"كل سوريا لأسماء".. فايننشال تايمز تكشف كيف تدير زوجة الأسد مجلس الاقتصاد السري

الاثنين 3 أبريل 2023 11:02 ص

تحت عنوان "الاستيلاء على الدولة السورية.. النفوذ المتزايد لأسماء الأسد" تحدث تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن النفوذ المتزايد لزوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، حيث باتت تضطلع بدور قيادي في نظام ينهب ثروات شعبه، وتمارس دورًا بارزًا بالفساد في سوريا، وتتحكم بالاقتصاد السوري المنهك.

وأفاد التقرير المنشور الأحد، أن أسماء الأسد تترأس "مجلس الاقتصاد السري" للنظام السوري، وتعمل فيه بمشاركة رجال أعمال وأشخاص مقربين من النظام، وفق مقابلات أجرتها الصحيفة مع 18 شخصًا مطّلعين على عمل النظام السوري، بينهم رؤساء شركات وعمال إغاثة ومسؤولون حكوميون سابقون.

ويظهر نفوذها بقطاعات عديدة في الاقتصاد السوري، بينها العقارات والبنوك والاتصالات، وفق ما ذكره التقرير، لافتًا إلى أن ذلك الوجود مخفي باستخدام شركات وهمية لشركاء النظام السوري.

ونقل التقرير عن أحد رجال الأعمال السوريين أن "كل سوريا الآن لأسماء"، إذ عملت أسماء الأسد برفقة زوجها بشار وشقيقه ماهر على الذين يتقاسمون ما تبقى من الاقتصاد السوري، على تفكيك طبقة التجار التقليديين في سوريا وابتكروا طرقًا جديدة لتحقيق مكاسب اقتصادية من الحرب.

ورغم التوقعات بأن يكون لأسماء الأسد دور بارز بعد بدء الاحتجاجات في سوريا، تراجعت عن المشهد العام إلى حين وفاة أنيسة مخلوف والدة بشار عام 2016، إذ عادت للظهور و"خرجت بكامل قوتها"، وأصبحت محل تقدير كبير من العلويين من خلال عملها الخيري.

كما ساعدت معركة علنية مع سرطان الثدي عام 2018 في التقريب بين آل الأسد، وبعد فترة وجيزة عهد بشار إلى زوجته بتولي أجزاء من محفظة الدولة الاقتصادية.

ومع التردي الاقتصادي في البلاد، اتخذ النظام إجراءات جذرية عززت من قبضة بشار وأسماء شبه الكاملة على الاقتصاد، وفقاً لخبراء سوريين ورجال أعمال وأشخاص مطلعين على أنشطة النظام.

وشرع القصر الرئاسي بترقية مقربين للعمل كواجهات للأسد وزوجته، ولمساعدتهما على تجميع المزيد من الثروة الشخصية.

وبعد استمرار تدهور الواقع الاقتصادي في سوريا، وفقدان العملة نحو 95% من قيمتها في 2019، اتخذ الأسد وزوجته إجراءات جذرية لتعزيز تحكمهما الكامل بالاقتصاد.

ونفذ النظام السوري خلال عام 2019 ما أطلق عليه رجال الأعمال والخبراء السوريون حملة "المافيا" لزعزعة نخبة من رجال الأعمال، بمن فيهم أولئك الذين دعموه خلال سنوات الصراع، وعمل على إرسال محاسبين إلى الأعمال التجارية للعثور على الانتهاكات التي يمكن الاستفادة منها لإجبار التجار على دفع غرامات باهظة.

كما عمل النظام السوري على احتجاز مديري الشركات وتجميد أصولهم حتى تتمكن عائلاتهم من دفع غرامات تُرسل إلى الصناديق الخيرية أو الحسابات المصرفية التي يسيطر عليها القصر الرئاسي مباشرة.

وقدرت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير، أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار، فيما تبلغ ثروات المقربين منه مليارات الدولارات.

وأكدت الوزارة أن عائلة الأسد تدير نظام رعاية معقداً يشمل شركات وهمية للوصول إلى الموارد المالية، عبر هياكل مؤسسية وكيانات غير ربحية تبدو مشروعة، بهدف غسل الأموال المكتسبة من أنشطة اقتصادية غير مشروعة، بما في ذلك التهريب وتجارة الأسلحة والمخدرات.

وحسب مصادر الصحيفة، جرت مناقشة تلك الخطوات المتخذة من قبل النظام السوري خلال اجتماعات "مجلس الاقتصاد السري"، الذي تترأسه أسماء الأسد.

وبخلاف اللجنة الاقتصادية الرسمية للحكومة، لا يظهر عمل المجلس خارج بوابات القصر وتنفذ عمليات مصادرة الأصول من قبله بشكل سري.

