ربات البيوت.. كتلة الـ11 مليون امرأة قد تحسم انتخابات تركيا لصالح أردوغان

الجمعة 12 مايو 2023 07:58 ص

سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على كتلة ربات البيوت في تركيا ودورها المحتمل في حسم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو/أيار الجاري، مشيرا إلى أن أغلبهن يدعمن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ضد منافسه كمال كليتشدار أوغلو.

وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن كتلة ربات البيوت تمثل 11 مليون امرأة من بين 64 مليونا مؤهلين للتصويت في الانتخابات المقبلة، واصفا إياها بأنها "المجموعة الاجتماعية الصامتة التي قد تتحول إلى دور صانع الملوك في الانتخابات، وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة".

وأضاف أن كلا من أردوغان وكليتشدار أوغلو يدركان أهمية تلك الكتلة انتخابيا، ولذا وعدا بسياسات تهدف تحديدًا إلى تأمين أصواتها.

فعلى سبيل المثال، وعد حزب العدالة والتنمية الحاكم، في برنامجه الانتخابي، بأن تستفيد ربات البيوت من معاشات الدولة، تمامًا مثل المواطنين العاملين.

وجاء في البرنامج أن "الدولة ستعوض ثلث التزامات المعاش التقاعدي"، مضيفًا أنه سيتم النظر إلى ربات البيوت بنفس الطريقة التي يُنظر بها إلى العمال الذين يقومون بالأشغال الشاقة.

وبالمثل، أعلن كليتشدار أوغلو، في مقطع فيديو، أنه سيقدم تأمينا لدعم الأسرة، وسيوفر المساعدة الاجتماعية للأسر التي لا دخل لها أو ذات دخل أقل من الحد الأدنى للأجور.

كما وعد مرشح المعارضة بفتح "حسابات ذهب" في البنوك لربات البيوت، على أن تودع أموال التأمين في حساباتهن بقيمة الذهب.

وأكد كليتشدار أوغلو على فهمه لأن معظم ربات البيوت "متدينات ويرغبن في الحصول على حساباتهن في بنوك خالية من الفوائد لأن كسب الفائدة محظور في الإسلام".

ومع ذلك، اعترف أوغوز كان ساليسي، نائب كليتشدار أوغلو، بأن تحالف المعارضة لا يزال "غير ناجح كما ينبغي"، وقال خلال مؤتمر صحفي، أواخر أبريل/نيسان الماضي: "ما زلنا غير قادرين على إقناع معظم ربات البيوت، لكن جهودنا مستمرة".

الاختيار رقم واحد

ولذا فالمعارضة التركية أمامها مهمة صعبة، وإذا كانت الانتخابات السابقة تمثل مؤشرا، فمن الواضح أن معظم ربات البيوت يفضلن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، بحسب الموقع البريطاني، الذي استند إلى استطلاعات الرأي التي أجرتها IPSOS تركيا، خلال انتخابات 2018، وكان أردوغان هو الخيار الأول فيها بين ربات البيوت.

وقدم استطلاع آخر، أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات، مزيدًا من التفاصيل، إذ أفاد بأن الانتخابات الرئاسية السابقة، شهدت تصويت أكثر من نصف ربات البيوت لصالح أردوغان، بينما صوت 11% منهن فقط لصالح حزب المعارضة الأكبر (الشعب الجمهوري).

وللتأكيد على أهمية بنية الأسرة التقليدية، عارض أردوغان بشدة الإجهاض وتنامي حركة مجتمع الميم (المثليين ومزدوجي الممارسة الجنسية والمتحولين جنسيا)، ففي عام 2021، انسحبت تركيا من اتفاقية إسطنبول، وهي معاهدة دولية لمنع العنف ضد المرأة، على أساس أنها تضر ببنية الأسرة.

وكانت هناك دعوات من الحكومة وحلفائها المحافظين لإجراء تغييرات على قانون يوفر الحماية للمرأة من العنف المنزلي. ويمثل ذلك سببا إضافيا لتفضيل ربات البيوت أردوغان وحزبه في الانتخابات.

وفي هذا السياق، قالت فريدة جور (55 عامًا)، وهي ربة منزل وأم لطفلين، إنها لن تغير ولاءها السياسي على الرغم من الأزمة المالية المستمرة في تركيا، والتي أدت إلى انخفاض قيمة الليرة وارتفاع التضخم.

وأضافت: "لا أحد يتوقع مني التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري على الرغم من حقيقة أننا نتعامل مع الصعوبات الاقتصادية".

وتروي فريدة اليوم الأول لتسجيل ابنتها في الجامعة، عام 2006، وتشرح سبب تصويتها لأردوغان، قائلة: "نجحت ابنتي في الحصول على مكان في جامعة مرموقة في إسطنبول. كنت متحمسة لمرافقتها في اليوم الأول. عندما وصلنا للجامعة قال الأمن: يا سيدتي! لا يمكنك الدخول (..) كنت أرغب فقط في دخول الحرم الجامعي، لكن أفراد الأمن أعلنوا أن جميع النساء المحجبات عليهن الانتظار على الطريق وليس أمام بوابة الجامعة".

وتؤكد فريدة أن ذلك "كان نتيجة لسياسات حزب الشعب الجمهوري"، وتساءلت: "اليوم، من يستطيع أن يضمن أنهم لن يعودوا إلى سياساتهم الأساسية؟".

