هل ساعدت التكنولوجيا الإسرائيلية في انتصار أذربيجان في قره باغ؟

الجمعة 6 أكتوبر 2023 07:48 م

يعتقد أن الاتصال الدفاعي الإسرائيلي مع أذربيجان ساهم في تعزيز قدرات باكو وانتصارها في قره باغ، خاصة أن البلدين شريكين استراتيجيين وتربطهما علاقات وثيقة، زادت على مدى العقود الماضية.

هكذا يتحدث تحليل لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، وترجمه "الخليج الجديد"، مؤكدا أن تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية لعبت دوراً رئيسياً في انتصار باكو الشامل في عدة جولات من القتال خلال السنوات الأخيرة، وسط تساؤلات حول كيف سمحت روسيا والغرب بحدوث هذا الصراع.

وأصبحت العلاقات بين البلدين في دائرة الضوء، بسبب الصراع الأخير في قره باغ، حيث فر الآن معظم السكان الأرمن بعد يوم قصير من القتال بين القوات الأرمنية وجيش باكو المتفوق بكثير.

ويتساءل التحليل، عما إذا كانت العلاقات الدفاعية الإسرائيلية ومبيعات الأسلحة إلى باكو مرتبطة بالصراع أو أنها غذته بطريقة أو بأخرى وزادت من قدرات باكو.

قبل أن يجيب، بالعودة خطوة إلى الوراء، من أجل فهم السياق والتاريخ الأوسع.

وقال: "خلق الاتحاد السوفييتي الصراع في قره باغ من خلال إنشاء خليط من الحدود والمناطق في القوقاز، حيث تعيش فسيفساء من المجموعات، بما في ذلك العديد من الأقليات التي تعيش داخل حدود البلدان الأخرى".

وفي التسعينيات، عندما انهار الاتحاد السوفييتي، أطلق ذلك العنان للحروب في العديد من الأماكن، وترك صراعات محتدمة، سواء في الشيشان أو جورجيا أو بين أرمينيا وأذربيجان.

وكانت لأرمينيا اليد العليا في التسعينيات عندما كانت مدعومة من روسيا.

وورثت البنية التحتية العسكرية السوفيتية التقليدية، مع الكثير من الدبابات والمدفعية والأسلحة التقليدية الثقيلة.

وعلى النقيض من ذلك، سعت أذربيجان إلى تحسين جيشها بأسلحة حديثة حصلت عليها من خلال المشتريات التي يغذيها اقتصادها المزدهر، الذي يعتمد جزئياً على تجارة الطاقة والموارد الأخرى.

وترتبط باكو بتحالف وثيق مع أنقرة، وسعى تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان إلى تعزيز قبضة باكو.

ويقول التحليل: "لعبت شركات الدفاع الإسرائيلية دورًا في تحديث أذربيجان لقواتها المسلحة، وقد أثار هذا الجدل في الماضي".

ويشير إلى أنه في عام 2018، نشرت إذاعة "أوروبا الحرة"، تقريرًا جاء فيه، أن "إسرائيل تتهم صانع الطائرات بدون طيار بقصف الجنود الأرمن، بناءً على طلب باكو".

وكان من المعروف أيضا على نطاق واسع، أن أذربيجان حصلت على عدد كبير من أنواع الطائرات بدون طيار من إسرائيل، بما في ذلك الذخائر المتسكعة.

والذخائر المتسكعة، هي نوع من الطائرات بدون طيار حيث تكون الطائرة نفسها هي الرأس الحربي، على غرار صاروخ كروز.

والفرق هو أن الذخيرة يمكن أن "تتسكع" وتبحث عن الأهداف.

وفي الماضي، كانت هذه قطعًا باهظة الثمن من المعدات المستخدمة لمطاردة الأهداف ذات القيمة العالية أو تدمير الرادارات.

وعلى مر السنين، اشتبكت أذربيجان مع أرمينيا حول منطقة قره باغ، وهي المنطقة التي يسكنها الأرمن وتعد جزءا من أذربيجان، لكن أرمينيا تسيطر عليها منذ التسعينيات.

وفي عام 2016، وقعت اشتباكات، ولاحظت مؤسسة "جيمس تاون" نجاح باكو في استخدام الطائرات بدون طيار، وخاصة تلك التي تم الحصول عليها من إسرائيل.

كما أشارت التقارير على مر السنين إلى العدد الكبير من صفقات الدفاع التي أبرمتها باكو مع شركات إسرائيلية، أكثر من مليار دولار في صفقة واحدة، بحسب صحيفة "هاآرتس" العبرية.

واستمر الصراع في عام 2016 لعدة أيام، ومكن باكو من الكشف عن تقنيتها الجديدة على جبهة القتال.

وكانت هذه تجربة تجريبية لعام 2020 عندما هزمت أذربيجان القوات الأرمينية وانتهت بالسيطرة على مساحة واسعة من الأراضي حول قره باغ، وهي المنطقة التي أشارت باكو إلى أنها كانت تستعيدها بعد الصراع في التسعينيات.

وأشارت التقارير في خريف 2020 إلى أن باكو أشادت بدور الطائرات بدون طيار والتكنولوجيا الإسرائيلية في هذا الصراع.

كما أشادت بالدور الذي لعبته تركيا وطائرات "بيرقدار" التركية.

ومع ذلك، فإن الطائرات بدون طيار لا تفوز بالحروب.

