الخليج الأخضر.. هل يقود عمالقة النفط تحول الطاقة في العالم؟

السبت 15 يوليو 2023 03:31 م

قالت كارين يونغ، وهي باحثة أولى في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، إن آفاق الطاقة العالمية تغيرت في السنوات القليلة الماضية، وباتت دول الخليج العربية تقدم نفسها الآن على أنها محركات للتحول العالمي إلى الطاقة النظيفة (الخضراء).

كارين تابعت، في مقال بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "صعود السياسات الشعبوية والشعور المتزايد بخطورة تغير المناخ أثارا نقاشات حول سياسة الطاقة في الدول الغنية".

وأضافت أن "جائحة كورونا جعلت من الصعب التنبؤ بأسعار الوقود وأنماط الاستهلاك وأجبرت العديد من البلدان على مواجهة ارتباطاتها بسلاسل التوريد الهشة متعددة الدول والدول البترولية القديمة".

كما أن "الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 دفع أوروبا إلى إعادة النظر في اعتمادها على الموارد الروسية (في الطاقة) وأجبر الولايات المتحدة على الاعتراف بالنفوذ الخليجي المستمر في أسواق الطاقة"، بحسب كارين.

واستدركت: "لكن خلال هذه الاضطرابات، بدا أن دور دول الخليج الغنية بالنفط والغاز لم يتغير كثيرا، وافترض العديد من المحللين أنها ستشهد نمو بطيئا لأن نمو الطاقة المتجددة جعلها تعتمد على عائدات الهيدروكربون (النفط والغاز الطبيعي) المنخفضة وغير قادرة على تنويع اقتصاداتها أو إصلاحها دون المخاطرة باضطراب شعبي، غير أن هذا الموقف آخذ في التغير".

تحول عالمي

"الآن، تقدم دول الخليج نفسها على أنها محركات للتحول العالمي إلى الطاقة النظيفة، ففي الداخل، يضعون نموذج لإطار عمل إحصائي جديد للتحول نحو الطاقة النظيفة، وفي الخارج يسعون إلى شراكات جديدة في مجال الطاقة مع البلدان المتقدمة التي تهتم بالبيئة والاستثمار في الطاقة النظيفة في الاقتصادات الناشئة بالشرق الأوسط وخارجه"، وفقا لكارين.

وأضافت أن "قيادة دول الخليج للطاقة النظيفة هي فكرة مغرية. ويتطلب الأمر بعض الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا والصين للتنسيق بشأن أهداف الطاقة النظيفة، لا سيما في البلدان النامية".

واستدركت: "لكن الأمر يتجاوز ذلك، فإذا بدأت دول الخليج، غير العاطفية والبراجماتية وغير المتحيزة تجاه المثل الغربية مثل الاستجابة الديمقراطية، في السعي وراء الطاقة النظيفة، فهذا يشير إلى أن مجموعة أكبر بكثير من الجهات الفاعلة مثل الشركات والأسواق الناشئة الهشة والدول غير المنحازة يمكن أن تسعى إلى تتبع مسار دول الخليج".

غير أن كارين اعتبرت أنه "بغض النظر عن مدى أهمية الجهات الفاعلة الخليجية في مجال الطاقة النظيفة، فإنها ستصر على أن يستمر النفط والغاز في لعب الدور المحوري (في اقتصاديات الخليج)".

ورأت أنه "يجب على العالم ألا يفصل التخفيف من آثار تغير المناخ عن الأسس الدائمة للتنمية المستدامة، الحكم والمساءلة، ليس في الغرب ولا في الجنوب العالمي ولا في الخليج".

مستدام وبلا كربون

واليوم، بحسب كارين، "يهدف برنامج الطاقة النووية في السعودية، الذي تبلغ تكلفته 33 مليار دولار، إلى توفير جزء كبير من توليد الطاقة الجديدة المخطط له".

وتابعت أن "المملكة وضعت هدفا أوسع لتوليد 50% من إمداداتها الوطنية من الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030، وبعضها من أكبر محطة للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم، في منطقة مكة المكرمة، بطاقة توليدية 2060 ميجاوات".

و"التحول الأخضر في إنتاج الطاقة يشجع الاستثمارات الجديدة في الشركات الصناعية الخليجية وتصنيف منتجاتها على أنها مستدامة وخالية من الكربون"، كما أضافت كارين.

وشددت على أن "دول الخليج لا تجتذب الاستثمار في الطاقة النظيفة فحسب، بل تسعى أيضا إلى أن تصبح لاعبا تنمويا بنفسها، عبر استخدام صناديقها السيادية للاستثمار بقوة".

فجوة تمويلية

كارين قالت إن "فجوة التمويل بين الحاجة والاستثمار في الطاقة النظيفة في العالم النامي هائلة، وقدر تقرير صدر في 2021 عن معهد غرانثام لأبحاث تغير المناخ والبيئة وجود حاجة إلى حوالي 3 تريليونات دولار من الاستثمارات السنوية للانتقال إلى اقتصاد عالمي منخفض الكربون، ثلاثة أرباعه يجب أن يتم توجيهه خارج اقتصادات أكبر سبع دول متطورة في العالم".

وأضافت أن "دول الخليج تستعد للمساعدة في سد هذه الفجوة. وعادةً ما تستثمر دول الخليج في مناطق عالية النمو ومرتفعة السكان والتي من المحتمل أن تحتاج إلى المزيد من الطاقة من الخليج في المستقبل، ليس فقط النفط والغاز ولكن أيضا الكهرباء".

وأردفت: "بتكلفة 1.8 مليار دولار تبني السعودية الآن خط ربط كهربائي مباشر عالي الجهد سيرسل في النهاية 3000 ميجاواط من الكهرباء إلى مصر، وسيبدأ خط ربط كهربائي مماثل في تزويد العراق بالكهرباء من دول مجلس التعاون الخليجي العام المقبل".

كما "تطور شركة أكوا باور السعودية، التي يمتلك فيها صندوق الاستثمارات العامة المملوك للدولة 50%، محطات للطاقة الشمسية في أذربيجان وإثيوبيا والعراق وأوزبكستان، وفي 2022، أعلنت مصدر، وهي شركة طاقة مملوكة بالكامل للإمارات، أنها ستقود مشاريع الطاقة المتجددة في أنجولا وأذربيجان وقيرغيزستان ورومانيا وتنزانيا وأوغندا"، وفقا لكارين.

المصدر | كارين يونغ/ فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج نفط طاقة متجددة كربون استثمارات طاقة خضراء

تسابق خليجي على إنتاج الهيدروجين الأخضر.. ماذا يعني؟

طفرة البطارية.. ضرورة خليجية لتخزين الكهرباء مع تراجع النفط

الخليج يخطط لإنفاق 325 مليار دولار على مشاريع الطاقة المستقبلية

مستقبل قطاع الطاقة بالخليج.. تعرَّف على التحديات والفرص في 2024