مصالحات شرق أوسطية غير مسبوقة بحاجة لدعم دولي يمنع انهيارها

الأحد 16 أبريل 2023 04:30 م

انخرطت دول الشرق الأوسط في نمط غير مسبوق من المصالحات لحماية مصالحها وسط تقلبات في النظام الدولي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، ولكن "بدون دعم دولي يعتمد عليه، يمكن لهذه الروابط الجديدة أن تنهار بسهولة".

ذلك ما خلص إليه كل من سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" (Chatham House) البريطاني، ونيل كويليام الباحث في البرنامج، عبر تحليل نشره المعهد وترجمه "الخليج الجديد".

وبوساطة صينية، وقَّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) في 10 مارس/آذار الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين؛ ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يتصارعان على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء في دول منها اليمن وسوريا ولبنان والعراق.

كما أن "الرياض تجري مصالحة حاليا مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وزاد تعاملها وراء الكواليس مع إسرائيل"، وفق لسنام وكويليام.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات علنية مع إسرائيل، وتطالب بانسحابها من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل حادل لقضية اللاجئين.

ولإخماد الحرائق الإقليمية، بحسب سنام وكويليام، أمسكت الإمارات بزمام المبادرة في التعامل مع إيران وتركيا وسوريا، وتبعتها الرياض عن كثب، كما "اتخذت أبوظبي خطوة جريئة بتوقيع اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات) مع إسرائيل في سبتمبر/ أيلول 2020".

وتابعا: "كما أدت اتفاقية العلا لعام 2021، بقيادة السعودية، إلى إعادة ضبط العلاقات الخليجية بشكل كبير في أعقاب حصار لقطر بدأ عام 2017 (من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وتمت مؤخرا استعادة العلاقات بين قطر والبحرين".

وأضافا أن "المصالحة بين تركيا والإمارات في مارس/ آذار 2022، والتي أعقبها تقارب مماثل بين أنقرة والرياض، أنهت رسميا تنافسا دام عقدا من الزمن، وأعقب ذلك استئناف العلاقات التركية الإسرائيلية، في حين أن المصالحة بين تركيا ومصر جارية أيضا".

أولويات أمريكية جديدة

و"من المؤكد أن المحرك الرئيسي لهذا النهج الجديد مرتبط بالتصورات الإقليمية للدعم الأمني الأمريكي غير المتسق، وهو شعور ليس جديدا ولكنه يتصاعد منذ أن أوضحت إدارة (الرئيس الأمريكي الأسبق بارك) أوباما (2009-2017) أولويات أمريكية جديدة موجهة نحو (الصراع مع) الصين وروسيا"، بحسب سنام وكويليام.

وزادا بأن "إدارتا (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب و(الرئيس الحالي جو) بايدن واصلتا هذه السياسة وأظهرت دلائل مماثلة عندما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان (2021)، ودعت شركائها في الشرق الأوسط إلى تقاسم عبء الأمن الإقليمي".

كما أن "تدفق الدعم (العسكري والدبلوماسي) الغربي لأوكرانيا (في ظل الحرب ضد روسيا) في حين يتم بذل القليل من الجهود لوقف تهديدات إيران، قد أيد أيضا التصور في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأن الدعم الأمريكي آخذ في التراجع".

وأفادا بأن "دول المنطقة، ولاسيما السعودية والإمارات، أدركت أن المواجهة مع إيران لم تفشل في تحقيق النتائج المرجوة فحسب، بل عرّضتها أيضا إلى ضعف اقتصادي".

حماية المصالح الوطنية

ووفقا لسنام وكويليام، فإنها "مدفوعة بمزيج من التعب من الصراع وتداعيات جائجة فيروس كورونا، والتركيز على الأمن الاقتصادي، والقلق المستمر بشأن تراجع المشاركة الأمريكية (في المنطقة)، وزيادة المنافسة الجيوسياسية، انخرطت الدول في جميع أنحاء الشرق الأوسط في نمط غير مسبوق من المصالحة لحماية مصالحها وسط تقلبات في النظام الدولي".

واعتبرا أنه "في الوقت الحالي، لا ينبغي النظر إلى نطاق وتنوع التحالفات الجديدة على أنه أكثر من مجرد نمط من التحوط لإدارة المناورات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين".

و"علاوة على ذلك، لا يمكن لهذه التحولات أن تحل انعدام الثقة الراسخ أو نفض الغبار عن التوترات التي تراكمت خلال العقد الماضي من المنافسة الإقليمية"، بحسب سنام وكويليام.

وتابعا: "يجب أن يُنظر إليها على أنها عمليات إعادة ضبط متعمدة تهدف إلى إدارة الصراع وتقليل الضعف الاقتصادي، وفقط مع الوقت والاستثمار السياسي المستمر يمكن أن يتحول خفض التصعيد هذا إلى تغيير ذي مغزى وإعادة ضبط إقليمية حقيقية، ولكن بدون دعم دولي يعتمد عليه، يمكن لتلك الروابط الجديدة أن تنهار بسهولة".

المصدر | سنام وكيل ونيل كويليام/ تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصالحات الشرق الأوسط دعم دولي السعودية إيران تركيا إسرائيل الإمارات قطر البحرين

قطر والإمارات تعيدان فتح السفارتين خلال أسابيع

استثمار الإمارات في المغرب.. تنويع للاقتصاد وتعزيز للنفوذ

4 أسباب.. تقدير إسرائيلي: انفراجات الشرق الأوسط مصالحات باردة

مع إحلال السلام.. هل تتراجع مشتريات الخليج من السلاح الأمريكي؟

جغرافيا سياسية جديدة في غرب آسيا.. فهل حان الوقت لنظام أمني إقليمي؟