ماذا بعد تجميد نتنياهو التعديلات القضائية؟.. خبراء يجيبون

الأربعاء 29 مارس 2023 11:31 ص

توقع دبلوماسيون وخبراء تصاعد الأزمة السياسية في الدولة العبرية، رغم إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجميد التعديلات القضائية المثيرة للجدل، والتي تسببت في موجة من الاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية.

وفي تقرير لمعهد "أتلانتيك"، ترجمه "الخليج الجديد"، رد الخبراء على الأسئلة الصعبة في إسرائيل حاليا، وهو ماذا بعد تجميد التعديلات؟، وما هو مصير الديموقراطية في البلاد؟، وما مصير الحكومة في ظل انقسام واسع بين الائتلاف الحاكم؟، وهل ستتوقف الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع؟.

ويعتبر قرار نتنياهو تجميد آلية إقرار التعديلات القضائية تحولاً دراماتيكياً، خصوصاً وأنه أعلن قبلها بيوم فقط إقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، بعد أن دعا إلى الخطوة ذاتها.

وأثارت إقالة جالانت احتجاجات واسعة، وموجة من الإضرابات التي عطلت الحركة الجوية في مطار بن جوريون، وعدد من المواني والمستشفيات والمدارس.

معضلة نتنياهو

يقول دانيال ب. شابيرو، السفير السابق للولايات المتحدة في إسرائيل، إن نتنياهو يواجه الآن معضلة.

ويضيف: "من الواضح أن التشريع لا يمكن أن يتقدم، وفي أحسن الأحوال، يمكنه العودة إليه في غضون أسابيع قليلة ومحاولة التفاوض على نسخة مخففة وأكثر توافقًا للإصلاح القضائي".

ويشير شابيرو، إلى أن الأزمة تتصاعد بعدما بدأ بعض أعضاء الحكومة والائتلاف الحاكم وقاعدته السياسية والشعبية، يشعرون الآن بالتخلي عنهم، وربما يحتجون على القرار.

وتتفق معه أليسا بافيا، المديرة المشاركة لبرنامج شمال أفريقيا في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط، التي تقول إنه "حتى بعد تأجيل نتنياهو للقانون المثير للجدل في محاولة لحفظ ماء الوجه، من غير المرجح أن تهدأ الاحتجاجات".

وتضيف: "هذه الحركة ليست ضد الإصلاح القضائي فحسب، بل هي أيضًا احتجاج جماهيري ضد نتنياهو نفسه، الذي حرض منذ توليه منصبه على العنف في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين، ورشح متطرفين في حكومته".

وتتابع: "تسبب نتنياهو في غضب عامة الناس، ونشهد اليوم نتائج ذلك".

وتشير بافيا إلى أنه على الرغم من أن حزبه الليكود فاز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات العامة الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لا تزال هناك أغلبية كبيرة تعارض نتنياهو في البلاد.

وتزيد: "مع منع المغادرين في مطار إسرائيل الرئيسي، وإضراب السفارات، واندلاع ثورة جماهيرية، ليس أمام نتنياهو خيار سوى الاستقالة، كما يجب على (الرئيس الأمريكي جو) بايدن توضيح ما إذا كان يدعم المحتجين الدائمين الذين يطالبون بإنهاء عهد نتنياهو أو ما إذا كان يريد التوصل إلى حل وسط".

واستطرد بالقول: "مع احتجاج ما يقرب من 7% من سكان إسرائيل، وإضراب احتياطي الجيش الإسرائيلي، فهذا ليس وقت التسوية، فنتنياهو بحاجة إلى التنحي".

والثلاثاء، جدد بايدن أمله في أن يتراجع نتنياهو عن قانون التعديلات القضائية، قبل أن يرد الأخير عليه قائلا إن "إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها وفقا لإرادة شعبها وليس استنادا إلى الضغوط من الخارج؛ بما في ذلك أفضل الأصدقاء".

حل وسط

أما ديفيد داوود، وهو زميل غير مقيم في برامج الشرق الأوسط، فيتوقع أنه حتى أواخر يوليو/تموز المقبل، سوف تتفاوض الحكومة مع المعارضة على تشريع حل وسط من شأنه أن يكرس الأعراف الليبرالية الإسرائيلية - المضمنة في إعلان الاستقلال وعقود من الفقه - في القانون الدستوري وتوازن بين الرقابة على سلطة القضاء

ويضيف: "حينها تكون الأزمة قد تحولت إلى فرصة".

قبل أن يحذر بالقول: "ولكن إذا مرت عملية الإصلاح دون تغيير، فسيكون التأثير على إسرائيل قاسياً، عبر شل الديمقراطية الإسرائيلية؛ ما يؤدي بشكل فعّال إلى الاستبداد".

