مدعومة بالطلب القوي بعد جائحة كورونا والتخفيضات المفاجئة لمجموعة "أوبك+" والاضطراب الناجم عن حرب روسيا في أوكرانيا منذ أكثر من عام، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال سنوات، مما يغذي طفرة إنتاج الطاقة المتجددة في السعودية الإمارات.

ذلك ما خلص إليه الكاتب أليكس كيماني، في تقرير نشره موقع "أويل برايس" (Oil price) الأمريكي وترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن المكاسب غير المتوقعة من "البترودولار" أعطت دفعة قوية لاقتصادات دول  الخليج التي تعرضت للضرر في السابق.

وتابع أن تلك المكاسب سمحت لبعض دول الخليج العربية بسداد الديون والبعض الآخر بتنويع اقتصاداتها المعتمدة على النفط، وأصبحت جميع دول الخليج العربية الست (السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين) في طريقها لتحقيق فوائض في الميزانية، بفضل أسعار النفط المرتفعة وسنوات إصلاحات المالية العامة.

وأردف على الرغم من أن الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي) تظل العمود الفقري لاقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن واقع تغير المناخ والتقلبات الشديدة في أسعار النفط أجبرت دول الخليج على إعادة تصنيف وتنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط، وهو طريق تقوده السعودية.

هيدروجين أزرق وأخضر

في الرؤية الاقتصادية 2030 لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حددت المملكة هدفا لإنتاج نحو 60 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد الحالي، وفقا لكيماني.

وأضاف أن السعودية أحرزت حتى الآن تقدما محدودا في نشر مصادر الطاقة المتجددة مع تشغيل 520 ميجاوات فقط من الطاقة الشمسية على نطاق المرافق، بينما 400 ميجاوات من طاقة الرياح قيد الإنشاء.

وتابع: في العام الماضي، تسببت شركة النفط السعودية "أرامكو" المملوكة للدولة في حدوث صدمة في أسواق الغاز الطبيعي بعد أن أعلنت أنها بدأت أكبر مشروع للغاز الصخري خارج الولايات المتحدة.

الشركة قالت إنها تخطط لإنفاق 110 مليارات دولار على مدى العامين المقبلين لتطوير حقل غاز الجافورة، الذي يُقدر أنه يحتوي على 200 تريليون قدم مكعب من الغاز.

وتأمل في بدء إنتاج الغاز الطبيعي من الجافورة في 2024 والوصول إلى 2.2 مليار قدم مكعب يوميا من المبيعات بحلول 2036 مع 425 مليون قدم مكعب يوميا من الإيثان.

وقبل عامين، بحسب كيماني، أعلنت الشركة أنه بدلا من تبريد كل هذا الغاز وتصديره على أنه غاز طبيعي مسال، فإنها ستحوله إلى وقود أنظف كثيرا، وهو الهيدروجين الأزرق.

ويتكون الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي إما عن طريق إصلاح الميثان بالبخار أو الإصلاح الحراري التلقائي مع التقاط ثاني أكسيد الكربون المتولد ثم تخزينه، مما يخفف من الآثار البيئية على الكوكب.

وفي 2022، أرسلت الشركة أول شحنة من الهيدروجين الأزرق في العالم إلى اليابان. كما تبني السعودية محطة هيدروجين خضراء بقيمة 5 مليارات دولار ستعمل على تشغيل مدينة نيوم الضخمة المخطط لها عند افتتاحها في 2025، وفقا لكيماني.

والهيدروجين الأخضر يُستخرج من عملية كيميائية تُعرف باسم التحليل الكهربائي، حيث يتم استخدام تيار كهربائي لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، مما ينتج طاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

محطات نووية وشمسية

أما الإمارات، فأعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في 2021 عن بدء تشغيل الوحدة الأولى لمحطة "براكة" للطاقة، وأصبحت المحطة التي تبلغ طاقتها 1400 ميغاواط أكبر مولد للكهرباء في الدولة الخليجية منذ وصولها إلى إنتاج الطاقة بنسبة 100٪ أوائل ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحسب كيماني.

وتابع: على خطى السعودية، تضع الإمارات أساسا قويا للانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتعمل "مصدر"، ذراع الطاقة النظيفة لصندوق الثروة السيادي في أبوظبي، على بناء قدرات متجددة في آسيا الوسطى بعد توقيع صفقة في أبريل/ نيسان 2021 لتطوير مشروع للطاقة الشمسية في أذربيجان.

ومنذ إنشائها في 2006، بنت "مصدر" مجموعة من أصول الطاقة المتجددة في 30 دولة مختلفة، بعد استثمار حوالي 20 مليار دولار لتطوير 11 جيجاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وقدرة تحويل النفايات إلى طاقة، وفقا لكيماني.

وأضاف أن "مصدر" تعتزم الآن تطبيق الدروس المستقاة من الخارج لتطوير قدرة الطاقة النظيفة في الوطن، ومنها تعزيز موارد الرياح الضعيفة نسبيا عبر تطوير مزارع الرياح المحلية باستخدام  توربينات قادرة على إنتاج الكهرباء حتى من سرعات الرياح المنخفضة.

واستطرد: كما تبني الشركة منشأة بقيمة 1.1 مليار دولار لحرق القمامة لتوليد الطاقة في واحدة من أكبر محطات تحويل النفايات إلى طاقة في العالم، وباكتمالها ستحرق ثلثي النفايات المنزلية في الإمارات سنويا.