وصفة أمريكية لإنقاذ السودان بضغوط مالية دولية على 3 أطراف

الثلاثاء 2 مايو 2023 01:12 م

انتقد إرنست هوجندورن، هو مستشار سابق للمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان وجنوب السودان، الدعوات إلى وقف القتال بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في السودان والعودة إلى طاولة التفاوض، مشددا على ضرورة ممارسة ضغوط مالية دولية على الفرقاء لإنقاذ البلاد من حرب أهلية طويلة وتحقيق انتقال مدني ديمقراطي.

هوجندورن وهو نائب مدير برنامج أفريقيا السابق بمجموعة الأزمات الدولية، حذر في تحليل لـ"المجلس الأطلسي" (Atlantic Council) البحثي الأمريكي ترجمه "الخليج الجديد" من "إعادة  تأسيس توازن القوى المشحون بين الجيش والدعم السريع الذي أعاق مفاوضات استمرت ثمانية عشر شهرا للعودة إلى حكومة مدنية".

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يعاني السودان من قتال بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وبين القائدين خلافات أبرزها حول المدة الزمنية لتنفيذ مقترح لدمج "الدعم السريع" في الجيش، وهو أحد الالتزامات الرئيسية ضمن اتفاق بين المؤسسة العسكرية والقوى المدنية لتسليم السلطة إلى المدنيين، بعد أن فرض البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين كان متحالفا مع حميدتي، إجراءات استثنائية أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطواري، وهو ما اعتبره الرافضون "انقلابا عسكريا".

ودعا هوجندورن الشركاء الدوليين إلى "زيادة الضغط المالي على الدعم السريع والمسؤولين الحكوميين السابقين في عهد (الرئيس المعزول عمر) البشير (1989-2019) والجيش لتغيير حساباتهم السياسية على طاولة المفاوضات".

واعتبر أنه "لا يمكن أن يكون السودان مستقرا إذا كان يوجد جيشان وإذا سُمح لنخب النظام السابق/ الإسلاميون ببث الفتنة، لذلك على الشركاء الدوليين ممارسة ضغوط مالية منسقة على قادة الدعم السريع للالتزام بالاندماج السريع في الجيش وعلى قادة النظام السابق للتوقف عن التحريض على العنف، وعلى قادة الجيش لاحترام تعهداتهم بتسليم السلطة".

لعبة البشير

"استطاع الدكتاتور البشير استطاع البقاء في السلطة لمدة ثلاثين عاما عبر تفتيت الأجهزة الأمنية واللعب بها ببراعة ضد بعضها البعض لمنع أي منها من أن يصبح قويا بما يكفي للانقلاب عليه، كما سُمح للقادة العسكريين والسياسيين بالسيطرة على أجزاء كبيرة من الاقتصاد وتجميع ثروة كبيرة"، وفقا لهوجندورن.

وفي 2013 أُسست قوات "الدعم السريع" لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم درافور (غرب)، ثم تولت مهاما منها مكافحة الهجرة غير الشرعية على الحدود. وبعدها بست سنوات، أطاحت قيادة الجيش بالبشير من الرئاسة تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

وفي مشهد ما بعد البشير، بحسب هوجندورن، "استخدم الزعيمان (البرهان وحميدتي) تكتيكات مختلفة لتقوية موقف كل منهما وإضعاف موقف الآخر، بينها استيراد المزيد من الأسلحة وتسليح المجتمعات (المحلية) ومحاولة تقسيم القوات المنافسة وقطع مصادر التمويل والتحالف مع السياسيين المدنيين وتطوير العلاقات مع الأجانب (بما في ذلك روسيا)، والتخطيط لانقلابات".

حرب أهلية طويلة

هوجندورن رجح أنه "لا يستطيع الجيش ولا الدعم السريع تحقيق نصر حاسم، بالنظر إلى حجم السودان ومشهده السياسي الممزق. وباستثناء التدخل الحاسم، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا هو حرب أهلية طويلة ودموية متعددة الجوانب وكارثة إنسانية مذهلة كما في الصومال وسوريا واليمن".

وحذر من أن "هذه الكارثة لن تقتصر على السودان، ويمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة ودفع عشرات الملايين من السودانيين إلى الفرار إلى الدول المجاورة والشرق الأوسط وأوروبا".

وشدد على ضرورة "منع هذا السيناريو بطريقة تضمن تغيير الحسابات السياسية والعسكرية لحميدتي والبرهان وأنصارهما عند استئناف المفاوضات الجادة للعودة إلى حكومة مدنية".

واعتبر أن "مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار أو ممارسة الضغط الدبلوماسي بالتساوي ليست كافية، حيث ستحافظ فقط على التكافؤ التقريبي للقوة العسكرية بين الدعم السريع والجيش".

وأكد أن "هذا لا يعني أن حميدتي أو البرهان هو الأفضل، فكلاهما خذل الشعب ويجب تشجيعه على مغاردة السلطة. ومع ذلك، يجب أن يهدف الشركاء الدوليون إلى وقف القتال فورا  واستئناف المفاوضات من أجل الانتقال إلى حكومة مدنية، ومن ثم ضمان احترام الجنرالين لتعهداتهما بتسليم السلطة".

البداية بـ"الدعم السريع"

وبالتالي، وفقا لهوجندورن، "يجب على القادة الدوليين والإقليميين بالتنسيق البدء في ممارسة ضغط استراتيجي عبر تجميد الحسابات المصرفية السودانية والعرقلة المؤقتة للأنشطة التجارية للقادة السودانيين وقواتهم".

وتابع: "من غير المرجح أن تنتصر قوات الدعم السريع على الجيش بأسلحته الثقيلة والمدعوم من مصر، لذا فإن الخيار الأقل سوءا لوقف القتال هو ممارسة الضغط أولا على إمبراطورية حميدتي التجارية التي تمول الدعم السريع".

واستطرد: "على الجهات الفاعلة الخارجية، ولا سيما الإمارات والسعودية (بسب العقوبات الغربية يمتلك سودانيون أعمالا وحسابات مصرفية في الدولاتين الخليجيتين)، تجميد الحسابات المصرفية وأنشطة الأعمال المعروفة لقوات الدعم السريع ولعائلة حميدتي".

ومضى قائلا: "بالمثل، يجب على الشركاء الدوليين بسرعة تجميد أصول نظام البشير/ القادة الإسلاميين المعروفين الذين يحرضون على العنف في محاولة للعودة إلى السلطة، وكذلك تحديد أصول ومصالح الجيش التجارية لاحتمال تجميدها ومصادرتها في حالة عدم وفائه بتسليم السلطة أو إدامة الهيمنة السياسية والاقتصادية التاريخية للنخب على حساب الشعب".

المصدر | إرنست هوجندورن/ المجلس الأطلسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان القتال الجيش الدعم السريع ضغوط مالية البشير البرهان حميدتي

السيسي: المصريون يعانون من التضخم.. واستقبال السودانيين يزيد الصعوبات

انفجاران عنيفان يهزان الخرطوم.. وعدد قتلى الاشتباكات يرتفع إلى 550

سوليفان يشكر السعودية لمساعدتها على إجلاء أمريكيين من السودان