كاتبة مصرية تتساءل: هل تخطط القاهرة لغزو وشيك للسودان؟

السبت 3 يونيو 2023 05:19 م

اعتبرت الكاتبة المصرية شهيرة أمين أن القاهرة في مأزق، فإما أن تستمر سرا في دعم قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان في مواجهة قائد قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حميدتي) أو أن تُقدم على غزو شامل وشيك لجارها السودان، ما يهدد بإغضاب الإمارات الثرية التي تحتاجها مصر في ظل أزمتها الاقتصادية المتفاقمة.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي تشهد الخرطوم ومدن سودانية أخرى قتالا بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، ما خلَّف مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في أحد أفقر دول العالم، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد سنويا 750 دولارا أمريكيا فقط.

وقالت شهيرة، في تحليل بـ"المجلس الأطلسي" وهو معهد بحثي أمريكي (The Atlantic Council) ترجمه "الخليج الجديد"، إن "الأزمة في السودان لها تداعيات خطيرة على الدول المجاورة، وخاصة مصر التي تعاني من تحديات اقتصادية وتراقب أزمة إنسانية تتكشف على جانبها من الحدود".

وتابعت أنه "منذ اندلاع القتال، عبر ما لا يقل عن 259 ألف شخص من السودان إلى الدول المجاورة، وهي مصر وتشاد وإريتريا وجمهورية إفريقيا الوسطى، لكن مصر، التي تشترك في حدودها الجنوبية مع السودان، هي الأكثر تضررا".

وأوضحت شهيرة أنه "كوجهة أساسية للفارين من العنف، استقبلت مصر أكثر من خمسين ألف شخص عبر الحدود، ومن المتوقع أن تستقبل مئات الآلاف غيرهم في الأشهر المقبلة إذا استمر القتال".

وأردفت: "لا يهدد التدفق الجماعي للاجئين بتفاقم الأزمة الإنسانية على الجانب المصري من الحدود فحسب، بل يهدد أيضا بإرهاق موارد البلاد في وقت تواجه فيه أزمة اقتصادية متفاقمة، مما يهدد بمزيد من استياء سكانها الساخطين".

متطرفون وإثيوبيا

شهيرة واستدركت: "لكن الحكومة المصرية لديها الكثير لتقلق بشأنه أكثر من زيادة السخط العام الناجم عن الضغط الاقتصادي الهائل، إذ يعتبر التسلل المحتمل للجماعات المتطرفة إلى مصر مصدر قلق رئيسي للسلطات".

وأضافت شهيرة أنه "على مدار العقد الماضي، كان الجيش والشرطة المصريان هدفا لهجمات إرهابية متعددة من قبل تابعين لـ"تنظيم الدولة" عبروا الحدود إلى مصر من الحدود الشرقية المشتركة مع قطاع غزة".

وزادت بأنه "تم أيضا نشر القوات على طول الحدود الغربية لمصر مع ليبيا للحد من تسلل الإرهابيين وتكرار هجمات مماثلة، وقد أدى الإفراج مؤخرا عن شخصيات مؤيدة للإخوان المسلمين من سجن في السودان (كوبر) إلى زيادة مخاوف القاهرة من فتح جبهة جديدة في حرب مصر على الإرهاب"، وفقا للكاتبة.

ومضت قائلة إن "مصدر قلق كبير آخر لمصر هو علاقات قوات الدعم السريع القوية مع إثيوبيا، إذ سعت مصر للحصول على دعم السودان في نزاعها المستمر مع إثيوبيا حول حصة دولة المصب من مياه نهر النيل بعد بناء سد النهضة الإثيوبي، والآن إذا قررت مصر استخدام الخيار العسكري ضد إثيوبيا، فلن يكون السودان إلى جانبها".

الإمارات وحفتر

وقد "استبعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أي تدخل في السودان، بحجة أن الأزمة السودانية مسألة داخلية، وعرض التوسط بين الفصائل المتناحرة. مع ذلك، يقول مشككون إن الجيش المصري يدعم نظيره السوداني الذي أقام معه علاقات قوية عقب الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 2019"، بحسب شهيرة.

وأردفت: "وكانت هناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأن مصر زودت الجيش السوداني بمعلومات استخباراتية ودعم تكتيكي، إضافة إلى قصف مقاتلات مصرية لمواقع للدعم السريع.. وإذا كانت التقارير دقيقة، فإن هذا سيضع مصر في مواجهة الإمارات، حليف مصر منذ فترة طويلة والداعم المالي الرئيسي لها، والتي ألقت بثقلها وراء قوات الدعم السريع".

وزادت: "كما ستضع مصر في مواجهة أمير الحرب الليبي الجنرال (المتقاعد) خليفة حفتر، وهو مؤيد آخر لقوات الدعم السريع ، وتسيطر قواته على جزء كبير من شرق ليبيا ودعمته مصر وقوات الدعم السريع خلال هجومه الفاشل على (العاصمة) طرابلس في 2019".

غزو وشيك

وتود مصر، بحسب شهيرة، أن "ترى الاستقرار والأمن في السودان خوفا من انتشار العنف إلى أراضيه، ولا ترغب في الوقت نفسه في المخاطرة بإثارة غضب الإمارات باتخاذ جانب معارض في الصراع".

ولفتت إلى أن "مصر، التي تعاني من ضائقة مالية، تبيع أصول حكومية للدولة الخليجية الثرية لدعم الاقتصاد المصري المضطرب، وقد توقف الإمارات استثماراتها في مصر، مما يحرمها من السيولة التي تحتاجها لسد فجوة تمويلية تبلغ 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة".

وتابعت شهيرة أن "الأكثر أمانا لمصر أن تستمر في دعم الجيش السوداني سرا، لكن مع إجلاء الأجانب من السودان الذي أوشك على الاكتمال، تنتشر توقعات بأن غزوا عسكريا مصريا واسع النطاق للسودان بات وشيكا في حال استمرار الصراع".

وأردفت: "وفقا لمحللين ، فإن غزو السودان سيعطي مصر فرصة لإعادة تأكيد دورها القيادي في المنطقة. ومن خلال التوسط في هدنة بين الفصائل المتناحرة في السودان، يمكن لمصر كسب تأييد القوى العالمية، وخاصة الولايات المتحدة، التي كانت تعلق آمالها على تسليم السلطة إلى حكومة مدنية وهو أحد أبرز أسباب الخلاف بين البرهان وحمديتي".

وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ دمج مقترح لـ"الدعم السريع" في الجيش"، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن فرض البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 إجراءات استثنائية اعتبرها الرافضون "انقلابا عسكريا".

المصدر | شهيرة أمين/ المجلس الأطلسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السودان البرهان حميدتي السيسي الإمارات غزو