هكذا باتت القومية هي "المنتصر الحقيقي" في الانتخابات التركية

الثلاثاء 16 مايو 2023 08:17 م

لم ينجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولا خصمه الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو بتجاوز نسبة 50%، مما دفع تركيا إلى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في 28 مايو/أيار.

يتناول تقرير "ديلي صباح" الذي ترجمه "الخليج الجديد"، صعود التأييد للقوميين بالانتخابات الأخيرة في تركيا، فبينما حصل أردوغان على الترتيب الأول في الجولة الأولى، اتبعت نتائج الانتخابات البرلمانية نمطًا مشابهًا.

ووسط ثقل حكم دام 21 عامًا، حصل حزب العدالة والتنمية على أكثر من 35% من الأصوات، وحصل تحالفه "الشعب"، الذي يتألف أيضًا من حزب الحركة القومية، وحزب الرفاه الجديد، وحزب الاتحاد الكبير، على غالبية المقاعد في البرلمان، متحديا العديد من توقعات الاستطلاعات.

وقد دفع هذا الانتصار المدوي تحالف الشعب للحصول على نصيب كبير يبلغ 50%، مع أكثر من 322 نائبا محتملاً، كما يساهم في مضي الرئيس أردوغان بثقة لا تتزعزع نحو الجولة الثانية.

ويرى التقرير أنه بغض النظر عن النتيجة المطلقة، فإن المنتصر الحقيقي في هذه الانتخابات يتفوق على المرشحين الفرديين والأحزاب، حيث يتردد صدى الانتصار المدوي للقومية ليس فقط داخل تركيا، بل أيضًا عبر المسرح العالمي.

وبينما ساد الجوهر الديمقراطي، فقد وصلت رسالة ثابتة إلى النخبة السياسية، وهي أنه لا يجب أبدًا الاستهانة بالروح التي لا تُقهر للناخبين القوميين في تركيا.

الحركة القومية

بالرغم من مواجهة انتقادات لا هوادة فيها من أتباعه واستقطاب سياسي مكثف، فقد أذهل نجاح حزب الحركة القومية بعض المستطلعين، حيث حصل على 10.07% من الأصوات، وأنهى السباق كثالث حزب من حيث الأصوات ورابع من حيث عدد المقاعد.

وعلى عكس التوقعات، أثبت قرار حزب الحركة القومية خوض الانتخابات مستقلا، أنه قد عزز موقعه المحوري في البرلمان.

ومع انتقال ما يقرب من 3% من الناخبين غير الراضين عن حزب العدالة والتنمية إلى خارج التحالف، نجح حزب الحركة القومية في الاحتفاظ بجزء كبير من أصوات المحتجين ضد الحكومة، ليكون بمثابة "صمام أمان".

وقد نظر المحللون إلى النتائج على أنها تأكيد على البراعة الاستراتيجية لحزب الحركة القومية، حيث وجد نهجهم المدروس صدى عند الناخبين.

القوميون في المعارضة أيضا

وبالإضافة إلى النجاح غير المتوقع لحزب الحركة القومية، حصل الحزب الجيد (يمين الوسط)، وهو جزء من كتلة المعارضة المعروفة باسم "تحالف الأمة"، على ما يقرب من 5.27 ملايين صوت.

وبالرغم من أن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات توقعت زيادة دعم الناخبين للحزب، إلا أن موقفه المتقلب وغير الحاسم في الأشهر الأخيرة أثار انتقادات من قاعدته ومن ناخبي المعارضة الآخرين؛ مما أثر على نسبته خاصة بعد النقاشات المكثفة حول علاقة التحالف بحزب اليسار الأخضر.

من زاوية أخرى، يتطرق التقرير إلى حصول حزب الظفر الذي يقوده أوميت أوزداغ المعروف بتصريحاته القوية بشأن اللاجئين، على ما يقرب من 1.2 مليون صوت؛ حيث حقق الحزب تصويتًا بنسبة 2.44%.

ويشير التقرير إلى أن ما يميز حزب الحركة القومية عن "حزب الظفر"، هو أن الأول يتبنى موقفًا أكثر حيادية تجاه اللاجئين، بينما كان الثاني في طليعة النظرة المناهضة للاجئين في تركيا.

وفي ذات السياق، برز المرشح الرئاسي المدعوم من تحالف "أتا"، كشخصية بارزة وسطى بين القطبين بعد انسحاب رئيس حزب "البلد"، محرم إينجه، حيث لاقى خطاب سنان أوغان القومي صدى لدى الناخبين، وحصل على أكثر من 2.82 مليون صوت في الجولة الأولى، وأصبح لموقفه موقع محوري مؤثر على الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

ويستمتع المرشح القومي المتطرف حاليًا باحتمال أن يكون في دائرة الضوء، حيث يصور نفسه على أنه صانع ملوك محتمل.

وينوه التقرير إلى تراجع حزب "الشعوب الديمقراطي" الذي شارك في الانتخابات تحت اسم حزب اليسار الأخضر لتجنب إغلاق محتمل بسبب دعوى قضائية جارية تتعلق بصلات مزعومة مع جماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية.

ومع ذلك، تراجعت نسبته من 11% إلى 8.8% التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، كما لم يكن له تأثير قوي بما يكفي في صناديق الاقتراع للتأثير في الانتخابات لصالح كليتشدار أوغلو.

ويشير التقرير إلى أن هناك خلاصة أصبحت واضحًة وضوح الشمس؛ وهي أن أي مرشح أو حزب متحالف مع القوميين الأكراد اليساريين سيواجه هزيمة حتمية.

ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن المعسكر القومي أصبح أقوى من أي وقت مضى؛ لذلك، من الممكن تمامًا القول إن ديناميكيات الانتخابات تأثرت بشكل مباشر بالقومية، حيث تنافس الرئيس أردوغان ومرشح تحالف الأمة، كليتشدار أوغلو، على كسب دعم الناخبين القوميين الأتراك.

علاوة على ذلك، عند تقييم النتائج، يتضح أن شريحة القوميين كانت أكثر أهمية مما كان متوقعًا، بما في ذلك جزء من قاعدة ناخبي حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، قد صوتت بالفعل لأردوغان؛ مما أحدث تأثيرًا مضاعفًا لصالحه.

وبالنظر إلى أن العديد من السياسيين من كلا الجانبين قد اتهموا حزب الشعب الجمهوري بالنأي بنفسه عن قومية أتاتورك، يمكن القول أن كليتشدار أوغلو واجه معضلة أيديولوجية سياسية.

ومن زاوية أخرى، يشير التقرير إلى أن الحملة التي نظمتها وسائل الإعلام الغربية ضد أردوغان ساهمت في زيادة الاتهامات الموجهة إلى كليتشدار أوغلو، واصفة إياه بأنه "متعاطف مع الغرب وخائن للقومية".

يرى التقرير أنه يمكن أن يُعزى الانتصار الحقيقي لهذه الانتخابات إلى روح القومية. ومما لا شك فيه أن أهم نتيجة هي قيام الناخبين القوميين بفرض ثقلهم على المعادلات السياسية، كما سيشكلون الثقل الأساسي بالجولة الثانية في 28 مايو/أيار.

المصدر | ديلي صباح – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الانتخابات القوميين الحركة القومية الانتخابات التركية انتخابات تركيا 2023

زرع الخوف والانقسام.. حيلة كليتشدار أوغلو الأخيرة لإبعاد الأتراك عن التصويت لأردوغان