لماذا سارعت الولايات المتحدة إلى إجلاء دبلوماسييها ومواطنيها من السودان؟

الخميس 27 أبريل 2023 09:56 م

"المسارات الحالية للمواجهات في السودان توحي بأن الموقف الأمريكي منها سوف يتطور تدريجياً، خاصة عندما تبدأ كل المتغيرات التي يمكن أن يكون لها تأثير في تحديد وجهة تلك الأزمة في التبلور والنضوج".

هكذا خلص تحليل لمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، لافتا إلى أن ثمة ظروف جدّت خلال الأسبوع الثاني من الاشتباكات، دفعت الولايات المتحدة إلى إجراء عملية إجلاء واسعة لدبلوماسييها ومواطنيها من السودان.

وأضافت: "ثمة محددات موضوعية تؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة مثل هذه العملية، منها مستوى الخسائر البشرية في السودان، وانعكاسات الصراع المسلح على البنية التحتية من طرق ومرافق، خاصة المطارات، إلى جانب وسائل الإعاشة نفسها من أغذية ووقود وأدوية وغيرها".

ووفق التحليل، فإنه "يبدو أن واشنطن تحسبت مبكراً للسيناريو الليبي، الذي واجهت فيه أحد أكبر إخفاقاتها الدبلوماسية في العقود الأخيرة، عندما تعرضت قنصليتها في مدينة بنغازي للحصار والاقتحام في 11 سبتمبر/أيلول 2012، وانتهى الأمر بمقتل أربعة  أمريكيين من بينهم السفير كريستوفر سيتفنز".

وهذه العملية مثلت إخفاقاً دبلوماسياً وأمنياً للولايات المتحدة، ظل يلاحق وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، حتى عندما ترشحت للانتخابات الرئاسية التي أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وأسفرت عن فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أمعن في استغلال هذا الحادث لتقليص فرص منافسته في الانتخابات.

من هنا، يمكن القول وفق التحليل، إن إدارة الرئيس جو بايدن ارتأت، ضمن أسباب عديدة، المسارعة في إخلاء الدبلوماسيين تجنباً لاحتمال تكرار ما حدث في ليبيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي سوف تُجرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وليس بعيدا عن ليبيا، قال التحليل إنه رغم مرور نحو 30 عاماً، لا تزال "عقدة الصومال" ماثلة في أذهان صانعي القرار الأمريكيين، عندما اشتبكت قوات أمريكية مع قوات الجنرال الصومالي الأسبق محمد فارح عيديد، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1993، على نحو أسفر عن مقتل مئات الصوماليين و18 أمريكياً سُحل أحدهم في شوارع مقديشيو، بشكل أثار ضجة عالمية وأمريكية.

وهنا، حسب التحليل، فإن واشنطن تسعى إلى تأمين وجود عسكري في المنطقة، عبر قاعدة "ليمونييه" في جيبوتي، يكون لديها من خلالها القدرة على التدخل السريع لحماية مصالحها في حالة التعرض لأى خطر قد يكون داهماً على غرار ما حدث في مقديشيو وبنغازي، وذلك بالتوازي مع المهام التي تقوم بها القيادة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم".

وتابع مركز "الأهرام": "ما زالت الإدارة الأمريكية الحالية تتعرض لانتقادات داخلية حادة بسبب السياسة التي تبنتها لإتمام عملية الانسحاب من أفغانستان في منتصف أغسطس/آب 2021، والتي شابتها حالة من الفوضى العارمة، وانتهت بعودة حركة طالبان إلى السيطرة على الحكم مجدداً".

وزاد: "لا يمكن استبعاد أن تكون مسارعة واشنطن إلى الانخراط في التعامل مع تداعيات المواجهات، ومنها إجلاء دبلوماسييها، إلى جانب دعوتها المتكررة للوصول إلى هدنة بين الطرفين، فضلاً عن استعدادها لزيادة عدد قواتها في قاعدة ليمونييه بجيبوتي، محاولة من جانبها لتوجيه رسائل مباشرة بأنها موجودة في المنطقة ومعنية بأزماتها، ومستعدة للتعامل مع ارتداداتها".

وهنا، فإن ذلك قد يرتبط، في قسم منه، وفق التحليل، بمحاولاتها الرد على التطورات الأخيرة التي طرأت على الساحة الإقليمية، ومنها توقيع اتفاق بكين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، برعاية الصين، في 10 مارس/آذار الفائت، وهو تطور يطرح معانٍ عديدة لا تخطئها عين، وكلها موجهة إلى واشنطن في الأساس.

واستطرد التحليل: "كما لا يمكن فصل ذلك عن تزايد التقارير الأمريكية التي تشير إلى أن روسيا ربما تكون حاضرة في المشهد السوداني، من خلال شركة فاجنر".

وزاد: "إذا ما ربطت واشنطن بين هذه التقارير وبين ما سبق أن طُرح من احتمال تأسيس قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر، والتي اعتبر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في 3 مارس 2022، أنه لا توجد مشكلة بشأنها طالما أن ذلك يحقق مصلحة السودان، فإن ذلك قد يمثل دافعاً آخر لاتجاه واشنطن إلى تعزيز وجودها العسكري بالقرب من السودان وتحديداً في منطقة القرن الأفريقي".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمريكا السودان اشتباكات السودان عملية إجلاء

للفصل بين المتحاربين.. قوة عسكرية جديدة تدخل على خط الاشتباكات في السودان

إجلاء الأجانب العاملين في قطاع الطاقة من السودان