بذكراه الـ20.. هكذا أضر غزو العراق بالعلاقات الأمريكية التركية وأدى لصعود الصين

الأحد 2 أبريل 2023 07:15 م

سلّط تحليل "أتلانتك كاونسل"، إحدى المؤسسات الفكرية الرائدة في العاصمة الأمريكية واشنطن، الضوء على تأثيرات الغزو الأمريكية للعراق بعد مرور 20 عاما.

واعتبر التحليل الذي كتبه محلل الشؤون الجيوسياسية والكولونيل المتقاعد ريتش أوزن، وترجمه "الخليج الجديد"، أن الغزو الأمريكي للعراق تسبب في إلحاق الضرر بالعلاقات بين واشنطن وأنقرة، وجعل الشرق الأوسط محط تركيز أكبر في السياسة الخارجية الصينية.

وذكر أن الغزو الأمريكي للعراق في 2003، والذي جاء خلافا للنصيحة التركية، قلب تفاهما استراتيجيا استمر لمدة 5 عقود بين واشنطن وأنقرة.

وأشار إلى أنه خلال فترة الحرب الباردة والفترة التي تلتها مباشرة، شاركت تركيا والولايات المتحدة رؤية استراتيجية تركز على احتواء الاتحاد السوفيتي ووكلائه، وفي مقابل التعاون الاستراتيجي، قدمت واشنطن لأنقرة المساعدة، وعدلت انتقاداتها للسياسة التركية.

ومع استثناءات ملحوظة (كمعارضة تركيا لحرب فيتنام ومعارضة الولايات المتحدة لعملية تركيا في قبرص عام 1974)، كان الإجماع هو سيد الموقف بين الجانبين.

وبعد التعاون الوثيق في البلقان والصومال والعراق وأفغانستان من 1991 إلى 2001، أصبحت أنقرة أكثر انزعاجًا من احتمالية اندلاع حرب جديدة في العراق.

تدهورت العلاقات الثنائية بشكل حاد بعد تصويت البرلمان التركي ضد السماح للولايات المتحدة بشن عمليات قتالية من الأراضي التركية، وكانت الحرب أطول وأكثر دموية وتكلفة مما توقعه مخططوها في واشنطن.

نتائج سلبية مع تركيا

وكنتيجة للغزو الأمريكي للعراق، أنهى حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار الساري منذ اعتقال مؤسسه عبدالله أوجلان عام 1999، واكتسبت حرية واسعة جديدة في الحركة والعمل في شمال العراق.

وفي غضون ذلك، تم إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لتركيا، في حين انخفض التعاون الصناعي الدفاعي والاتصالات العسكرية.

وبتاريخ يوليو/تموز 2003، اعتقل جنود أمريكيون فريقًا من القوات الخاصة التركية وغطوا رؤوسهم في السليمانية بالعراق، للاشتباه في تواطؤهم مع المتمردين.

وساهم هذا الحدث، إلى جانب الغضب التركي من السلوك المرير واختتام مفاوضات ما قبل الحرب، في تغذية تصاعد مستمر في الآراء السلبية حول الولايات المتحدة بين الجمهور التركي.

ووفق التحليل، فقد أضرت العقوبات والحرب في العراق بالمصالح الاقتصادية التركية، ثم عادت للانتعاش منذ عام 2005 فصاعدا.

ولكن علاقة الجيش الأمريكي بحزب العمال الكردستاني، أولاً من خلال التسامح الضمني مع هجمات الحزب على تركيا من شمال العراق، على الرغم من الوجود الأمريكي، وبعد ذلك استخدامه في سوريا كقوة بالوكالة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق الشام" (داعش)، أعاد احتكاكات عام 2003 بين أنقرة وواشنطن إلى الأبد.

واعتبر التحليل أن تدريب القوات الأمريكية وتجهيزها والعمل مع ميليشيا مرتبطة بحزب العمال الكردستاني على طول الحدود التركية اليوم هو ثمرة احتلال بغداد؛ لأن الاتصالات بين الولايات المتحدة والحزب تم إبرامها في شمال العراق، وعدم اكتراث واشنطن بالخطوط الحمراء الأمنية التركية يعود إلى عام 2003.

صعود الصين

وذكر الموقع أنه عندما تولى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش منصبه في عام 2001، كانت إدارة العلاقات الأمريكية الصينية تعتبر من أهم أولويات السياسة الخارجية.

ولكن بعد هجمات 11سبتمبر/ أيلول، شنت الولايات المتحدة حربا عالمية على الإرهاب، وأصبحت الحروب التي أعقبت ذلك في أفغانستان والعراق هي النقاط المحورية الشاملة لسياساتها الخارجية.

وبينما خفف ذلك الضغط على الصين، أثار قرار الولايات المتحدة بغزو العراق مخاوف جدية في بكين وأماكن أخرى بشأن اتجاه النظام العالمي تحت قيادة أمريكا.

وأوضح التحليل أن الاستعداد الأمريكي لمهاجمة حكومة ذات سيادة بهدف معلن، وهو تغيير نظامها، شكّل سابقة مقلقة للحكومات الاستبدادية وعلى رأسها الصين.

وتحولت المخاوف إلى شيء آخر في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وأصبح القادة الصينيون أكثر حذرًا من القيادة الأمريكية.

وقال نائب رئيس الوزراء الصيني السابق وانج كيشان لوزير الخزانة الأمريكي آنذاك هانك بولسون، بعد الأزمة المالية: "انظر إلى نظامك يا هانك. لسنا متأكدين من أننا يجب أن نتعلم منك بعد الآن".

كانت الحرب في العراق مقلقة بشكل خاص للقادة الصينيين.

وأشار التحليل إلى أن قلة هم الذين اعتقدوا أن الولايات المتحدة ستنخرط في مثل هذه الحرب الكارثية حول شيء مثالي مثل الترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط.

كان الافتراض السائد هو أن الحرب كانت تدور حول الحفاظ على السيطرة على النفط العالمي، واستخدام تلك الهيمنة لمنع الصين من الارتقاء إلى مرتبة المنافس الند.

لكن منذ حرب العراق، أصبح الشرق الأوسط محط تركيز أكبر في السياسة الخارجية الصينية.

بالإضافة إلى بناء جيشها الخاص، بدأت الصين في مناقشة الشؤون الأمنية والاستراتيجية مع موردي الطاقة في الشرق الأوسط، وإجراء تدريبات مشتركة، وبيع أنظمة أسلحة أكثر تنوعًا، ومتابعة وجود إقليمي يتباين بشكل متزايد أو يتنافس مع تفضيلات الولايات المتحدة.

المصدر | ريتش أوزن / أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الغزو الأمريكي للعراق العلاقات التركية الأمريكية صعود الصين بالشرق الأوسط احتلال العراق

طارق الهاشمي لـ"الخليج الجديد": العراق بحاجة لنظام ليس كالحالي ولا السابق (1/2)