اليوم الثاني.. اقتتال في نصف ولايات السودان واستغاثة طبية وتجاهل لدعوات التهدئة (محصلة)

الأحد 16 أبريل 2023 09:57 م

ياسين مهداوي- الخليج الجديد

تواصلت الأحد، لليوم الثاني على التوالي، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية في 9 ولايات من أصل 18، وتجاهل الطرفان عروضا للوساطة بينهما، وبات عدد المصابين يفوق استيعاب المستشفيات، مع توقعات باستمرار الاقتتال لعدة أيام، وفي تضارب بشأن السيطرة على الأرض.

صباحا، دوت أصوات مدافع في أكثر من منطقة وسط العاصمة الخرطوم، حيث يوجد مقر القيادة العامة للجيش وعدد من المواقع الاستراتيجية، وشملت الاشتباكات حتى الآن 10 مدن في 9 ولايات من أصل 18، ما يعني أنها قابلة للتمدد والاستمرار لأيام، حيث يمتلك الطرفان قوات بالآلاف في كل ولاية في البلاد.

وأعلن الجيش، بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، استعادته السيطرة على مطار مروي العسكري (شمال) بعد أن سيطرت عليه السبت قوات "الدعم السريع"، بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وقالت مصادر في الجيش لقناة "الجزيرة" إن قوات الجيش تطارد "فلول المتمردين" في محيط المطار، وجرى اعتقال 100 أسير.

وأُسست "الدعم السريع" عام 2013 لدعم القوات الحكومية في مواجهة الحركات المسلحة المتمردة بإقليم دارفور (غرب).

ومستفيدا من نقطة تميزه، شن الجيش هجمات جوية على مواقع لقوات "الدعم السريع" في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان، فيما تضاربت أنباء بشأن نتائج الاشتباكات الدائرة داخل المدن وفي مناطق طرفية في ظل بيانات متناقضة.

كما أعلن الجيش أن قواته سيطرت على جميع مقار "الدعم السريع" في مدينة أم درمان غربي الخرطوم، بالإضافة إلى قواعد ومقار في مدن بورتسودان وكسلا (شرق) والدمازين (جنوب شرق) وكوستي وكادوقلي (جنوب).

بينما قالت قوات "الدعم السريع"، عبر بيان، إنها سيطرت على برج القوات البحرية في القيادة العامة للجيش، وإن قواتها في بورتسودان تعرضت لهجوم من طيران أجنبي (لم تسمه)، محذرة من التدخل الأجنبي.

ممرات ونداء طبي

وبمقترح من الأمم المتحدة، ومع احتفاظهما "بحق الرد في حال أي اعتداء أو تجاوز"، فتح كل من الجيش و"الدعم السريع" مسارات آمنة للحالات الإنسانية لمدة 3 ساعات بدأت في الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (15:00 ت.ج)، بحسب بيانين.

ووفقا للمتحدث باسم الهلال الأحمر السوداني أسامة أبوبكر عثمان، في تصريح صحفي، فإن عدد المصابين يفوق الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، حيث تعاني من نقص في الكوادر الطبية والأسرّة وانقطاع التيار الكهربائي وبحاجة عاجلة للدعم.

وأكدت نقابة أطباء السوداء أن تزايد الإصابات في ظل قلة الكوادر الطبية تسبب في إصابة جميع الفرق العاملة حتى اللحظة في المستشفيات بالإرهاق، وأطلقت نداء عاجلا للمنظمات الإنسانية والهيئات الصحية الدولية والإقليمية لتقديم العون وتوفير الإمداد الطبي لجميع المستشفيات والمرافق الصحية بمناطق الاشتباكات.

وفجر الأحد، أفادت لجنة أطباء السودان المركزية (مستقلة) بمقتل 56 مدنيا، أكثر من نصفهم في الخرطوم وضواحيها، بالإضافة إلى مقتل العشرات من عناصر طرفي القتال، وإصابة نحو 600 شخص بجروح خلال 24 ساعة من المواجهات.

