ما تزال قضية انتخاب رئيس جديد للبنان تراوح مكانها منذ أكثر من خمسة أشهر بسبب الخلافات بين القوى السياسية وخاصة المسيحية منها على الشخصية التي ستتولى المنصب.

وفي هذا الإطار جددت فرنسا مساعيها لحث المسؤولين السياسيين في لبنان على الإسراع في انتخاب رئيس جديد في ظل التدهور الحاصل بأوضاع البلاد على كافة الصعد.

وبجانب الأزمة الاقتصادية الخانقة منذ العام 2019، يعاني لبنان أزمة سياسية حادة، حيث فشل البرلمان في 11 جولة منذ سبتمبر/ أيلول 2022، بانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وفي الأسبوع الأخير من مارس/آذار الماضي شهدت العاصمة الفرنسية باريس، زيارات لعدد من المسؤولين اللبنانيين أبرزهم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس تيار "المردة" والمرشح الأبرز للرئاسة سليمان فرنجية.

والتقى سليمان فرنجية في باريس، بمستشار الرئيس الفرنسي المسؤول عن الملف اللبناني باتريك دوريل، كونه من أبرز المتنافسين على منصب الرئاسة، في ظل ترشيحه من قبل "حزب الله" وحركة "أمل"، وكذلك طرحه من قبل الإدارة الفرنسية لا سيما الرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي 2 أبريل/نيسان الجاري، أجرى وفد قطري زيارة إلى بيروت، برئاسة وزير الدولة بوزارة الخارجية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، شملت لقاءات مع غالبية القوى السياسية وقائد الجيش جوزيف عون.

وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، عقد لقاء خماسي فرنسي أمريكي قطري سعودي مصري في باريس، لبحث الأزمة اللبنانية.

جهود فرنسا وقطر

في هذا الإطار قال مصدر سياسي لبناني للأناضول، مفضلا عدم نشر اسمه، إن "مهمة الوفد القطري فقط استطلاعية من القادة اللبنانيين الذين يمثلون المكونات الداخلية الأساسية لاستشراف مستقبل الوضع اللبناني وفرص انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن".

فيما ذكرت صحف لبنانية أبرزها "النهار" و"الأخبار"، أن الوفد القطري ما زال يؤيد ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية.

وعقب انتهاء زيارة الوفد القطري التي استمرت يومين، التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، في دير "بيت عنيا" شمالي بيروت الأربعاء، مع النواب المسيحيين "في خلوة روحية".

وقبلها التقى الراعي الثلاثاء، السفيرة الفرنسية لدى بيروت آن غريو، التي أبلغته أن بلادها تواصل مساعيها للوصول إلى تسوية، وفق صحيفة "الأخبار" التابعة لـ"حزب الله".

وأفادت الصحيفة، بأن السفيرة الفرنسية أبلغت الراعي "أن البحث في ترشيح فرنجية قائم، والنتيجة النهائية رهن تطورات الفترة المقبلة".

وانطلقت في وقت سابق الأربعاء، الخلوة الروحية للنواب المسيحيين بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بمشاركة 53 نائبا من أصل 64 نائبا مسيحيا بمجلس النواب اللبناني.

وعقب انتهاء الخلوة، ألقى الراعي عظة قال فيها، إن "السياسة التي تمارس السلطة بطريقة خاطئة هي غير قادرة على الاعتناء بالآخرين فتسحق الفقراء وتستغل الأرض وتواجه النزاعات ولا تعرف كيف تحاور".

وتابع الراعي متوجها إلى النواب: "بماذا جعلتم الشعب يتقدم، أي قوى إيجابية حررت، ماذا أنتجت في المسؤولية؟ ماذا فعلت لانتخاب رئيس للجمهورية؟".

مرشح باريس ومصالحها

وفي حديث للأناضول، قال المحلل السياسي آلان سركيس، إن "الراعي جمع النواب المسيحين للصلاة فقط ولم يتم التداول بأسماء لمرشحين للرئاسة معهم".

ونفى أن "يكون للبطريرك الراعي أي لائحة أسماء مقترحة لرئاسة الجمهورية وهو لا يسوق لأحد ولا يتبنى ترشيح أي شخصية".

وأفاد بأن المسعى الفرنسي بتبني "سليمان فرنجية الذي يدعمه حزب الله هي من أجل مصالح اقتصادية لها في لبنان".

ولفت إلى أن "جنبلاط أبلغ الفرنسيين في زيارته الأخيرة، أنه لا يريد سليمان فرنجية للرئاسة".

واستطرد: "فرنسا تعمل على صفقة مع محور حزب الله وإيران من أجل مصالحها ولكنها اصطدمت برفض مسيحي لترشيح سليمان فرنجية للرئاسة".

وشدد على أن "المسعى الفرنسي سيفشل لسبب رئيسي هو أن السعودية ترفض السير بالمرشح الفرنسي".

وذكر أن "تحرك الوفد القطري في إطار اللقاء الخماسي الذي عقد أواخر يناير الماضي، في موضوع التسوية الرئاسية بالتنسيق مع السعودية".

وتابع: "الوفد القطري لم يطرح أسماء على من التقاهم في لبنان (..) وحث المسؤولين على انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن".