كيف تحول العلاقات الأذربيجانية الإسرائيلية الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط؟

الأحد 28 مايو 2023 06:53 ص

ازدهرت العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل في السنوات الأخيرة، من حيث التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري. وكانت أذربيجان ثاني أكبر وجهة لإسرائيل لصادرات الأسلحة بين عامي 2018 و2022. وقد لعبت هذه الأسلحة، ولاسيما الطائرات الدقيقة وأنظمة اعتراض الصواريخ، دورًا مهمًا في نجاح أذربيجان في حرب كاراباخ الثانية.

يتناول مراد مرادوف وإلكين جولييف في مقالهما في "جيوبوليتكال مونيتور" الذي ترجمه "الخليج الجديد" العلاقات الأذرية الاسرائيلية حيث زادت أذربيجان من إمدادات الطاقة لدولة إسرائيل، والتي تمثل بالفعل 40% من احتياجات الطاقة لإسرائيل بعد حرب أوكرانيا.

ويشير المقال للأسس التاريخية والثقافية للعلاقة فأذربيجان هي موطن آخر جالية يهودية متبقية في القوقاز، والمعروفة باسم كراسنايا سلوبودا "المدينة الحمراء"، بينما يوجد مجتمع كبير من يهود أوروبا يعيشون في أذربيجان معظمهم في باكو منذ أواخر القرن التاسع عشر.

العلاقات التركية الإسرائيلية

يذكر المقال أنه حدث انقطاع عميق في العلاقات بين البلدين في أعقاب حادثة مافي مرمرة في عام 2010 عندما استهدفت البحرية الإسرائيلية سفينة تركية تحمل مساعدات إنسانية إلى فلسطين. وفي عام 2016، تصالحت تركيا وإسرائيل مع شرط أن تدفع إسرائيل حوالي 20 مليون دولار لعائلات النشطاء الذين لقوا حتفهم في الحادث.

بالرغم من أن هذه الاتفاقية لم تدم طويلاً حيث أنهت تركيا علاقتها مع إسرائيل في عام 2018 بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل. ومن المعالم الهامة الأخرى للسياسة الإقليمية اتفاقيات إبراهيم التي تم التوصل إليها بدعم من واشنطن في أغسطس/آب 2020. وقد نصت اتفاقيات إبراهيم على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مثل الإمارات والبحرين.

ووفقا للمقال في البداية، كان رد فعل تركيا سلبًا على العملية، حتى إن الرئيس أردوغان هدد بقطع العلاقات مع الإمارات. ومع ذلك، انتهى الأمر بهما إلى نفس الجانب للدفاع عن أذربيجان عندما اندلعت الحرب في كاراباخ، والتي بدا أنها تذكر كلا البلدين بما يمكن أن ينجزوه معًا.

بنهاية 2020، اكتشفت إدارة أردوغان أن الصراع الدبلوماسي مع إسرائيل يضعها في موقف غير مريح. وبعد عقد من العلاقات المتوترة، غيرت الحكومة مسارها وقررت العمل على إصلاح العلاقات التالفة. وكجزء من هذا التحول، كانت تركيا تهدف إلى تحسين علاقتها مع إسرائي، حتى أنها أذعنت بصمت لاتفاقات إبراهيم، بالرغم من انتقاداتها السابقة.

وفي هذا السياق كانت أذربيجان وفقا للمقال في وضع جيد للعب دور جسر محتمل في عملية التطبيع، وكان أفيجدور ليبرمان، السياسي المولود في الاتحاد السوفييتي وأحد الشخصيات البارزة في اللوبي الأذربيجاني في إسرائيل، منفتحًا على وساطة الأذربيجانيين في استئناف العلاقات التركية الإسرائيلية ويمكن أن يساعد في بدء هذه العملية.

ويشير المقال إلى أن هذا الذوبان في العلاقات الثنائية جاء بعد أكثر من 10 سنوات من التوترات. وقد عملت تركيا وإسرائيل معًا لتعطيل الخطط الإيرانية لخطف ومهاجمة الإسرائيليين. بالإضافة إلى ذلك، أنقذ فريق إسرائيلي 19 مواطنًا تركيًا بعد زلزال كبير ضرب الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا الشهر الماضي. وشكر أردوغان وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، وقال إن تركيا ستتذكر دائمًا المساعدة التي قدمتها إسرائيل.

