من هما الأخوان جوبتا سببا التوتر بين الإمارات وجنوب أفريقيا؟

السبت 8 أبريل 2023 01:52 م

أعلنت حكومة جنوب أفريقيا، أن محكمة في الإمارات رفضت طلبها تسليم الأخوين أتول وراجيش جوبتا اللذين يشكلان محور فضيحة فساد حكومية واسعة تطال الرئيس السابق جاكوب زوما.

لكن الإمارات سارعت إلى دحض اتهامات وزير العدل الجنوب أفريقي رونالد لامولا، حيث قالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" (رسمية) إن وزير العدل الإماراتي عبدالله النعيمي، أجرى الجمعة، اتصالا هاتفيا بلامولا "لمناقشة الحكم القضائي بشأن طلب تسليم المتهمين".

وأضافت أن المحكمة رفضت الطلب "لعدم كفاية الوثائق القانونية فيما يتعلق بقضيتين تتعلقان بغسل الأموال والاحتيال والفساد".

وأوضحت أن المحكمة خلصت إلى أن "الطلب المقدم لا يفي بالشروط والوثائق القانونية على النحو المبين في اتفاقية التسليم الثنائية المبرمة" بين البلدين.

ولفتت الوكالة إلى أن طلب التسليم "لم يكن مصحوبا بصورة من أمر القبض، وبالتالي لم يستوف الطلب شروط التسليم".

وحسب "وام"، فإن الإمارات أبلغت جنوب أفريقيا أنه "يمكنها إعادة تقديم طلب التسليم بوثائق وأدلة جديدة".

بالمقابل، قال الوزير الجنوب أفريقي إنه تلقى ملخصا عن الحكم باللغة العربية حصرا، مشيرا إلى أنه قضى الليل بطوله لتحليل وفهم هذه الوثيقة.

وتابع الوزير: "ما زالت لدينا النية للجوء إلى شركائنا.. بغية التأكد من استئناف قرار المحكمة".

وكانت السلطات الإماراتية ألقت في يونيو/حزيران 2022، القبض على الشقيقين أتول وراجيش جوبتا، وهما من أبرز المطلوبين في جنوب أفريقيا بسبب اتهامات في قضايا فساد.

واتُهم الاثنان بدفع رشاوى للحصول على عقود حكومية، والتأثير في تعيينات وزارية في فضيحة لطخت إدارة رئيس جنوب أفريقيا السابق، جاكوب زوما.

كما يعتقد أنهما ضالعان في صفقات فساد في مرفق الطاقة إيسكوم، وشركة ترانسنت للسكك الحديدية.

وينفي زوما والأخوان جوبتا ارتكاب أي مخالفة.

وأكدت شرطة دبي في بيان إلقاء القبض على الاثنين، بعد تلقي النشرة الحمراء الصادرة بحقهما عبر الانتربول، لافتة إلى التنسيق مع السلطات في جنوب أفريقيا بخصوص ملف التسليم لاستكمال الإجراءات القانونية.

وجاء اعتقالهما في الوقت الذي انتهى فيه تحقيق بشأن نهب واسع النطاق لمؤسسات الدولة خلال إدارة زوما التي استمرت 9 سنوات حتى عام 2018.

وقد اعتقلا بعد عام تقريبا من إصدار الإنتربول للنشرة الحمراء في يوليو/تموز من العام 2021.

وتعد الإخطارات الحمراء تنبيها عالميا يمكن سلطات الشرطة من القبض على الشخص المطلوب ومحاكمته، أو قضاء عقوبة سجن واحتجازه في انتظار تسليمه.

وكان أجاي وأتول وراجيش جوبتا انتقلا إلى جنوب أفريقيا من ولاية أوتار براديش الهندية في عام 1993، بعد سقوط نظام الفصل العنصري مباشرة.

ويقال إنه عندما وصل أتول إلى البلاد لتأسيس شركة عائلية، هي "صحارى كمبيوترز"، كان مندهشا من عدم وجود إجراءات روتينية.

وقاموا بتنمية الشركة حتى وظفت أكثر من 10 آلاف شخص في جنوب أفريقيا، كما قاموا بتطوير مصالح مالية في قطاعات التعدين والسفر الجوي والطاقة والتكنولوجيا والإعلام.

وقال أتول إنه التقى زوما قبل أن يصبح رئيساً "عندما كان ضيفاً في إحدى الحفلات السنوية لشركة صحارى".

وكانت عائلة جوبتا قد أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بزوما حتى أنه صيغ مصطلح مشترك لهم، هو "عائلة زوبتا".

