التكنولوجيا الصينية تخترق آسيا الوسطى ودول الخليج.. انتصار آخر لبكين على واشنطن

الأحد 2 أبريل 2023 10:36 ص

لا تزال منطقة آسيا الوسطى ودول الخليج ميدانا متميزا للتكنولوجيا الصينية في مجال الفضاء الإلكتروني ومعالجة المعلومات، مع توقعات بأن تحقق اقتصادات هذه الدول نموا معتبرا بفضل التقنيات الصينية المتقدمة، وهو ميدان حققت فيه بكين تقدما آخر على واشنطن.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشرته صحيفة "ساوث شاينا مورنينج بوست"، وترجمه "الخليج الجديد"، عن دور تقنيات الفضاء الإلكتروني الصينية في فرض نمط متقدم من العلاقات بين بكين وتلك المناطق، التي تريد الاستفادة من التفوق التكنولوجي الصيني والذي بات أحد أوجه تشكيل نموذج التنمية الاقتصادية في دول تلك المناطق، بما فيها دول الخليج التي كانت تعتمد حصرا على التقنيات الأمريكية والغربية.

ما هو الفضاء الإلكتروني

يعرف الفضاء الإلكتروني، أو الفضاء السيبراني، بأنه هو الوسط الذي تتواجد فيه شبكات الحاسوب ويحصل من خلالها التواصل الإلكتروني.

وبمفهوم أشمل يعرف بأنه مجال مركب مادي وغير مادي يشمل مجموعة من العناصر هي: أجهزة الكمبيوتر، أنظمة الشبكات والبرمجيات، حوسبة المعلومات، نقل وتخزين البيانات، ومستخدمي كل هذه العناصر.

التنمية الاقتصادية بدول الخليج

يتوقع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لآسيا الوسطى بنسبة 4.9% في عام 2023. كما أن ارتفاع أسعار النفط يبث روحًا جديدة في مسيرة تنمية الاقتصاد بعد النفط في دول الخليج، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نموًا إقليميًا، ويشير إلى أن الإمارات ستكون أسرع الاقتصادات الخليجية نموا هذا العام بنسبة 4.2%، متقدمة على عمان (4.1%)، والسعودية (3.7%).

وتشير الصحيفة، التي تصدر في هونج كونج، إلى أنه في كلتا المنطقتين (آسيا الوسطى ودول الخليج)، ترتكز التنمية الاقتصادية بشكل أساسي على تقنيات صنع في الصين.

وتضيف أن دعوات واشنطن لإزالة جميع الشبكات المدنية والعسكرية التي تعتمد على تقنيات الفضاء الإلكتروني الصيني لا تزال تلقى بعض الصدى في الشرق الأوسط، لكن ذلك الصدى يبدو أنه ضاع تماما في آسيا الوسطى.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، أعلنت بكين صراحة أن الفضاء الإلكتروني هو ساحة معركة استراتيجية في تطور ميزان القوى بين الولايات المتحدة والصين.

تكنولوجيا تتناسب مع أنظمة الحكم

وتقول الصحيفة إن كل من آسيا الوسطى والخليج ساحتان حاسمتان في تلك المعركة، حيث تعتمد هاتان المنطقتان على سكان معظمهم من الشباب يتمتعون بالذكاء الرقمي، وسلطات تنتهج مبدأ الاستبدادية في اتخاذ القرارات، وهو ما يتناسب مع أسلوب الصين بنقل التكنولوجيا دون طلب اشتراطات مزعجة حول حقوق الإنسان أو ما شابه.

وقد تمكنت الصين من توفير مبدأ السيطرة على المعلومات بشكل تكنولوجي صارم إلى حكومات تلك الدول والتي رأت في ذلك النوع من التكنولوجيا الصينية المتقدمة أداة ممتازة في تحقيق سيطرة الدولة على الفضاءات الرقمية، بعيدا عن المنظومة الغربية التي تراعي العنصر البشري وتعتبر الإنترنت مساحة اتصالات مفتوحة ومجانية ولا تقع بالكامل تحت سيطرة الحكومات.

وقد تمكنت الصين، على مدى العقود الثلاثة الماضية، من تأمين الفضاء الإلكتروني الوطني الخاص بها – وإنشاء ما يشبه  "حصن إلكتروني" للحفاظ على أمن الدولة وفقًا لقيم الحزب الشيوعي - وهي الآن على استعداد لتصدير معاييرها الإلكترونية، وفقا للصحيفة.

تعزيز سيطرة الدولة على البيانات

وتضيف: في آسيا الوسطى، بالقرب من الصين، تدعم بكين بنشاط التقنيات الجديدة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى التعرف على الوجه الذي يتحكم فيه الذكاء الاصطناعي.

بدورها، تبحث الرياض ودبي في متجر بكين الشامل كطريقة لتصبحا رائدين إقليميين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تطوير تقنيات blockchain والعملات الرقمية للبنك المركزي.

وفي كلتا الحالتين، تعد عمليات نقل التكنولوجيا عبر "طريق الحرير الرقمي" عنصرًا أساسيًا في تدويل الصين لرؤاها وقيمها في الفضاء الإلكتروني، والتي تتضمن نهجًا يركز على الدولة في الإدارة الرقمية.

3 قوانين

وتقول الصحيفة إن الفضاء الإلكتروني في الصين يعتمد على 3 مجموعات من القوانين التي تحكم أنشطة معالجة البيانات، وهي: قانون الأمن السيبراني؛ قانون أمن البيانات (DSL)؛ وقانون حماية المعلومات الشخصية (PIPL).

وتحكم هذه القوانين حماية البيانات وتضع القواعد لإدارة تلك البيانات وتدفقها عبر حدود الصين، كما أنها تعطي السلطات الولاية القضائية على أنشطة معالجة البيانات الخاصة بالمؤسسات وتدفق المعلومات الشخصية خارج الصين، إذا كانت مثل هذه الأحداث تؤثر على الأمن القومي الصيني.

وفي هذا الصدد، تقول الصحيفة إن تأثير السيادة الإلكترونية على النمط الصيني من آسيا الوسطى إلى الخليج يعتمد على تكتيكين متداخلين.

يتعلق الأول بتوسيع البنية التحتية لطريق الحرير الرقمي من كابلات الألياف الضوئية إلى مراكز البيانات والمدن الذكية.

أما الثاني، فيتمثل في جهود الصين المستمرة منذ عقود لوضع قواعد ومعايير دولية لإدارة الفضاء الإلكتروني.

ومن الأمثلة على ذلك اهتمام بكين المتزايد بالاتحاد الدولي للاتصالات، ووكالة الأمم المتحدة المتخصصة المسؤولة عن جميع الأمور المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتختم الصحيفة تقريرها بالقول إن التأثير المتزايد لصناعات التكنولوجيا الفائقة في بكين وتوسعها من آسيا الوسطى ودول الخليج انتصارًا مهمًا للصين، لكنه ليس نهاية القصة، فاعتماد بكين المفرط على البيانات الضخمة وإغفال المتغير البشري في المعادلة يهدد عملية الابتكار التكنولوجي برمتها.

المصدر | ساوث شاينا مورنينج بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التكنولوجيا الصينية الفضاء الإلكتروني العلاقات الصينية الخليجية السيطرة على المعلومات

حدود العلاقات الاقتصادية المتنامية بين الصين ودول الخليج