ويتابع: "لكن الضرر الذي سوف يلحق بإسرائيل سيكون أوسع، حيث ستتعمق الانقسامات المجتمعية وتتسع، لا سيما استياء الأغلبية العلمانية تجاه الأرثوذكس المتطرفين الذين يرفضون الخدمة في الجيش، أو الالتحاق بالقوى العاملة، أو تدريس المناهج الدراسية الأساسية في مدارسهم".

ويزيد داوود: "سيرفض المزيد من الإسرائيليين الإبلاغ عن الخدمة الاحتياطية، لشعورهم بأن حكومتهم فشلت في الحفاظ على الالتزام بالديمقراطية الضروري للحفاظ على جيش شعبي، ما سيعطي فرصة مغرية للغاية بالنسبة لأعداء إسرائيل الكثيرين للانقضاض عليها".

ويستطرد: "كما سيعاني الاقتصاد، ويكاد يكون هروب رأس المال البشري، ولا سيما من قطاع التكنولوجيا الفائقة الحيوي مضمونًا؛ ما سيدفع المستمثرين الأجانب للانسحاب".

ويلفت إلى أن كل هذه ستثبت أن "إسرائيل غير المستقرة وغير الآمنة ديمقراطيا، وأنها شريك دبلوماسي غير مرغوب فيه"، متوقعا أن تخفض الدول العربية التي أقامت إسرائيل معها علاقات مؤخرًا علاقاتها.

وأوضح: "الأهم من ذلك، أن علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة، القائمة على المنفعة المتبادلة ولكن المدعومة بقيم مشتركة، يمكن توقع تغييرها وإلى الأسوأ".

أما ريتشارد ليبارون، نائب رئيس البعثة الدبلوماسية السابق في السفارة الأمريكية في إسرائيل، فيصف ما جرى في إسرائيل بأنه انتصار للمتظاهرين وترنح لحكومة نتنياهو.

ويضيف: "من المرجح أن تزيد العناصر اليمينية في حكومة نتنياهو الأمور سوءا من خلال شن احتجاجاتهم الخاصة ضد المحتجين".

وبيّن أن "من غير المرجح أن يؤدي تجميد النظر في مشروع القانون إلى تمهيد الطريق لحوار مفيد حول الإصلاحات المناسبة".

ويزيد ليبارون: "سيحتاج أصدقاء إسرائيل، وخاصة الولايات المتحدة، إلى إعادة التأكيد باستمرار على الحاجة إلى حوار حقيقي، ويجب أن يستمروا في تجنب المتطرفين في مواقع القوة في إسرائيل".

ويختتم حديثه بالقول: "غالبًا ما يتحدث القادة الأمريكيون والإسرائيليون عن القيم المشتركة، لقد حان الوقت الآن للتأكد من أن الإجراءات التي يتخذها الجانبان تستند إلى تلك القيم".

والأربعاء، أعلن مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، أن المفاوضات بين أحزاب الغالبية والمعارضة بشأن خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل ستستمر اليوم، بعد لقاء أول جرى "بروح إيجابية"، الثلاثاء.

وعقد "لقاء الحوار" الأول هذا في مقر إقامة هرتسوج في القدس بين "فرق العمل التي تمثل الائتلاف الحاكم"، وحزبي المعارضة "يش عتيد" (هناك مستقبل)، وحزب الوحدة الوطنية، كما ورد في البيان.

وكان زعيما الحزبين الوسطيين في إسرائيل على التوالي يائير لابيد وبيني جانتس أعلنا، الإثنين، استعدادهما للحوار مع الغالبية برعاية هرتسوج.

قبيل ذلك، أعلن نتنياهو أنه "قرر وقف" دراسة مشروع الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي يسبب انقساماً في البلاد؛ من أجل إعطاء "فرصة لحوار حقيقي" بهدف اعتماد نص يتوافق أكبر خلال الدورة البرلمانية الصيفية التي تبدأ في 30 أبريل/نيسان.

وسبق الإعلان عن تعليق النظر في مشروع القانون في البرلمان، مفاوضات طويلة بين نتنياهو وشركائه اليمينيين المتطرفين، بينهم وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الذي هدد، بحسب وسائل الإعلام  الصحافة، بمغادرة الحكومة في حال تعليق الإصلاح.

وأعلن حزب بن غفير توقيع اتفاق بين الرجلين يمنح وزير الأمن موافقة على إنشاء "حرس وطني" مدني تحت سلطته، لكن لم ترد تفاصيل بشأنه حتى الآن.

وقوبل إعلان نتنياهو عن "وقف" الخطة بعد بدء إضراب عام وخلافات داخل الغالبية، بتشكيك من قبل المتظاهرين، وكذلك عدد من المعلقين السياسيين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل نتنياهو التعديلات القضائية أمريكا اليمين الليكود

نتنياهو يوعز لوزرائه بعدم التعليق على تصريحات بايدن

تحليل: الاضطرابات في إسرائيل تكشف عن نقاش أوسع حول الهوية الوطنية

استطلاع عبري: 30% من الإسرائيليين يعتبرون أن مستقبل دولتهم في خطر