من سوريا إلى تونس.. هل يُغلَق قوس الربيع العربي؟ (إطار)

الاثنين 8 مايو 2023 10:20 ص

ياسين مهداوي- الخليج الجديد

مع تطبيع العلاقات بين جامعة الدول العربية ومعظم العواصم العربية من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى، تتصاعد تساؤلات بشأن إن كانت الأوضاع الراهنة في دول عربية تنذر بإغلاق قوس الربيع العربي دون تحقيق ما طالبت به احتجاجاته الشعبية؛ جراء أخطاء داخلية وتدخلات خارجية ضمن ما تُعرف بـ"الثورة المضادة".

وأواخر عام 2010، اندلعت في تونس احتجاجات رفعت شعارات العدالة الاجتماعية والحريات والديمقراطية وأطاحت بنظام الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي، ثم امتدت إلى دول عربية أخرى، وحققت في البداية نجاحات في بعضها قبل أن تُمنى بانتكاسات ربما تجعل النهايات الحالية واحدة في مضونها وإن تباينت مظاهرها.

وفي ما يلي يرصد "الخليج الجديد" الوضع الحالي في أبرز دول الربيع العربي بموجتيه الأولى والثانية:

سوريا.. عودة إلى الجامعة

قرر وزراء الخارجية العرب، الأحد، استئناف مشاركة وفود حكومة النظام السوري في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من 7 مايو/أيار الجاري.

وجاء القرار عقب نحو 12 عاما من قرار الجامعة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تجميد مقعد دمشق إثر قمع نظام بشار الأسد لاحتجاجات شعبية مناهضة له اندلعت في مارس/آذار من ذلك العام للمطالبة بتداول سلمي للسلطة، ما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة. ويحكم بشار منذ عام 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد.

وقبل خطوة الجامعة وبشكل منفرد، استأنفت معظم الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري، بينما ترفض دول أخرى، في مقدمتها قطر والكويت، التطبيع دون خطوات واضحة من النظام لتسوية الملفات الإنسانية وإعادة اللاجئين بصورة آمنة، بعد حرب خلَّفت مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين واللاجئين.

واعتبر رئيس هيئة التفاوض عن المعارضة السورية بدر جاموس أن قرار إعادة النظام إلى الجامعة العربية "يمثل تجاوزا لجرائم النظام وضربة للشعب السوري الثائر وتجاهلا لمطالبه بالتغيير، كما يقتل العملية السياسية"، موضحا أن الجامعة لم تستشر المعارضة بشأن القرار.

السودان.. حرب البرهان وحميدتي

منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، يشهد السودان حربا بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما أودى بحياة المئات من الأشخاص وأطلق موجة جديدة من النزوح واللجوء في أحد أفقر دول العالم.

وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن مقترح لدمج "الدعم السريع" في الجيش، وهو أحد أركان اتفاق لإعادة السلطة إلى المدنيين، بعد أن أطاح بهم البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 عبر إجراءات استثنائية أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.

وتلك الإجرءات اعتبرها الرافضون "انقلابا عسكريا" على مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/آب 2019، وكان مقررا أن تنتهي مطلع 2024 بإجراء أول انتخابات منذ أن عزلت قيادة الجيش في 11 أبريل/نيسان 2019 الرئيس آنذاك عمر البشير (1989-2019) تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة له.

الجزائر.. النخبة والجيش

قبل 9 أيام من الإطاحة بالبشير، وضمن ما تُعرف بالموجة الثانية من الربيع العربي، أطاحت احتجاجات شعبية بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019).

ويبدو أن دور الجيش لا يختلف في البلدين، فـ"الجيوش ذات المصالح الاقتصادية المهمة، مثل الموجودة في الجزائر والسودان، حريصة على إيجاد طرق لإخراج التحولات الديمقراطية عن مسارها"، بحسب ستيفن كينج أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورجتاون في تحليل نشره "مركز ويلسون" الأمريكي.

واعتبر كينج أن "النخبة الجزائرية أعادت توطيد نظامها العسكري الاستبدادي عبر الانتخابات"، مشددا على أهمية استئناف الاحتجاجات الشعبية لإخراج الجيش "بشكل دائم" من الساحة السياسية و"إضفاء الطابع المؤسسي على السيطرة المدنية عليه".

اليمن.. حرب وخطر انفصال

ضمن تأثيرات استئناف العلاقات بين الرياض وطهران في مارس/آذار الماضي بعد قطيعة استمرت 7 سنوات، يعيش اليمن هذه الأيام هدنة من حرب بدأت قبل 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.

وانقلب الحوثيون على حكومة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، الذي تسلم السلطة من سلفه الراحل علي عبدالله صالح (1990-2012) في فبراير/شباط 2012 بفضل احتجاجات شعبية أجبرت الأخير على تلك الخطوة.

وبجانب الحرب بين الحكومة والحوثيين، يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي عبر قواته على عدة محافظات، ويطالب بإعادة انفصال جنوبي اليمن عن شماله؛ بدعوى معاناة المحافظات الجنوبية من تهميش وإقصاء سياسي واقتصادي، وهو ما ترفضه الحكومات المتعاقبة وقطاعات واسعة من الشعب اليمني.

ليبيا.. حكومتان وانتخابات مأمولة

تتصارع على السلطة في البلد الغني بالنفط حكومتان منذ مارس/آذار 2022، إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بمدينة طبرق (شرق)، والأخرى في العاصمة طرابلس (غرب) ومعترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

وتبذل الأمم المتحدة منذ سنوات جهودا لتأمين توافق بين الفرقاء بشأن قاعدة دستورية وقوانين يتطلبها إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة وتسوية النزاعات المسلحة وإنهاء الفترات الانتقالية المستمرة منذ أن أطاحت احتجاجات شعبية بنظام معمر القذافي (1969-2011).

مصر.. أزمات وحوار وطني

في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وانسداد سياسي حاد، انطلقت في القاهرة الأربعاء الماضي جلسات أول حوار وطني في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يتولى الرئاسة منذ 2014.

وقال السيسي، عبر كلمة مسجلة: "أحلامنا وآمالنا تفرض علينا أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على عمل سواء"، مشددا على أن "الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".

وتعاني مصر من انقسام مجتمعي عميق منذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013 بعد عام واحد في الحكم وحين كان السيسي وزيرا للدفاع.

ومرسي هو أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيا عبر أول انتخابات رئاسية بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية بالرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011).

تونس.. اعتقالات ومحاكمات

منذ شهور تشهد تونس حملات اعتقال ومحاكمات لقيادات وناشطين في المعارضة الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ رئيس البلاد قيس سعيد فرضها في 25 يوليو/تموز 2021 ومن أبرزها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 11% فقط.

وتعتبر قوى وازنة في تونس تلك الإجراءات "انقلابا على دستور الثورة (لعام 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بنظام الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1989-2011).

ويرفض سعيد الذي تنتهي في 2024 فترته الرئاسية الممتدة منذ 2019، دعوات المعارضة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ويقول إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل"، على حد تقديره.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي سوريا تونس اليمن مصر ليبيا السودان الجزائر

الأسد يقبل أوراق اعتماد السفير التونسي لدى سوريا

من الثورات إلى المصالحات.. هل تقترب نهاية حقبة ما بعد 2011؟