قمح وشراكة وديون ومصالح.. لماذا قد يرسل السيسي الصواريخ إلى روسيا؟

الأحد 16 أبريل 2023 03:15 م

طرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية خليل العناني، أربعة دوافع  خلف سعي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تزويد نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ40 ألف صاروخ، بحسب ما كشفت عنه وثيقة للاستخبارات الأمريكية مزعومة ومسربة.

العناني أوضح، في تحليل نشره "المركز العربي واشنطن دي سي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الوثيقة "كشفت أن الرئيس السيسي أصدر تعليماته للمسؤولين سرا بإنتاج 40 ألف صاروخ وقذيفة مدفعية وبارود وشحنها سرا إلى روسيا" التي تشن منذ 24 فبراير/ شباط 2022 حربا على جارتها أوكرانيا، المدعومة من الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة.

وتابع أنه بينما نفت مصر بشكل قاطع صحة تلك المعلومة، علّق عليها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بحذر قائلا إنه لا يوجد دليل على أن القاهرة نفذت تلك الخطة.

وأضاف العناني: "إذا ثبتت صحة الوثيقة، فقد يطرح الوحي أسئلة جادة حول الدوافع وراء قرار السيسي تزويد روسيا، خصم الولايات المتحدة الرئيسي، بأسلحة فتاكة، بينما تعد مصر أحد أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية الأمريكية في العالم، حيث تتلقى 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا، وكانت حليفا استراتيجيا رئيسيا لواشنطن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار العقود الخمسة الماضية".

شراكة شاملة  

و"هناك أربعة عوامل رئيسية يمكن أن تفسر مناورة السيسي. أولا، لعب دورا حاسما في تعزيز العلاقات بين مصر وروسيا على مدار العقد الماضي. فمنذ وصوله إلى السلطة عام 2014، سعى إلى إقامة علاقة شخصية وثيقة مع بوتين، وبلغت ذروتها بتوقيع اتفاقية شراكة شاملة طويلة الأجل بين البلدين في 2018 (...) ويبدو أن تزويد روسيا بالأسلحة يعكس عمق العلاقة بين البلدين"، بحسب العناتي.

وأوضح: "ثانيا، يمكن اعتبار صفقة "السلاح مقابل القمح" سببا محتملا وراء خطوة السيسي، فمصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، ويأتي أكثر من 70% من واردات القمح من روسيا وأوكرانيا. وتسبب الصراع بين البلدين في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما زاد الضغط على الاقتصاد المصري المتعثر، والذي يعاني من ارتفاع ديون خارجية قياسية. وللتخفيف من ذلك، يمكن لمصر بيع الأسلحة إلى روسيا مقابل القمح وتوفير المليارات من العملات الأجنبية".

والدافع الثالث، بحسب العناني، هو أن "روسيا تمول مشروعات كبيرة في مصر، بينها إنشاء محطة للطاقة النووية بتكلفة 28.5 مليار دولار، بتمويل من قرض روسي قيمته 25 مليار دولار. ووقَّع البلدان اتفاقية اقتصادية في فبراير/ شباط 2023 لإنشاء مصنع لصيانة وإصلاح حافلات القطارات بتمويل روسي. وإحدى طرق سداد مصر لهذا الدين هي تقديم الدعم العسكري لروسيا".

أما الدفاع الأخير فهو أنه "يبدو أن السيسي يبذل جهودا للاستفادة من الصدع الحالي بين الولايات المتحدة وروسيا بطريقة تذكرنا بحقبة الحرب الباردة (1949-1991) لتعزيز مصالح نظامه"، بحسب العناني.

وأردف: "يحدث هذا في وقت كانت الولايات المتحدة تضغط فيه على مصر لمعالجة سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان. كما يبدو أن السيسي يستغل الضعف الملحوظ لإدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن وتغيير موقفها في المنطقة، مما خلق مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة بشأن فراغ محتمل في النفوذ في المنطقة".

خيارات بايدن 

وبالنسبة للرد الأمريكي المحتمل في حال كانت المعلومة صحيحة، قال العناني إن "الولايات المتحدة تجد نفسها الآن أمام خيارات محدودة فيما يتعلق بالعمل الدبلوماسي".

وأضاف أنه "يمكن أن يكون أحد الإجراءات المحتملة هو تطبيق قانون ليهي، الذي ينص على تقليص المساعدة العسكرية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وبالتالي حجب جزء من المساعدة العسكرية التي تقدمها لمصر، وهو تكتيك تم استخدامه في السابق".

واستدرك: "لكن تطبيق هذا التكتيك الآن قد يأتي بنتائج عكسية، فربما ينّفر السيسي ويدفع مصر أكثر نحو موسكو (...) كما أن هناك عقبات يمكن أن تعرقل اعتماد مثل هذه الاستراتيجية، بينها معارضة المشرعين الذين يدافعون عن الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع مصر".

وأخيرا، بحسب العناني، "يوجد خيار محتمل آخر للولايات المتحدة، وهو زيادة الانتقادات العلنية لسجل حقوق الإنسان في مصر، وبينها القيود المفروضة على حرية التعبير، وقمع المعارضة السياسية، والاعتقالات خارج نطاق القضاء".

وأردف: "يبدو أن تحرك السيسي لتزويد روسيا بأسلحة فتاكة كان محسوبا، على الرغم من أنه ينطوي على مخاطر حدوث عواقب سلبية محتملة. ولا يزال التأثير الدقيق لهذه الوثيقة المسربة على العلاقة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة ومصر غير مؤكد".

المصدر | خليل العناني/ المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر روسيا صواريخ الولايات المتحدة وثيقة السيسي بوتين بايدن