عودة القوة الناعمة السعودية في العراق يعزز مصالحها الاقتصادية والسياسية

السبت 10 يونيو 2023 08:56 ص

"تسير السعودية في خطوات ناجحة لإعادة قوتها الناعمة بالعراق، ما يعزز مصالحها الاقتصادية مع جار رئيسي عربي للخليج".. هكذا يخلص تقرير لـ"معهد دول الخليج العربية" في واشنطن الذي ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن التعاون الطبي والتعليمي الأخيرين بين البلدين، يمكن البناء عليها لتعزيز العلاقات الدبلوماسية.

واستأنفت الرياض العلاقات الدبلوماسية مع بغداد، في ديسمبر/كانون الأول 2015، بعد 25 عاما من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وتعززت العلاقات العراقية السعودية في السنوات الماضية، حيث اتفق البلدان في أبريل/نيسان 2021، على تأسيس صندوق سعودي عراقي مشترك يقدر رأس ماله بـ3 مليارات دولار إسهاماً من المملكة في تعزيز الاستثمارات بالعراق.

وفي أوائل يونيو/حزيران الماضي، وقعت السعودية اتفاقية مع الحكومة العراقية لتقديم المساعدة الطبية الضرورية والدعم للعراقيين في جميع أنحاء البلاد، في حدث حظي بتغطية إعلامية كبيرة، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (حكومي).

وقال سفير المملكة في العراق عبدالعزيز الشمري، إنه إلى جانب توفير الإمدادات الطبية، سترسل المملكة أيضًا أطباء مؤهلين وذوي خبرة عالية، بما في ذلك جراحي الأعصاب وأطباء القلب وأطباء الأطفال وأخصائيي البصريات بالإضافة إلى الممرضات.

وكانت آخر مبادرة سعودية رئيسية للرعاية الصحية في عام 2003، في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وانهيار جهاز الدولة العراقية.

وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، أرسلت الرياض قافلة إنسانية تضمنت مستشفى ميدانيًا متنقلًا مرتبطًا بوزارة الدفاع السعودية.

وكانت القافلة قد عبرت معبر عرعر الحدودي في 22 أبريل/نيسان 2003، وتحرسها كتيبة قوامها 210 من القوات المسلحة السعودية، وأقيمت في موقع مستشفى الهلال الأحمر العراقي ببغداد.

ومع ذلك، لم يدم المستشفى طويلاً وسط تزايد التوترات الطائفية، قبل أن يتم إغلاقه بناءً على طلب وزارة الصحة العراقية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2003، غادرت القوات السعودية والعاملون في المجال الإنساني العراق، وسط توترات حددت العلاقات بين بغداد والرياض لسنوات مقبلة.

كما تم سحق أي احتمال مبكر لتحسين العلاقات بين البلدين مع ظهور التمرد السني في العراق، ووجهت بغداد اتهامات بأن الرياض كانت ترعى التمرد، كما اتهمت السعوديين بالوقوف إلى جانب السنة العراقيين ضد القيادة الشيعية في البلاد.

وأدت هذه التصورات إلى ظهور رأي عام سلبي متفاقم للمملكة بين السكان الشيعة والقادة في العراق.

وتحسنت العلاقات بمرور الوقت، حيث زار القادة العراقيون الرياض بشكل دوري، وأصبح القادة السعوديون يفهمون أهمية محاولة إعادة دمج العراق في دول الخليج العربية.

وفي موازاة ذلك، كانت هناك بعض الجهود الإنسانية السعودية في مناطق مختلفة من العراق.

وكانت الرياض مزودًا نشطًا للمساعدات للأشخاص الذين نزحوا بسبب الصراع في إقليم كردستان ومحافظة نينوى، لكن الحملة الجريئة والعلنية الجديدة التي أعلنتها المملكة، تبدو الأولى من نوعها على المستوى الوطني، حيث وصلت إلى 7 محافظات عراقية وتجاوزت الخطوط العرقية والطائفية والجغرافية في العراق.

وقد تكون الحملة مهمة للعراق، حيث إن توفير الرعاية الصحية فيه يعد من بين الأسوأ في العالم.

ويمكن للمساعدات الطبية السعودية أن تخفف من معاناة الشعب العراقي، وخاصة أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية طارئة.