وفي هذا السياق جعلت أذربيجان التطبيع التركي الإسرائيلي أحد أهداف سياستها الخارجية الرئيسية. مع استمرار تصاعد التهديد من إيران، لم يكن بوسع باكو أن تطلب توقيتًا أفضل من حيث تعزيز العلاقات بين أقرب حلفائها. وقد أدت التوترات المتزايدة بين إيران وأذربيجان وإسرائيل إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الأخيرين.

ويذكر المقال أن هذا الاتجاه أيضًا لوحظ في خريف عام 2022، عندما ساهمت التوترات بين أذربيجان وإيران في ظهور مسار جديد في العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل. بعد أسبوعين من اشتباكات سبتمبر على الحدود الأرمينية الأذربيجانية، زار بيني جانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، أذربيجان، حيث التقى رئيس البلاد إلهام علييف ونظيره الأذربيجاني، ذاكر حسنوف. بعد ذلك، أجرت إيران تدريبات عسكرية واسعة النطاق في أكتوبر/تشرين الأول على الحدود مع أذربيجان، أطلق عليها اسم "فاتحو خيبر". وقد تضمنت التدريبات ممارسة بناء جسر فوق نهر أراز والاستيلاء على مواقع استراتيجية.

وبعد التدريبات الإيرانية على الحدود، بدأ الجيش الأذربيجاني أيضًا مناورات على الحدود الإيرانية. وشاركت في التدريبات وحدات من القوات الجوية والصاروخية والمدفعية. في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، قال الرئيس علييف في خطابه في الحدث الذي أقيم في شوشة لإحياء الذكرى الثانية لانتصار كاراباخ، "من يقوم بالتدريب العسكري على حدودنا لدعم أرمينيا يجب أن يعلم أنه لا يمكن لأحد أن يخيفنا".

وبعد شهرين من التدريبات الإيرانية، أجرت القوات الأذربيجانية والتركية تدريبات عسكرية مشتركة بالقرب من نفس الحدود، حيث نشرت مقاتلات تركية من طراز إف-16.

اتفاقيات إبراهيم

أضافت "اتفاقيات إبراهيم" والتقارب التركي الإسرائيلي والعلاقات المتوترة بين أذربيجان وإيران بُعدًا جديدًا للشراكة الأذربيجانية الإسرائيلية. بعد عقود من عدم الظهور الدبلوماسي تجاه إسرائيل، وافق البرلمان الأذربيجاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 على مشروع قانون لفتح سفارة في تل أبيب. مع أنه حتى وقت قريب، رفضت أذربيجان دائمًا طلب إسرائيل بإرسال سفير دائم بالرغم من افتتاح إسرائيل لسفارة في باكو في أغسطس/آب 1993. تغير هذا عندما اتخذت أذربيجان القرار التاريخي بالرد أخيرًا بعد ما يقرب من 30 عامًا.

ويشير المقال إلى أن السبب وراء تردد أذربيجان الأولي كان بسبب مخاوف من إزعاج دول إسلامية أخرى واستفزاز إيران، التي حملت إسرائيل مسؤولية تدهور العلاقات بين باكو وطهران. يبدو أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف شعر أن الوقت مناسب لتقوية العلاقات فخلال حكومة بينيت-لابيد قصيرة العمر، تم الارتقاء بالشراكة الأذربيجانية الإسرائيلية إلى مستوى استراتيجي جديد.

وقد وصف لبيد في بيانه أذربيجان بأنها شريك مهم لإسرائيل. في هذا السياق، كانت زيارة وزير دفاع الحكومة المذكورة آنفا بيني جانتس إلى أذربيجان بالغة الأهمية. وأكد جانتس خلال زيارته على أهمية "الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين دولة إسرائيل وجمهورية أذربيجان، و" التفكير في التغييرات في الشرق الأوسط بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم"، ويمكن القول أن المناقشات خلال هذه الزيارة لعبت دورًا حاسمًا في تمهيد الطريق لقرار فتح سفارة أذربيجان في إسرائيل.

لم يكن للتغيير الحكومي في إسرائيل الذي حدث في نهاية عام 2022 أي آثار واضحة على الشراكة الاستراتيجية بين أذربيجان وإسرائيل. وتواصل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو التعاون الوثيق مع أذربيجان حيث عين إلهام علييف أول سفير لأذربيجان لدى إسرائيل مختار محمدوف، في 11 يناير/كانون الثاني.

