التايمز: كليتشدار أوغلو يغير خطابه اللطيف لمغازلة اليمين المتطرف

الاثنين 22 مايو 2023 10:32 ص

بعد تخلفه عن منافسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، تحول زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو إلى "قومي متشدد" يؤكد باستمرار اعتزامه إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، متجاهلا لغة الحماية السابقة، لنبرة "شديدة الفظاظة" كأنه يغازل بل يراهن على وتر القومية اليمينية المتشددة.

هكذا علق تقرير صحيفة "التايمز" البريطانية، وترجمه "الخليج الجديد"، على خطاب كليتشدار أوغلو، الخميس الماضي، استعدادا لجولة الإعادة، والذي بدا فيه أقرب إلى من خضع "لعملية زرع شخصية"، متحدثا عن كيف تبددت شخصية الرجل الودود اللطيف، الذي يتحدث عن العودة إلى الديمقراطية والتعددية، والذي عُرف بالقلوب التي يصنعها بيديه أثناء حملته الانتخابية.

ويقول التقرير إن كليتشدار أوغلو تخلى عن شخصيته القديمة التي كان يظهر بها، من أجل استقطاب أصوات المترددين في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، باعتباره في حاجة ماسة للفوز بأصوات القوميين المتطرفين، متابعا: "كي يفعل ذلك، كان عليه أن يتخلى عن شخصية الرجل اللطيف".

التقرير الذي حمل عنوان "منافس أردوغان يتخلى عن خطابه الناعم في محاولة للفوز بأصوات اليمين المتطرف"، يشير إلى أن زعيم المعارضة التركية تحول إلى قومي متشدد يتحدث عن ترحيل اللاجئين السوريين وإرسالهم إلى بلادهم، لافتا إلى أنه "بينما كانت هذه الأهداف مبطنة في خطاب الحماية، فإنها أصبحت الآن بلا مواربة".

إذ قال مخاطباً أردوغان: "جلبتَ إلى هذا البلد أكثر من 10 ملايين لاجئ عمداً.. وسأعيد جميع اللاجئين إلى وطنهم".

لكن تركيا، حسب "التايمز" لا تضم 10 ملايين لاجئ، إذ تقول الأمم المتحدة إنهم أقل من 4 ملايين، معظمهم سوريون وبضع مئات الآلاف من جنسيات أخرى، معظمهم من الأفغان، متسائلة: "علام يدل هذا التضخيم في الأرقام بأكثر من ضعفين ونصف؟".

وأضاف كليتشدار أوغلو خلال حديثه: "أعلن هنا أنني سأعيد جميع اللاجئين إلى بلادهم بمجرد انتخابي رئيساً".

وهذا ما علقت عليه الصحيفة بالإشارة إلى أنه تحوُّل صارخ عما كان يقوله زعيم المعارضة خلال حملته الانتخابية الأولى، حيث كان يقول إنهم يعتزمون إعادة السوريين الموجودين بتركيا إلى بلادهم في غضون عامين، بعد إبرام اتفاق مع رئيس النظام السوري بشار الأسد من أجل سلامتهم وبالتنسيق مع الأمم المتحدة.

والتقى كليتشدار أغلو وأردوغان الجمعة، بقادة المتشددين، سعياً للفوز بدعمهم، لكن الأوان كان قد فات لكثير من داعمي زعيم المعارضة.

إذ قال أحد الناخبين المؤيدين لحزب كليتشدار أوغلو، حزب الشعب الجمهوري، للصحيفة البريطانية: "الأتراك لا يحبون القلوب وهذه الأشياء.. نريد شخصاً قوياً".

ويُنظر إلى الناخبين الأتراك عادة على أنهم منقسمون بين متدينين يدعمون أردوغان في الغالب، وعلمانيين يدعمون أحزاب المعارضة الرئيسية، وأكراد.

لكن الناخبين القوميين المتطرفين لا ينتمون إلى أي من هذه الفئات، فبعضهم متدين، والبعض الآخر ليس كذلك، لكن جميعهم يمقتون الانفصالية الكردية، ويرغبون في إخراج السوريين من بلادهم.

أحد هؤلاء القوميين، وهو تاجر من إسطنبول، قال لـ"التايمز": "أولاً نحن أتراك، ثم بعد ذلك إما علمانيون وإما متدينون.. ليس سهلاً أن تكون تركيّاً.. فربما يكون أهم شيء لك هو العائلة.. أما لنا فهو هذا البلد".

قبل الانتخابات، كان العديد من القوميين المتطرفين يشاركون مقاطع من مسلسلات تلفزيونية، أحدها يسمى "وادي الذئاب"، تصور رجالاً يموتون في سبيل بلدهم، حيث تعلق الصحيفة على ذلك بالقول: "واضحٌ أن كليتشدار أوغلو لم يكن الرجل الذي تخيلوه في أذهانهم".

يقول إلكان دالكوك، المحلل في مؤسسة داكتيلو 1984: "هم يهتمون بالهوية القومية، ولديهم ميول معادية للأكراد والمهاجرين".