وكانت إحدى زوجات زوما، وكذلك ابنه وابنته، يشغلون مناصب عليا في الشركات التي يسيطر عليها أفراد من عائلة جوبتا.

واستفادت العديد من الشركات في ملف جوبتا من عقود مربحة مع إدارات حكومية وشركات مملوكة للدولة، إذ يقول مسؤولون إنهم تلقوا تعليمات مباشرة من العائلة باتخاذ قرارات من شأنها تعزيز المصالح التجارية للأخوين.

ويقال إن الامتثال كان يكافأ بالمال والترقية، بينما يعاقب العصيان بالفصل.

وبعد 4 سنوات من التحقيقات، جمع كبير القضاة ريموند زوندو، تقريرا يكشف الكيفية التي أصبح بها الأخوان أتول وراجيش، متشابكين مع أعلى مستويات الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم.

وفي سلسلة من التقارير التي نشرت العام الماضي، قال محققون إن عقود الشراء الخاصة بالسكك الحديدية والموانئ وخطوط الأنابيب تبلغ حد "الجرائم المخطط لها لنشاط ابتزازي تقوم به مؤسسة ابتزاز" مرتبطة بالأخوين جوبتا.

وأضافوا أن زوما "سيفعل أي شيء يريد آل جوبتا أن يفعله لهم".

وأدت فضائح الفساد التي اجتاحت زوما إلى سقوطه، وأجبر على الاستقالة في عام 2018.

وفر الأخوان جوبتا من جنوب أفريقيا بعد فترة وجيزة على إنشاء لجنة برئاسة القاضي ريموند زوندو، في عام 2018، للتحقيق في فساد الدولة.

وفي 2021، سجن زوما 15 شهرا لرفضه الإدلاء بشهادته أمام المحققين، قبل أن يطلق سراحه بشروط بعد أن قضى شهرين فقط من العقوبة.

وفي يوليو/تموز 2021، قال الإنتربول إن الأخوين جوبتا مطلوبان بتهمة الاحتيال وغسيل الأموال، فيما يتعلق بعقد قيمته 25 مليون راند (أي 1.6 مليون دولار) دفع لشركة نولين انفستمانت المرتبطة بجوبتا، لإجراء دراسة جدوى زراعية.

وقدر بول هولدن، المحقق الذي يدير منظمة غير حكومية، وكان أيضا عضوا برلمانيا سابقا في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أن تكلفة الأنشطة غير المشروعة لعائلة جوبتا في جنوب أفريقيا قد تصل إلى 50 مليار راند (3.2 مليارات دولار).

وقالت حكومة جنوب أفريقيا إنها ستتعاون مع الإمارات العربية لتسليم الشقيقين الهاربين لمواجهة اتهامات بالفساد بعد اعتقالهما هناك.

وكان البلدان قد صدقا على معاهدة تسليم المجرمين في أبريل/نيسان 2021، وهي خطوة كانت حكومة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، تأمل في أن تؤدي إلى عودة جوبتا لمواجهة تهم الفساد.

وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عائلة جوبتا وشريكه سليم عيسى على القائمة السوداء، واصفة إياهم بـ"شبكة الفساد الكبيرة".

ورغم أن السلطات في جنوب أفريقيا تقول إنها ستنظر في تقديم استئناف لتسلم الأخوة جوبتا من الإمارات، إلا أن هناك أسئلة جدية حول ما إذا كان سيتم تقديمهم للعدالة، بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز".

وتفيد تقارير صحفية نشرت مؤخرا، أن الأخوين جوبتا شوهدا في سويسرا، في نهاية مارس/آذار، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبرج" عن صحيفة "أفريكا إنتليجنس" ومقرها باريس، رغم أن السلطات الإماراتية تقول إنهم "محتجزون".

وقالت الصحيفة إنهم استخدموا جوازات سفر تتبع لدولة جنوب أفريقيا، وقد سافروا على متن طائرة خاصة، وزاروا جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تقدموا بطلبات للجوء.

والخلاف بين جنوب أفريقيا والإمارات قد تكون له تبعات كبيرة خاصة في جنوب أفريقيا حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قد يفقد أغلبيته المطلقة في الانتخابات العامة خلال العام المقبل للمرة الأولى من تسلمه الحكم في 1994.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات جنوب أفريقيا الأخوين جوبتا تسليم مجرمين فساد

ماذا تريد الإمارات من أفريقيا؟.. تنزانيا نموذجا