ويشتمل أحد مكونات الحملة الطبية السعودية أيضًا على تقييم للمستشفى ونظام الرعاية الصحية في العراق، مما قد يساعد في تحديد أوجه القصور في النظام.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين تطوير نظام الرعاية الصحية في العراق والمساعدة في نقل المعرفة والتدريب وبناء القدرات لأخصائيي الرعاية الصحية لمنحهم المهارات والخبرات اللازمة لتقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة في العراق.

وتشير حملة المساعدة الطبية الشاملة هذه إلى زيادة واسعة في العلاقات الثنائية.

ويمكن أن يُعزى الكثير من التحسينات الأخيرة إلى الجهود المستمرة لمجلس التنسيق السعودي العراقي، الذي تأسس في عام 2017.

وأثناء إطلاق الحملة الطبية، سلط الشمري الضوء على العمل المهم للمجلس، قائلاً إن كلا البلدين "يحصد ثمرة العلاقات الجميلة والرائعة بين العراق والسعودية من خلال مجلس التنسيق العراقي السعودي، ونحن نجني ثمار النجاحات بتوجيهات قيادة البلدين".

وعقد المجلس، المؤلف من 7 لجان فنية متخصصة تهدف إلى تطوير العلاقات بين بغداد والرياض، جولات متعددة من المحادثات للاستفادة من مجالات التعاون.

وأعلن المجلس في آخر اجتماع له بجدة في 25 مايو/أيار، عن خطة عمل شاملة للتعاون في مجالات الطاقة والتجارة والمصارف والربط الكهربائي والتعليم والرعاية الصحية.

وقد انبثق عدد من المشاريع الاستثمارية عن مناقشات المجلس، بما في ذلك عقد السعودية لبناء مركز تجاري بمليار دولار بالقرب من مطار بغداد.

وسيضم المركز التجاري "شارع بغداد" مطاعم ومقاهي ومكاتب تجارية وشقق سكنية وفلل.

بالإضافة إلى ذلك، دعا العراق "أرامكو" السعودية، للاستثمار في حقل عكاس للغاز في محافظة الأنبار وتطويره، والذي يمكن أن ينتج 400 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.

وإذا تم تشغيل المشروع، فقد يساعد العراق على تقليل اعتماده على واردات الغاز الإيراني ومعالجة انقطاع الكهرباء المزمن في البلاد.

كما وقعت "أرامكو" اتفاقية مبدئية مع بغداد للاستثمار في تطوير مصانع البتروكيماويات في العراق.

وعلى هامش محادثات مجلس التنسيق العراقي السعودي الأخيرة، التقى وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي نعيم العبودي مع وزير التربية والتعليم السعودي يوسف البنيان، لتعزيز التعاون من خلال مشروع يجمع 4 جامعات عراقية مع السعودية.

ويستهدف الاتفاق إجراء برامج تدريبية، وتمويل المنح الدراسية، واستضافة برنامج التبادل لمائة طالب عراقي للدراسة في الجامعات السعودية سنويًا.

ويمكن أن يساعد ذلك في تعزيز الحوار بين السعوديين والعراقيين، بينما يساعد العراقيين على اكتساب المهارات في مختلف التخصصات واكتساب الخبرة من الأساتذة والعلماء السعوديين.

وحسب تقرير معهد دول الخليج في واشنطن: "يمكن أن تكمل الحملة الطبية وبرامج التبادل التعليمي بعضها البعض في تعزيز الروابط الثقافية بين المملكة والعراق، ويمكن البناء عليها لتعزيز العلاقات الدبلوماسية".

وأضاف: "يبدو أن تقديم السعودية للمساعدات الطبية للعراق هو أحد مكونات مبادرة القوة الناعمة الأوسع المصممة لتوليد النوايا الحسنة والثقة بين الجمهور العراقي".

ويختتم: "من المرجح أن تساعد تنمية سمعة أكثر إيجابية المملكة، حيث تتطلع السعودية إلى التوسع بشكل أكبر في قطاعات الطاقة والاستثمار والبنوك في العراق".

المصدر | معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق السعودية قوة ناعمة تعاون طبي تعاون تعليمي

بـ 6 مليارات دولار.. اتفاق عراقي سعودي إماراتي لتشكيل مجالس أعمال

على حبل مشدود بين جارتيه.. فوائد للعراق من تهدئة السعودية وإيران