ثقب في جدار القمع.. هكذا فاز البلشي بمنصب نقيب صحفيي مصر رغم السيطرة الحكومية

الأحد 9 أبريل 2023 05:32 م

اعتبر "معهد الشرق الأوسط" أن تتويج الصحفي اليساري خالد البلشي بمنصب نقيب الصحفيين في مصر على حساب منافسه المدعوم من الحكومة خالد ميري؛ يوفر فرصة نادرة للصحفيين المصريين للاحتفال، لا سيما في عهد رئيس البلاد عبدالفتاح السيسي الذي تميز حكمه بقمع الحريات وفرض قيود على وسائل الإعلام.

وحصل البلشي على ألفين و450 صوتًا، بينما حصل ميري على ألفين و211 صوتًا من أصل 5 آلاف و62 صوتا، بينهم 4 آلاف و888 صوتًا صحيحا و174 صوتًا باطلا.

وأوضح المعهد في تحليل للصحفي والسياسي خالد داود، نشره على موقعه وترجمه "الخليج الجديد"، أن فوز البلشي المدعوم من شباب الصحفيين على المرشح المدعوم من الحكومة يأتي بعد 9 أعوام من وضع نظام السيسي جميع أشكال وسائل الإعلام تحت السيطرة الكاملة للدولة.

ثقب في جدار القمع

وذكر أنه في غضون تلك الفترة، أقدمت أجهزة الأمن على تنفيذ ممارسات قمعية ضد الصحفيين والمواطنين الذي عبروا عن آراء مناهضة للحكومة، كما تم وضع المئات منهم في الحبس الاحتياطي وجرى حجب ما يقرب من 600 موقع إخباري محلي وعربي ودولي ومواقع أخرى حقوقية.

ونتيجة لتلك الممارسات، احتلت مصر المرتبة 168 في مجال الحريات الصحفية من بين 180 دولة، وفقًا لمنظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية، التي يعد موقعها الإلكتروني من بين المواقع المحجوبة في مصر.

وأضاف أن فوز البلشي جاء بالرغم من الكرم الذي حظي به منافسه من رؤساء الصحف الرسمية المملوكة للدولة، حيث كانت تصريحاته تتم تغطيتها بشكل يومي.

في المقابل، أُلغيت عدة اجتماعات انتخابية كانت مقررة مع البلشي في اللحظة الأخيرة، ولم يظهر معه نفس رؤساء تحرير الصحف المملوكة للدولة في الصور.

وتجاهلت جميع المحطات التلفزيونية المملوكة للدولة البلشي، كما لو لم يكن حتى مرشحًا؛ مما أعطى وقتًا لبث مقابلات مطولة مع ميري فقط.

واعتبر التحليل أن الأسباب الرئيسية لفوز البلشي على ميري هو أن الأجهزة الأمنية المعنية اعتبرت فوز الأخير حتميًا. بالنظر إلى وقوع كافة الصحف الكبرى تحت سيطرة الدولة، وتوظيفها عددا كبيرا من أعضاء النقابة.

كما يدعم ذلك السوابق التاريخية لفوز المرشحين المدعومين من قبل الدولة بالانتخابات، مع استثناءات قليلة ونادرة.

لذلك، عندما فاز البلشي المعارض لنظام السيسي بمنصب نقيب الصحفيين، اعتُبرت مفاجأة كبيرة، وقدمت بصيص أمل للخصوم الضعفاء بأنه لا يزال بإمكانه تحدي التكتيكات القاسية للدولة.

وزاد من حجم المفاجئة فوز ثلاثة صحفيين معارضين بمقاعد في مجلس النقابة؛ مما وفر للبلشي أرضية أقوى للعمل على تحقيق أهدافه.

دعم الشباب 

ووفق التحليل، فقد حصل البلشي على دعم العشرات من المراسلين الشباب، رجالًا ونساءً، الذين أصبح لديهم اعتقاد قوى أن الإعلام المصري قد وصل إلى أسوأ حالاته منذ عقود، وأن إجراء تغيير أصبح حاجة ملحة.

بدأ العديد من هؤلاء المراسلين الشباب حياتهم المهنية عندما كانوا فى أوائل العشرينات من العمر بعد فترة وجيزة من ثورة  25 يناير/ كانون الثاني، التي أنهت 30 عامًا من حكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.

وكان لدى هؤلاء الشباب أمل في أن تكون الثورة نقطة تحول نحو إعلام ذي مصداقية ومنفتح وحر، بعد عقود من اعتباره أداة دعاية للدولة، لكن تلك الآمال تحطمت إلى حد كبير، وانتهى الأمر بالعديد منهم عاطلين عن العمل.

بالنسبة للجيل الأكبر من الصحفيين، كانت خيبة الأمل أكبر مع الأخذ في الاعتبار أن الصحافة تتمتع حاليًا بحرية أقل مما كانت عليه في عهد مبارك.

من أجل ذلك، كانت استعادة مصداقية النقابة ودورها التاريخي في الدفاع عن الحريات الأساسية في مصر - حيث تأتي حرية التعبير في مقدمة أولوياتها - على رأس جدول أعمال البلشي.

وكان البلشي ورفاقه يطالبون علانية بالإفراج عن الصحفيين المسجونين وسن قوانين تضمن التدفق الحر للمعلومات بدلاً من الرقابة الصارمة الحالية من قبل الدولة والقوانين القائمة التي تعاقب الصحفيين بالسجن إذا نشروا معلومات لم تنشرها الهيئات الحكومية.

سلالم الاحتفال

بعد دقائق من إعلان فوزه، توجه البلشي مع العشرات من أنصاره إلى سلالم نقابة الصحفيين للاحتفال، والتي تشتهر بكونها موقعًا للعديد من المسيرات التي كانت مناهضة لمبارك قبل عام 2011، إلى جانب سلالم نقابة المحاميين المجاورة لها.

في عام 2019، أعلن نقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان، عن خطة لتجديد واجهة المبنى، ولمدة أربع سنوات، غُطيت السلالم بأغطية بلاستيكية بهدف واضح وهو منع استخدامها في الاحتجاجات المناهضة لحكومة السيسي.

تمت إزالة الأوراق قبل أيام قليلة من الانتخابات في مارس/أذار، في محاولة من قبل ميري، الذي كان عضوًا منتخبًا في مجلس إدارة النقابة لمدة ثماني سنوات، للادعاء بأن المبنى سيعود بنشاط إلى العمل.

ومع ذلك، فإن اختيار الصحافيين لبلشي لرئاسة نقابتهم خلال العامين المقبلين منح خصم ميري والعديد من الصحفيين المصريين الغاضبين من النظام فرصة نادرة للاحتفال.

المصدر | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خالد البلشي نقابة الصحفيين المصريين عبدالفتاح السيسي

تقرير حقوقي: هكذا طورت السعودية ومصر أساليب قمعية عابرة للحدود

انتخابات الصحفيين وأحداث المهندسين.. تحذير للحكومة المصرية من الاستياء الشعبي