ومن أبرز عمليات "مجلس الاقتصاد السري"، الاستيلاء على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري، وشمل ذلك "دمشق الشام القابضة" و"سيرياتيل" أكبر شبكة اتصالات في سوريا، بالإضافة إلى مؤسسة "مخلوف الخيرية".

ومن غير الواضح مدى مشاركة بشار الأسد في أعمال "المجلس السري"، بينما يعتقد البعض أن الزوجين يتحكمان معًا بعمله.

ويظهر نفوذ الأشخاص المقربين من عائلة الأسد في قطاعات مختلفة، بينهم شقيق أسماء وأبناء عمومتها الذين يديرون العديد من الشركات المرتبطة بها، إذ يمتلك ابن خالتها مهند الدباغ حصة 30% في نظام "البطاقة الذكية" في سوريا.

وتشمل دائرة علاقات زوجة رئيس النظام فارس كلاس الأمين العام لـ"الأمانة السورية للتنمية"، والمستشارة الإعلامية لرئيس النظام لونا الشبل، ورجل الأعمال السوري خضر علي طاهر.

كما تشمل مساعد رئيس الجمهورية رجل الأعمال ياسر إبراهيم، وورئيسة مكتب أسماء الأسد في وقت سابق لينا كناية، بالإضافة إلى دانا باخور التي ظهرت مؤخرًا خلال زيارة الأسد إلى الإمارات.

وعملت أسماء الأسد على إظهار نفسها بصورة "أم الوطن"، وتصدير أدوارها "الإنسانية" في سوريا، بينما كانت تعمل سرًا على أن تكون بموقع قوة في السلطة، وفق التقرير.

وساعدت المنظمات غير الحكومية التابعة لها في بناء شبكة محسوبيات واسعة لعائلة الأسد، بينما تتحكم من خلال تلك المنظمات بأموال المساعدات التي تتدفق إلى سوريا، خصوصًا عقب الزلزال.

وحسب مصادر الصحيفة، نجحت أسماء من خلال إدارة المنظمات غير الحكومية قبل الصراع بتأسيس نظام مساعدات إنسانية فاسد بشكل منهجي تديره شبكاتها، وتحقيق مكاسب من خلال إجبار الوكالات الأممية على التعامل مع المنظمات غير الحكومية التي تديرها أسماء الأسد وأشخاص مقربون منها.

وردًا على أسئلة من "فايننشال تايمز"، قالت الأمم المتحدة إن شراكاتها مع "الأمانة السورية" أصبحت "محدودة للغاية"، وغالبًا ما تكون ضرورية بسبب "دورها المؤسسي".

وأضافت أن "الشراكة لا تعني إعطاء تفويض مطلق"، في إشارة إلى أن الأمم المتحدة تراقب عمل "الأمانة السورية" بشكل مستمر.

وعاد الحديث عن أدوار أسماء الأسد بعد ظهورها إلى جانب زوجها في زيارته إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي في 19 مارس/آذار الماضي، إذ تعتبر الزيارة الأولى لها منذ 2011.

وفي حين تركزت أدوارها خلال السنوات الماضية على "الأعمال الإنسانية"، سلّطت العديد من التحقيقات والتقارير الضوء على مشاركتها بارتكاب العديد من الانتهاكات في سوريا.

وفي 20 أبريل/نيسان 2021، نشرت مجلة "Elle" الفرنسية العالمية، المهتمة بالموضة وأزياء المرأة، صورًا لأسماء الأسد ووصفتها بـ"قائدة عصابة وعديمة الضمير.. ومدمنة التسوق".

كما وصفتها أيضًا بأنها "امرأة ذات قبضة قوية، السيدة الأولى المحتالة، والشريكة المتواطئة في جرائم الزوج والمتعطشة للسلطة".

وفي 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أسماء الأسد والعديد من أفراد عائلتها، بينهم فواز الأخرس وسحر عطري الأخرس وفراس وإياد الأخرس.

وقالت الخارجية الأمريكية، إن "أسماء الأسد عرقلت الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء النزاع السوري، وقادت الجهود لمصلحة النظام لترسيخ سلطته الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك استخدام ما يسمى بالمنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني".

وتأسست "الأمانة السورية للتنمية" التي تديرها أسماء الأسد في عام 2007، بعد دمج عدد كبير من المنظمات غير الحكومية التي أسستها أسماء الأسد، منذ عام 2000.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أسماء الأسد بشار الأسد اقتصاد سوريا فساد

كيف تخلق المشاكل الاقتصادية في سوريا انقسامات وصراعات على السلطة؟