ويمكن للطائرات بدون طيار أن تساعد دولة مثل أذربيجان على تحقيق الكثير من النتائج باستخدام ضربات دقيقة، وهذا، إلى حد ما، أعطى باكو قوة جوية فورية.

كما أن دول مثل أذربيجان التي قد لا تتمكن من الوصول إلى الطائرات الحربية الحديثة من الجيل الخامس التي تبيعها الولايات المتحدة، مثل (F-35)، يمكنها الوصول إلى المستوى التالي من التكنولوجيا الحديثة عبر الطائرات بدون طيار.

وكان الجيش العراقي في عام 1991 يعتمد أيضًا بشكل كبير على المركبات والأنظمة المدرعة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، مثل الجيش الأرمني في الفترة 2016-2020.

ولذلك هزمت أذربيجان أرمينيا من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة، ولكن في النهاية اضطرت باكو إلى إرسال قوات برية للفوز بالحرب في النهاية.

ولا تزال المركبات المدرعة ومعدات القوات البرية الأذربيجانية مرتبطة بماضي البلاد وبالتالي تعتمد على المعدات الروسية.

ولذلك، وجهت باكو ضربة متبادلة، باستخدام التكنولوجيا الحديثة من دول مثل إسرائيل، مع المعدات الروسية والأقدم التي كانت بحوزة باكو.

ويعد الصراع الذي دار عام 2023 في قره باغ والذي تسبب في فرار 120 ألف أرمني لم يكن صراعاً عسكرياً.

فلم يستغرق الأمر من باكو سوى يوم واحد لهزيمة 10 آلاف مقاتل أرمني كانوا محاصرين في قره باغ لعدة أشهر، والذين تمكنوا من الوصول إلى الذخائر القديمة والأسلحة التقليدية القديمة.

يقول التحليل: "في جوهر الأمر، تم حسم الصراع في قره باغ منذ سنوات، وكانت أرمينيا قد تخلت عن الأرمن هناك، وحاصرتهم باكو عبر طريق ممر لاتشين المؤدي إلى أرمينيا".

كما تمكنت باكو أيضًا، وفق التحليل، من جعل روسيا تقف إلى جانبها قبل الصراع، ويبدو أن الغرب قد وافق أيضاً على ذلك.

وهذا واضح لأن الغرب حذر صربيا من الحشد العسكري على حدود كوسوفو في أواخر سبتمبر/أيلول وأوائل أكتوبر/تشرين الأول، لكن الغرب لم يحذر من الحشد العسكري في باكو.

ويرى الغرب أن العملية التي قامت بها أذربيجان بمثابة فرض للسلامة الإقليمية بموجب النظام الدولي القائم على القواعد، وهو ما يعني أن الأرمن كان يُنظر إليهم على أنهم "انفصاليون"، وأن لباكو الحق في استعادة المنطقة.

ولذلك فإن قصة القتال القصير في قره باغ، والذي أدى إلى فرار الأرمن لم تكن تتعلق بالتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية فحسب.

كان هذا نصرًا استراتيجيًا على الطراز القديم لباكو، بعدما قطعوا السبل نحو المنطقة وحاصروها ثم أكدوا حقهم فيها عبر انتصار عسكري سريع في بعض النقاط الرئيسية.

ويضيف التحليل: "لقد كانت هذه خدعة، حيث وُضع الأرمن أمام أمر واقع، وتم التخلي عن الأرمن من قبل المجتمع الدولي الذي قبل بهدوء أن هذه ستكون النتيجة".

ويتابع: "التقارير التي تشير إلى أن الأسلحة الإسرائيلية غذت هذا الصراع تبالغ في تقدير دور إسرائيل، ولكن الحقيقة أن تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية حولت أذربيجان إلى قوة عسكرية حديثة يمكنها إظهار القوة والدفاع عن سمائها أيضًا".

ويستطرد: "لقد حولتها إلى قوة في جنوب القوقاز، لكن هذا ليس سوى جزء من قصة هزيمة الأرمن".

ويشير التحليل بالقول: "لقد هُزموا لأن روسيا تخلت عنهم، على عكس ما حدث في التسعينيات، ولأنهم معزولون في قره باغ، نتيجة لعدم مطالبة المجتمع الدولي بمراقبين ووجود دولي، ونوع من الاتفاق الذي يمنحهم الحكم الذاتي".

ويزيد: "لم يستفدوا، على سبيل المثال، من الدعم الذي حظي به الكوسوفيون في التسعينيات.. وقد فهمت باكو ذلك وتصرفت وفقًا لذلك".

ويخلص التحليل بالقول: "إن القصة الحقيقية لنجاح إسرائيل في الشراكة الإستراتيجية مع باكو تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، ولها آثار على المستقبل، حيث تصنع إسرائيل التكنولوجيا التي تغير شكل الحرب، وتجعلها أكثر دقة وأكثر اعتماداً على التكنولوجيا".

ويختتم: "إن نجاح باكو والمأساة التي حلت بالأرمن في قره باغ هي قصة دول أكبر مثل الولايات المتحدة وروسيا، وليست قصة تكنولوجيا دفاعية ساعدت أذربيجان على تحقيق التفوق على المستوى التكتيكي".

المصدر | جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أذربحيان أرمينيا إسرائيل تكنولوجيا أمريكا روسيا

الإمارات وأذربيجان.. لماذا تطورت العلاقات الآن وما علاقة تركيا وإسرائيل؟