ويذكر المقال أنه في فبراير/شباط الماضي، التقى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، يوآف جالانت، بالرئيس علييف على هامش مؤتمر ميونخ للأمن. في الآونة الأخيرة، اندلعت مظاهرات عامة في إسرائيل بشأن التغييرات التي اقترحها رئيس الوزراء نتنياهو على النظام القضائي. ومن الملاحظ أن العلاقات بين تل أبيب وواشنطن متوترة في هذه الفترة.

وبالرغم من الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في إسرائيل، زار وزير الخارجية الأذربيجاني جيخون بيرموف القدس وتل أبيب في 29 مارس/آذار، لإجراء محادثات مع نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، ولحضور حفل افتتاح السفارة.

ويرى الكاتب انه يمكن وصف هذه الزيارة بأنها خطوة حاسمة من قبل أذربيجان في حين أن سمعة إسرائيل الدولية كانت مظللة بالاحتجاجات الحاشدة وأعمال الحكومة اليمينية المتطرفة الجديدة. في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن بيرموف لم يتخل عن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث كرر دعمه للدولة الفلسطينية أيضًا.

وقد لعبت التطورات الإقليمية الأخيرة دورًا محوريًا في تعميق الشراكة الاستراتيجية الأذربيجانية الإسرائيلية في عهد نتنياهو أيضًا. في 27 يناير/كانون الثاني، هاجم مسلح السفارة الأذربيجانية في طهران. ونتيجة لهذا الهجوم، قتل حارس أمن أذربيجاني وأصيب 2 من موظفي أمن السفارة. وبعد الهجوم الإرهابي قامت أذربيجان بإجلاء دبلوماسييها من طهران وعلقت نشاط السفارة بشكل كامل.

ويذكر المقال أنه منذ حرب كاراباخ الثانية، تتغذى الدعاية الإيرانية المعادية لأذربيجان في الغالب على الشراكة الاستراتيجية بين أذربيجان وإسرائيل. وفقًا لمسؤولين إيرانيين، عزلت باكو طهران عن قصد عن عملية إعادة إعمار كاراباخ مع إعطاء الأولوية لإسرائيل. وتعتقد إيران أن تل أبيب تشجع باكو على اتباع سياسة عدوانية تجاه طهران وتحدي النظام الجيوسياسي القائم.

ويشير المقال إلى أنه مع ورود أنباء عن تقارب سعودي إيراني بوساطة الصين. كان ينظر إلى هذا التطور على أنه خطر في كل من أذربيجان وإسرائيل. نتيجة لذلك، يمكن أن ينقلب التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط ضد مصالح إسرائيل بينما تحصل إيران على فرصة لتعزيز ضغطها تجاه أذربيجان.

ويؤكد المقال أن موقف واشنطن السلبي من العمليات الإقليمية يشجع طهران ويجعلها أكثر عدوانية تجاه أذربيجان وإسرائيل. ويشير المقال أن كل التطورات المذكورة أعلاه تقرب بين أذربيجان وإسرائيل يوما بعد يوم، وقد صرح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين خلال زيارته الأخيرة لأذربيجان أن إسرائيل تسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع أذربيجان.

يختم المقال بالإشارة إلى أن العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية مهمة للغاية لكلا البلدين من حيث حماية مواقفهما الإقليمية ومصالحهما الوطنية والصراع مع الخصوم. عندما يتعلق الأمر بإمكانية نشوب صراع بين أذربيجان وإيران في ظل التوترات الأخيرة، فإن التوتر الأخير ليس هو الأول وربما لن يكون الأخير، بالنظر إلى تضارب المصالح والمواقف بينهما. ومع ذلك يتعين على الجانبين في مرحلة ما تخفيف حدة التصعيد، وينبع هذا من حقيقة أنه بينما من الواضح أن طهران لاعب أكبر وأقوى من باكو، فإنها لا تستطيع أيضًا تجاهل الحقائق الجيوسياسية، لا سيما الحاجة إلى الحفاظ على علاقاتها مع تركيا وروسيا، فضلاً عن اعتمادها على أذربيجان، لذلك، فإن احتمال نشوب أي نزاع مسلح بين البلدين يبدو بعيد المنال.

المصدر | مراد مرادوف وإلكين جولييف | جيبوليتكال مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أذربيجان إسرائيل إيران تركيا

الرئيس الإسرائيلي من أذربيجان: الزيارة "حلم تحقق"

هل ساعدت التكنولوجيا الإسرائيلية في انتصار أذربيجان في قره باغ؟