تشكل علاقات دول الخليج بكل من الهند وباكستان، حالة تتكامل رغم اختلافات طبيعة التعاون بين تلك الأطراف، فالاستفادات متشابكة بشكل يصعب معه تصور تأثر تلك العلاقات بحالة العداء الهندي الباكستاني، فالخليج لديه ما يحتاجه من نيودلهي وإسلام أباد، وهما أيضا يريدان من الخليج الكثير.

هكذا يرى تقرير نشره موقع "أوراسيا ريفيو" وكتبه الباحث في العلاقات الدولية محمد عبدالله أبوبكر، حيث يرى أن  العلاقات الخليجية الهندية تقوم بشكل أساسي على عاملي الطاقة والتجارة، حيث تشتري الهند بشكل أساسي النفط الخام والغاز الطبيعي من دول الخليج، وتصدر إليها الكيماويات والمعدات الكهربائية والحديد والصلب وكذلك اللؤلؤ والأحجار الكريمة وشبه الكريمة والمعادن والمجوهرات المقلدة.

ومن المعروف أن 42% من إجمالي واردات الهند النفطية تأتي من دول مجلس التعاون الخليجي الست، وثلاثة من أكبر خمسة مزودين للنفط للهند هي دول خليجية، وبالتحديد فإن السعودية هي صاحبة النصيب الأكبر من إجمالي واردات الهند من النفط (بنسبة 20%).

بالإضافة إلى ذلك، تعد قطر المصدر الرئيسي للهند للغاز الطبيعي المسال (LNG).

وعلى هذا الأساس، فإن أي توقف في إمدادات الطاقة من الخليج سيكون له تأثير كبير على التنمية الاقتصادية للهند.

أيضا، تم الاتفاق على برنامج تعاون حديث (POC) في مجالات العلوم والتكنولوجيا للأعوام 2022-2025 بين الهند وسلطنة عمان.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، أطلقت الهند والإمارات رسميًا مفاوضات بشأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، وفي نفس العام ناقشت الهند والسعودية توسيع التعاون الثنائي في منتديات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومجلس التعاون الخليجي.

في عام 2021 أيضا، اتفقت الهند والبحرين على تعزيز علاقاتهما، بما في ذلك في مجالات الدفاع والأمن البحري.

وبحسب بيانات البنك الدولي ، فقد تلقت الهند أكبر عدد من التحويلات من الخارج في عام 2020 ، وبلغت 83.15 مليار دولار، معظمها من الهنود الموجودين في دول الخليج.

الحساسيات الدينية

مما سبق، يؤكد الكاتب أن العلاقات الاقتصادية والتجارية تسير بشكل جيد بين الهند ودول الخليج، لكنه يحذر نيودلهي من تجاهل الحساسيات الدينية للمسلمين لديها، مما قد يؤذي هذه العلاقات مع دول الخليج، كما كاد أن يحدث في أزمة إساءة مسؤول هندي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تسبب ذلك في استدعاء المبعوثين الهنود لدى أكثر من 15 دولة عربية وإسلامية لديها علاقات جيدة مع الهند، وإبلاغهم بالاستياء.

باكستان

تأسست العلاقات طويلة الأمد بين باكستان ودول الخليج في البداية على العلاقات الدينية والاستراتيجية، لكنها توسعت لتشمل العلاقات التجارية أيضًا، لكن العلاقات العسكرية هي الأبرز.

ويقول الكاتب إن دول الخليج تنظر إلى إسلام أباد تقليديًا على أنها حليف موثوق به عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح الخليج.

ومع ذلك، اتخذت العلاقات منعطفًا سيئًا في عام 2015 عندما منعت المخاوف السياسية الداخلية باكستان من إرسال جنود إلى حرب اليمن، خاصة فيما يتعلق بالسعوديين والإماراتيين.

لكن باكستان قد يكون لها بدائل أخرى مع دول الخليج غير السعودية والإمارات، مثل الكويت وسلطنة عمان، وقد أظهر اتفاق تم توقيعه في يوليو/تموز 2020 تقدما في هذا الاتجاه من خلال السماح لباكستان بإرسال أفراد طبيين إلى الكويت للمساعدة في الاستجابة لوباء Covid-19.

علاوة على ذلك ، يعد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) ، المشروع الرائد مبادرة الحزام والطريق الصينية ، أكبر فرصة لباكستان حاليًا.

وكانت دول الخليج قد صرحت في وقت سابق عن رغبتها في المشاركة في هذا المشروع لأنه يتناسب مع تطلعاتها للنمو الاقتصادي للقطاع غير النفطي، لاسيما مع النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط.

ويقول الكاتب إن معادلة العلاقات بين الصين وباكستان والخليج قد تهدد نفوذ الهند في غرب آسيا أو منطقة الخليج، نظرا لعلاقات الصين  المتميزة مع كل من باكستان ودول الخليج، وعلاقاتها المتوترة مع الهند.

وانطلاقا من هذا الإطار، بدأت باكستان ودول الخليج رسميًا الجولة الثالثة من المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة في 2 يونيو/حزيران 2022.

بالإضافة إلى ذلك، في يناير/كانون الثاني 2022 ، اختتمت باكستان ومجلس التعاون الخليجي إعداد خطة للحوار الاستراتيجي (2022-2026) ، والتي ستوفر نهجًا مؤسسيًا لتعميق التعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك السياسة والأمن والتجارة والاستثمار والأمن الزراعي والغذائي والنقل والطاقة والبيئة وغيرها.

وتضع باكستان أولوية قصوى لهذه المجالات لأنها كلها مهمة لمصالحها الوطنية.