وأعلن وزير المعادن السوداني محمد بشير أبونمو، عبر "فيسبوك" الأحد، أن قذيفتين متتابعتين سقطتا على منزله في الخرطوم وأسفرتا عن مقتل 2 من أفراد أسرته و3 آخرين بينهم اثنان من طاقم الحراسات الشخصية، داعيا البرهان وحميدتي إلى وقف القتال فورا وحل خلافتهما عبر الحوار.

ولم يغادر السكان منازلهم في مناطق الاشتباكات، مع مخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية إذا استمر القتال في إحدى أفقر دول العالم.

"فلول" نظام البشير

وفي أول تعليق لها، اعتبرت قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، الائتلاف الحاكم سابقا وأبرز القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري"، أن القتال الراهن من صنع "فلول" (أنصار) نظام الرئيس المعزول عمر البشير (1989-2019)، "الذين يحاولون تمرير أجندتهم بتأجيج الكراهية والحرب وقطع الطريق أمام مسار الانتقال الديمقراطي".

وأضافت الحرية والتغيير، في بيان، أن "مخططات عناصر النظام البائد تكشفت وبوضوح عقب إشعال فتيل المعركة، ليتضح أنهم هم الجهة التي قامت بالتعبئة لهذه الحرب، وهم الذين يرجون حصاد نتائجها".

والسبت، اندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاء كان مرتقبا بين البرهان وحميدتي، وثمة خلاف بينهما بشأن دمج مقترح لقوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد البرهان إتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا في الحكم.

وجراء خلافهما، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين، آخرهما كان مقررا في 5 أبريل/نيسان الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 2021 إجراءات استثنائية اعتبرها الرافضون "انقلابا عسكريا"، بينما قال هو إنها تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية".

دعوات لوقف القتال

وفي ختام اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين، دعت جامعة الدول العربية، الأحد، إلى "الوقف الفوري لكافة الاشتباكات المسلحة بالسودان، والعودة السريعة إلى المسار السلمي لحل الأزمة"، عارضةً الوساطة لحل الأزمة، بحسب بيان ختامي للاجتماع الذي عُقد في القاهرة بدعوة من مصر والسعودية.

وحث الاجتماع السفراء العرب في الخرطوم على "التحرك للمساهمة في استعادة استقرار الأوضاع بالبلاد عبر الاتصال بكل الأطراف".

فيما أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتصالين هاتفيين، الأحد، مع البرهان وحميدتي، شدد خلالهما على أهمية التهدئة والعودة إلى "الاتفاق الإطاري"، بحسب بيان للخارجية السودانية.

وخلال اتصال هاتفي مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأحد، أن "بلاده تقوم باتصالات لحث الأطراف السودانية على وقف إطلاق النار".

فيما دعا فكي إلى الحوار ووقف إطلاق النار بشكل فوري وحماية المدنيين والسلام في السودان، وذلك خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي ناقش تطورات السودان، بحسب تغريدة للمجلس.

كما دعا رئيسا مصر عبدالفتاح السيسي وجنوب السودان سلفاكير ميارديت، خلال اتصال هاتفي الأحد، إلى وقف فوري للقتال، معربين عن استعدادهما للعب دور وساطة، بحسب بيان للرئاسة المصرية. ومصر هي الجارة الشمالية للسودان بينما جنوب السودان هي جارتها الجنوبية.

وفيما أعلنت الخطوط الجوية القطرية، الأحد، تعليق رحلاتها إلى ‎السودان بسبب إغلاق مطار ‎الخرطوم الدولي، دعت الخارجية التركية رعاياها في السودان إلى البقاء في الأماكن المغلقة، ولفتت إلى استمرار إغلاق المجال الجوي في السودان، مشددة على أن "الوضع الأمني ​​في جميع أنحاء البلاد غير مناسب للسفر".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان اقتتال الجيش الدعم السريع البرهان حميدتي وساطة

برنامج الأغذية العالمي يعلق عملياته في السودان بعد مقتل 3 من موظفيه

ارتفاع ضحايا الاشتباكات في السودان إلى 97 قتيلا و942 مصابا

الجيش السوداني يُعلن سيطرته على مطار مروي الاستراتيجي