقود الأحفوري.

ولفتت المحللة الأمريكية إلى أن بعثة إيران في الأمم المتحدة قالت في تصريحات لمجلة "نيوزويك" في فبراير/ شباط 2023، أن طهران لا تجد داعٍ للقلق من تغيير النظام هناك أو سقوطه.. فالولايات المتحدة ساعدت إيران عن غير قصد من خلال العدوان على العراق وأفغانستان، ليبيا، ودعم عدم الاستقرار في سوريا.

وذكرت أن البعثة قالت إن "الخطوات الأمريكية المذكورة دفعت حتى معارضي الحكومة في طهران إلى الاستنتاج بأن الوضع الحالي أفضل من عدم الاستقرار بعد أن شهدوا الأوضاع في هذه الدول".

المصدر | باربرا سلافين/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ذكرى غزو العراق إيران صدام حسين احتلال العراق غزو العراق

20 عاما على الغزو الأمريكي.. ماذا تغير في العراق؟

حصاد الطائفية والفساد.. العراق "ديكتاتورية بدون ديكتاتور" بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي

ميدل إيست مونيتور: غزو العراق أضر أمريكا وخدم إيران وأنعش روسيا وأنهك الشرق الأوسط

طارق الهاشمي لـ"الخليج الجديد": العراق بحاجة لنظام ليس كالحالي ولا السابق (1/2)

السوداني يكشف عن اجتماع لتحديد شكل علاقة العراق مع قوات التحالف الدولي