الإبقاء على "أمراء الحرب".. خطأ صنَّاع السلام في "السودانين"

السبت 13 مايو 2023 03:33 م

اعتبرت مجلة " إيكونوميست" (The Economist) البريطانية أن خطأ صنَّاع السلام الإقليميين والغربيين في دولتي السودان وجنوب السودان هو الإبقاء على "الجنرالات أمراء الحرب" واستبعاد مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما يحول دون بناء الديمقراطية.

وأضافت المجلة، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن العنف في السودان ربما يمتد إلى دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، "مما قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات التي لا تزال مستعرة في أحدث دولة في العالم".

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان حربا بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ورأت المجلة أن "ما يحدث في السودان اليوم يبدو وكأنه تكرار للأحداث في جنوب السودان في السنوات التي أعقبت الاستقلال، عندما انتهت محاولات الغرب الحسنة النية لصنع السلام وبناء الدولة بالحرب والفوضى".

وتابعت أنه منذ أن اشتعلت الحرب الراهنة في السودان "اندلعت موجة من الانتقادات للدبلوماسية التي استخدمها الغرب والحكومات الإقليمية في محاولتها الفاشلة لتجنب الصراع.. هناك شعور بأن نموذج حل النزاع المستخدم على نطاق واسع في مثل هذه الحالات معيب".

ولفتت إلى أن احتجاجات شعبية أجبرت قادة الجيش السوداني على الإطاحة بـ"الديكتاتور" الرئيس عمر البشير (1989-2019) في 11 أبريل/ نيسان 2019، معتبرة أنها كانت "نصف ثورة".

وأردفت أن اثنين من "القادة العسكريين الأقوياء" حاولا تقاسم السلطة بعد انقلابهما على البشير، مضيفة أن قوات الأمن قتلت أكثر من 100 محتج في يونيو/ حزيران 2019 حين كانوا يطالبون بنقل السلطة إلى المدنيين.

واستطردت: "بعد فترة وجيزة، توصل الدبلوماسيون إلى اتفاق لتقاسم السلطة على أمل منع المزيد من إراقة الدماء، وظاهريا كان ذلك من أجل انتقال "بقيادة مدنية" إلى الديمقراطية، ولكن في الواقع ، كانت كل السلطة لا تزال في أيدي الجيش والدعم السريع".

انقلاب 2021

"وربما كان العيب الأكبر هو أن الصفقة استندت إلى فكرة أنه يمكن الوثوق بالجنرال البرهان وحمديتي عندما أبلغا المفاوضين أنهما سيسلمان السلطة إلى المدنيين"، وفقا للمجلة.

وأضافت أن "كلاهما أعاق محاولات (رئيس وزراء الحكومة الانتقالية) عبد الله حمدوك لإصلاح الاقتصاد الذي يسيطر عليه الجيش (...)  وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أطاح البرهان وحمديتي بحمدوك".

وآنذاك فرض البرهان إجراءات استثنائية أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ، وهو ما اعتبره الرافضون "انقلابا عسكريا"، بينما قال البرهان إن إجراءاته تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، متعهدا بتسليم السلطة إلى المدنيين عبر انتخابات أو توافق وطني.

وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني المطلوب لتنفيذ دمج مقترح لقوات "الدعم السريع"، التي تأسست عام 2013، في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لنقل سلطة المرحلة الانتقالية إلى المدنيين.

والخميس توصل ممثلون عن البرهان وحمديتي، في مدينة جدة بالسعودية، إلى اتفاق يتضمن التزامات إنسانية وجدولة لمحادثات مباشرة في مسعى للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار الذي أودى بحياة مئات الأشخاص معظمهم مدنيون.

سلفاكير ومشار

وفي دولة جنوب السودان، بحسب المجلة، حدثت أخطاء مماثلة، وتقوم الحكومة الجديدة على اتفاق لتقاسم السلطة بين رئيس البلاد سلفاكير ميارديت ونائبه ريك مشار.

وتابعت أنه "في 2013، أعاد الاثنان بلدهما الشاب إلى الحرب الأهلية، ما حصد أرواح حوالي 400 ألف شخص، ورغم أنه انتهى اسميا في 2018، إلا أن العنف لا يزال مستمرا".

وأردفت أنه "في أبريل / نيسان الماضي، اتهم تقرير للأمم المتحدة العديد من السياسيين البارزين بالمسؤولية عن قتل واغتصاب واستعباد جنسي.. ولم يجر الرجال الأقوياء في جنوب السودان انتخابات عامة منذ الاستقلال رغم وعود متكررة".

وقال بيتر أجاك، أكاديمي من جنوب السودان، إن العواقب غير المقصودة لتعزيز "الاستقرار" أضرت بالبلاد، فعندما تبقى النخب في السلطة فقط من خلال العنف والفساد، لا يمكن أن يكون هناك استقرار حقيقي".

وأضاف أن "أمريكا يجب أن تكون حذرة من تآكل ما يجب أن يكون أكبر ميزة لها في عصر المنافسة الجيوسياسية، فهي يجب أن تدعم  الديمقراطيات الطموحة، لكن إذا كان يُنظر إليها على أنها تدعم أمراء الحرب في الدول الهشة، فكيف ستنافس الصين ؟!".

وبحسب أمجد فريد، المسؤول السابق في الحكومة الانتقالية بالسودان، فإنه "يوجد الآن إدراك متأخر بأن الأطراف الخارجية لم تفعل في البلدين ما يكفي لتعزيز قوة المؤسسات المدنية.. لقد رأينا مرات عديدة في أفريقيا أنه لا يمكنك المساعدة في بناء ديمقراطيات من خلال استبعاد المجتمع المدني والتساهل مع الجنرالات".

المصدر | إيكونوميست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان جنوب السودان أمراء الحرب السلام البرهان حميدتي سلفاكير مشار

حال تواصل الحرب.. ما مصير 50 مليار دولار استثمارات خليجية بالسودان؟

تداعياتها كارثية على السودان ودول الجوار.. الحرب الأهلية تلوح في الأفق