يزداد الوضع الإنساني في السودان صعوبة مع دخول الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثالث وسط تحذيرات من انهيار القطاع الصحي، فيما قررت الأمم المتحدة إرسال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث إلى الخرطوم.
والاشتباكات التي بدأت في 15 أبريل/نيسان الجاري متواصلة حتى اليوم، رغم موافقة طرفي النزاع (الجيش والدعم السريع) على هدنة بدأت الإثنين الماضي (24 أبريل) وجرى تمديدها منتصف هذه الليلة لمدة 3 أيام.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان إنه "في ضوء تدهور الأزمة الإنسانية بسرعة في السودان، قرر الأمين العام إرسال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، إلى المنطقة على الفور".
وأوضح أن "حجم وسرعة ما يجري في السودان غير مسبوق. نحن قلقون للغاية من التأثير الفوري والطويل الأجل على جميع الناس في السودان والمنطقة".
وجددت الأمم المتحدة دعوتها "جميع أطراف الصراع إلى حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية والسماح بعبور آمن للمدنيين الفارين من مناطق الأعمال العدائية واحترام عمال الإغاثة والممتلكات وتسهيل عمليات الإغاثة واحترام الطواقم الطبية ووسائل النقل والمرافق".
شحنة مساعدات إنسانية
في غضون ذلك، وصلت مساء الأحد، أول شحنة مساعدات إنسانية تابعة لـ"اللجنة الدولية للصليب الأحمر" إلى بورتسودان (شرق)، والتي انطلقت من العاصمة الأردنية عمان؛ لدعم مستشفيات السودان.
وذكر البيان، أن المساعدات تأتي "ضمن عمليات الطوارئ التي تنفذها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عقب اندلاع النزاع في السودان".
وتضم الشحنة مواد إنسانية مؤلفة من 8 أطنانٍ، وهي معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال، وفق البيان.
ونقل البيان عن المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية، باتريك يوسف، قوله: "يحقق العاملون في مجال الرعاية الصحية في السودان المستحيل، وهم يعتنون بالجرحى من دون ماء ولا كهرباء ولا إمدادات طبية أساسية".
وأوضح: "من الصعب للغاية وضع الترتيبات اللوجستية الضرورية لإدخال الإمدادات، في خضم نزاع دائر، ونشعر بالارتياح لإدخال هذه المواد الطبية".
وأعربت اللجنة الدولية عن امتنانها للدعم الذي قدمته السلطات الأردنية، لافتةً بأنه لدى اللجنة الدولية مركز لوجستي كبير، وقد سارعت إلى توفير طائرة لنقل الشحنة الطبية. وبينت أنها سترسل طائرة ثانية تحمل إمدادات طبية إضافية وموظفين في مجال الطوارئ.
إلى ذلك نقلت قناة "العربية" عن "الصليب الأحمر" قولها إن الأزمة الإنسانية في السودان كبيرة ومميتة حتى قبل اندلاع النزاع، مؤكدة أن العاملين في المجال الطبي بالسودان لا يستطيعون الوصول إلى أعمالهم.
وأضافت اللجنة أن البنية التحتية الأساسية في السودان تضررت للغاية. وحذرت من أن الأوضاع مأساوية والمستشفيات تفتقر للمؤن الطبية، معربة عن أملها في وصول الإمدادات الطبية للمحتاجين إليها في السودان.
وأوضحت "الصليب الأحمر" أن الأولوية القصوي في السودان هي إيصال الإمدادات الطبية للمستشفيات. ولفتت إلى أن نقص المياه في السودان ينذر بأزمة بيئية غير مسبوقة.
كارثة إنسانية
وتأتي هذه التطورات في ظل تحذيرات أممية ومحلية من خطر الانجرار إلى كارثة إنسانية في البلاد بفعل تواصل الاشتباكات.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رولا أمين، إن كل يوم تستمر فيه المعارك يفاقم من الكارثة الإنسانية في السودان.
وأضافت في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن منظمات دولية إغاثية علقت عملها بالسودان بسبب خطورة الوضع الأمني.
وأكدت أمين أن المدنيين عالقون في مدن سودانية عدة بسبب ارتفاع تكلفة النزوح واللجوء، مشيرة إلى أن 50 ألف سوداني عبروا الحدود إلى الدول المجاورة منذ اندلاع القتال.
في نفس السياق، حذر رئيس مفوضية حقوق الإنسان بالسودان، رفعت ميرغني عباس، من أن النظام الصحي في البلاد على وشك الانهيار، نتيجة الاشتباكات.
وقال عباس في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "نحن الآن نتحدث عن نظام صحي على وشك الانهيار، فالمستشفيات صارت معتركًا للطرفين ولم تسلم من نيرانهما".
وأضاف عباس: "الكوادر الطبية تعمل في ظروف بالغة السوء، والأدوية الضرورية صارت شبه منعدمة، وسيارات الإسعاف لا تستطيع أن تعمل بأمان، فضلا عن مشكلات متعددة مرتبطة بالوضع الصحي".
وتابع: "نحن الآن على مشارف الكارثة، ماذا تبقى لنقول إن الوضع كارثي؟... نحن نتطلع إلى أن تتدخل المنظمات الدولية والإقليمية لضمان هدنة طويلة على الأقل، ونتطلع دائما لدور هذه المؤسسات في إقناع طرفي النزاع بالتوقف عن القتال وسط المدنيين".