كان رفع الحظر عن الحجاب عام 2013 ذا أهمية رمزية كبيرة لكثير من ربات البيوت، ما يعني أن النساء المحجبات لا يمكنهن الالتحاق بالجامعات فحسب، بل أيضًا العمل في مؤسسات الدولة.

حظر الحجاب

لكن الدعم القوي لأردوغان لا يتعلق فقط برفع الحظر الذي فرض على الحجاب منذ عقود، ولكنه مرتبط أيضًا بالخدمات الاجتماعية.

فمن خلال أمانة المرأة بالحزب، قدم العدالة والتنمية العديد من برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف النساء غير العاملات بشكل خاص، بالإضافة إلى تقديم مدفوعات استحقاقات الأطفال ورواتب لأولئك الذين يرعون كبار السن، والتي يمكن أن تشمل والدي ربة المنزل. ويختلف مقدار المساعدة الاجتماعية وفقًا لظروف المرأة، مثل كونها أرملة أو لديها طفل معاق.

وفي هذ الإطار، قالت فايزة أكينيردم الباحثة في جامعة بوغازيتشي: "إن أي سياسة مفيدة في مجالات الصحة ورعاية الأطفال ورعاية المسنين أو التعليم تجتذب أصوات ربات البيوت"، وأضافت: "النساء وحدهن في تحمل عبء الصحة والتعليم لأفراد الأسرة الأساسيين والممتدة (..) المفاهيم أو الخلافات السياسية لا تهمهن في الواقع. إذ ينظرن إلى ما يمس حياتهن اليومية".

وعلى غرار جور، أعربت بيتول يوريكلي، ربة منزل وأم لابنتين، عن تحفظاتها بشأن حزب الشعب الجمهوري بسبب دعمه السابق لحظر الحجاب، وهو الموقف الذي أعلن كليتشدار أوغلو تغييره العام الماضي فقط.

وقالت بيتول: "لم أفكر أبدًا في الالتحاق بالجامعة لأنني لن أخلع حجابي أبدًا. لكنني أعلم أنه إذا ظل أردوغان في السلطة، فإن بناتي اللواتي تتراوح أعمارهن بين 4 و7 سنوات، سيكون بإمكانهن الذهاب إلى المدرسة الثانوية والجامعة بحجابهن".

ليسوا مثلنا

وبالإضافة إلى رفع حظر الحجاب، تعتبر جودة الخدمات الحكومية أو البلدية بالنسبة للعديد من ربات البيوت محركًا مهمًا آخر للاختيار السياسي، فمنذ عام 2019، افتتحت بلدية إسطنبول، التي يديرها أكرم إمام أوغلو (معارض)، رياض الأطفال وقدمت "البطاقة الأم" للنقل المجاني، وتذكر النساء دائمًا سعادتهن بهاتين الخدمتين.

ترى بيتول أن الخدمتين مفيدتين، لكنها أشارت إلى أن حزب العدالة والتنمية "يقدم المزيد منذ عقود"، قائلة: "يمكن لإحدى الجارات ببساطة الاتصال بمكتب الخدمة في بلدية الفاتح [التي يديرها حزب العدالة والتنمية] لمساعدتها في اصطحاب والدها إلى مركز غسيل الكلى".

وبحسب فايزة أكينيردم، فإن وعود حزب الشعب الجمهوري قد تفشل في إقناع ربات البيوت لأنهن "يشعرن بالراحة في حياتهن الحالية"، حسبما أورد الموقع البريطاني، ناقلا عن بيتول قولها: "نحن نشعر أننا ننتمي إلى الفصيل الاجتماعي الذي يمثله حزب العدالة والتنمية. إنهم [حزب الشعب الجمهوري] ليسوا مثلنا. نحن أناس متدينون، نلتزم بتقاليدنا وعائلتنا".

الأزمة الاقتصادية

وعندما يتعلق الأمر بواحدة من القضايا الرئيسية الأخرى في هذه الانتخابات، وهي الأزمة الاقتصادية الحادة في تركيا، عبر بعض النساء عن قلقهن بشأن الوضع.

وقالت فايزة أكينردم إن ربات البيوت يشعرن بخيبة أمل بسبب تناقص قوتهن الشرائية، و"ومع ذلك، فإن المشاكل الاقتصادية لا تغير بشكل أساسي خيارهن السياسي"، حسب قولها.

وفي هذا الإطار، قالت فريدة جور: "لقد تدهورت مستويات معيشتنا منذ الوباء"، لكنها أضافت أنها لا تزال تعتبر أردوغان الزعيم الوحيد في البلاد، وتابعت: "إذا كان هناك أي مرشح آخر يتمتع بهذه القدرة والاحترام لقيمنا، فسأغير اختياري".

كما تعتقد بيتول أن حكومة يقودها حزب الشعب الجمهوري لن تكون قادرة على التغلب على الأزمة الاقتصادية.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان ربات البيوت حزب العدالة والتنمية حزب الشعب الجمهوري كليشتدار أوغلو

تركيا: نتائج الانتخابات المرتقبة الأحد ستُعلن مساء ذات اليوم

قبل ساعات من الانتخابات.. الدعوات لأردوغان تتصدر تويتر العرب

دقت ساعة الحسم.. بدء الاقتراع في أهم انتخابات بتاريخ الجمهورية التركية

مناطق الزلزال تصوت.. إقبال كبير في الساعات الأولى من الانتخابات التركية

سنان أوغان.. المرشح الذي سيحدد الفائز برئاسة تركيا