لدى السعودية والإمارات حسابات معقدة بشأن الحرب الراهنة في السودان، لكن من المرجح أن تتشكل احتمالات تسوية الأزمة وفقا لرغبات قائد قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حميدتي) وقدرة أبوظبي على فرض تلك الرغبات، بحسب عمر كريم، زميل مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان حربا بين الجيش، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة حميدتي. وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن مقترح لدمج "الدعم السريع" في الجيش، وهو أحد بنود اتفاق لإعادة سلطة المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن انقلب عليهم البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، عبر فرض إجراءات في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بينها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ، وهو ما اعتبراه الرافضون "انقلابا عسكريا".

وقال كريم، في تحليل بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) ترجمه "الخليج الجديد"، إن "السعودية والإمارات ردتا بحذر على المواجهة بين الجيش والدعم السريع، وأكدتا ضرورة الحوار".

وأضاف أن السعودية، التي تستضيف منذ أيام مباحثات بين ممثلين عن الطرفين السودانيين، "تخشى من أن الصراع الطويل وانهيار الدولة السودانية سيهدد الأمن الإقليمي ويقوض رؤيتها لتطوير ساحلها على البحر الأحمر".

وتابع: "ربما فضلت الإمارات انتصارا سريعا لحميدتي، لكن الصراع الذي طال أمده سيعرض مصالحها السياسية والاقتصادية للخطر وقد يلفت الانتباه غير المرغوب فيه إلى روابط أبوظبي بحميدتي. أما قطر، وبعد أن فقدت نفوذها في السودان مع الإطاحة بالرئيس عمر البشير (1989-2019)، فمن المرجح أن تركز جهودها على دبلوماسية المساعدات".

وأردف أنه "منذ اندلاع الأزمة في السودان، برزت السعودية كقوة إقليمية لا غنى عنها، وأخذت زمام المبادرة في عمليات المساعدة الإنسانية والإغاثة وإجلاء الرعايا".

ومضى قائلا إن "السعودية هي إحدى الجهات الإقليمية الفاعلة الوحيدة التي لها علاقات مع جميع أصحاب المصلحة المشاركين في النزاع".

اصطفاف سعودي أمريكي

و"مثل السعودية، فإن الولايات المتحدة قلقة بشأن التأثير طويل المدى للصراع السوداني على الأمن في منطقة البحر الأحمر"، بحسب كريم.

ولفت إلى أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز حذر من أن القتال في السودان من المرجح أن يتحول إلى صراع طويل الأمد، معربا عن مخاوفه من انتشار العنف عبر الحدود وتفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في منطقة القرن الأفريقي.

وأضاف كريم أن هذا الوضع "أدى بكل من واشنطن والرياض إلى اقتراح مبادرة مشتركة للتهدئة والترتيب لحوار بين الجانبين، ويبدو أن السعودية ستكون الحليف السياسي الأمامي للولايات المتحدة في ملف السودان، مما يظهر مرة أخرى اصطفافا جيوسياسيا حاسما بين الشريكين".

ووفقا لكريم فإن اتصالات البرهان الأخيرة مع المسؤولين الإماراتيين، وبينها مكالمة هاتفية في 30 أبريل/ نيسان الماضي مع نائب الرئيس منصور بن زايد آل نهيان، تشير إلى أن "الجيش السوداني يدرك أنه لا يمكنه هزيمة قوات الدعم السريع عسكريا، على الأقل في الوقت الحالي".

وتابع: "نظرا إلى حميدتي عمل جنبا إلى جنب مع الإماراتيين في مسارح متعددة، فقد يفترض البرهان أن أبوظبي هي القوة الوحيدة ذات النفوذ عليه (...) وربما يعكس هذا أيضا مخاوف البرهان من أن يصبح موقف الجيش ضعيفا إذا كان حميدتي قادرا على تأمين المساعدة العسكرية من الجهات الأجنبية".

ومضى قائلا إن "مصر (الجارة الشمالية للسودان)، الداعم القوي للبرهان، لم تُظهر حتى الآن اهتماما بدعم الجيش ضد قوات حميدتي، مما يجعل أي دعم إماراتي محتمل لحميدتي أكثر أهمية".

واعتبر كريم أن "التردد الواضح للاعبين الإقليميين في تقديم المساعدة العسكرية، بسبب مخاوف من تحول الأزمة إلى حرب أهلية طويلة الأمد وكارثة إنسانية، يعود إلى أنه باستثناء أي دعم خارجي مفتوح، لن يتمكن أي من الطرفين من تحقيق اختراق حاسم".

واستطرد: "يبدو أن حميدتي يحاول الاستيلاء على الدولة بأكملها، وليس مجرد محاولة استخراج المزيد من الموارد (لاسيما الذهب الذي يبيعه للإمارات)، وبالتالي، من المرجح أن تتشكل احتمالات حل الأزمة من خلال ما يرغب حميدتي في التسوية به وما إذا كانت الإمارات لديها النفوذ اللازم لفرض يده".