ويضيف أن نسبة المشاركة العالية (بلغت أكثر من 88%) أفادت أردوغان، متابعا: "هم يريدون رؤية رجل قوي على رأس الدولة".

ووفق الصحيفة، فإنه ربما أضعفت كليتشدار أوغلو أيضا، هويته العلوية التي تمثل 20% فقط من السكان، والمعروفة بعقيدتها الشيعية، بينما والجميع في البلاد سنة، فلماذا ينتخبون علويا رئيسا لهم؟

وتساءل تاجر إسطنبول: "لماذا ترشح المعارضة علوياً.. كل من أعرفهم لن يصوتوا لشخص ينتمي لهذه الطائفة".

وترى الصحيفة أيضا أن القوميين نفروا من كليتشدار أوغلو، بسبب ضعف شخصيته وتحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي الذي يهيمن عليه الأكراد، والذي يقبع زعيمه صلاح الدين دميرطاش في السجن.

ويربط الأتراك من مختلف الأطياف هذا الحزب بالانفصاليين الذين من بينهم حزب العمال الكردستاني، الذين تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.

وقال صاحب متجر في طرابزون: "لا يمكنني دعم كليتشدار أوغلو، لأنه يدعم الإرهابيين.. وجنودنا ماتوا على أيدي مسلحين أكراد".

وهو ما استغله أردوغان في حملته، إذ يتهم المعارضة في خطاباته بالإرهاب وخدمة مصالح الدول الغربية.

لكنه هو أيضا أمام مشكلة، حسب الصحيفة، إذ إنه استقبل 3.6 مليون لاجئ سوري ويدافع حزبه عن بقائهم في البلاد، لأنهم مسلمون إخوة، بينما يرى القوميون ترحيلهم من البلاد.

وقبل زلازل فبراير/شباط، الذي أودت بحياة أكثر من 50 ألفاً، كانت الهجرة أكبر قضية انتخابية.

وفي المدن الكبرى على وجه الخصوص، مثل إسطنبول، يتخلل كل المحادثات تقريباً الحديث عن عدد "الأجانب" هناك.

وقد حاول أردوغان الموازنة بين التعهد بإعادة بعض اللاجئين، تم ترحيل الآلاف بالفعل، والتأكيد أيضاً على اعتبارهم إخوة، وقال الجمعة إن تركيا ستبني مشاريع سكنية للسوريين لإعادة مليون لاجئ إلى وطنهم.

بينما قال وزير الداخلية سليمان صويلو: "لن نجعل تركيا مستودعاً للاجئين، ولم نفعل يوماً.. السوريون إخواننا ولا يمكننا إرسالهم إلى حتفهم.. لم ولا نفعل ذلك".

وعلى عكس حزب الشعب الجمهوري بقيادة كليتشدار أوغلو، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، تتمتع قومية أردوغان بنكهة عثمانية، فهو يرى تركيا زعيمة للمنطقة.

يقول سليم كورو، المحلل في مؤسسة تيبيف الفكرية، إن أردوغان يعتقد أن تركيا أكبر، مضيفا: "لا يتعلق الأمر بالأراضي التركية، إنه يتعلق بالتوسع ليشمل المسلمين الآخرين حول العالم".

واللافت للنظر في هذه الانتخابات أيضاً، أن بعض القوميين المتطرفين يتعاطفون مع حركة "الأتراك الشباب"، وهم مجموعة من الثوار الذين عارضوا نظام السلطان عبدالحميد الثاني أوائل القرن العشرين، لكن أتاتورك أدانهم لاحقاً. وأمام ذلك، فإن كثيرا من القوميين المتطرفين لم يختاروا مرشحاً حتى الآن.

يقول المحامي جنكيز (38 عاماً) الذي صوّت في الجولة الأولى لسنان أوغان: "أنا متردد.. لا كليتشدار أوغلو ولا أردوغان قوميان بما يكفي بالنسبة لي".

وتتوقع مصادر تركية، بأن يعلن أوغان، الذي حل ثالثاً في السباق الرئاسي، قراره خلال ساعات، بخصوص المرشح الذي سيدعمه في جولة الإعادة.

وأوغان سياسي قومي أيّده حزب مناهض للاجئين، وأغلب من صوتوا له في الجولة الأولى اختاروه بدافع قومي، وهو ما يشير إلى تنامي الشعور القومي في تركيا بشكل عام، وهي المشاعر التي تصب في صالح أردوغان، الذي انتهج سياسات تؤكد المصالح القومية لبلاده، حتى إن أغضبت الغرب وجعلت قادته يعادونه ويتمنون خسارته.

المصدر | التايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أردوغان انتخابات تركيا كليتشدار أوغلو الأكراد اليمين القوميين اليمنيين

تركيا.. أوزداغ المعادي للاجئين يعلن دعمه لمرشح المعارضة في جولة الإعادة

رغم تحفظهما على التحالف مع أوزداغ.. حزبان كرديان يعلنان دعم كليتشدار أوغلو

جوجل يحذف لعبة تركية تدعو للعنف ضد اللاجئين السوريين