الغاز وتخفيف الحصار: خطة مصر الاقتصادية لغزة

الأربعاء 14 يونيو 2023 05:59 ص

تستثمر مصر في البنية التحتية لتعزيز اقتصاد غزة كجزء من خطة طويلة الأجل لوقف إطلاق النار، مع التركيز على موارد الغاز في القطاع المحاصر في استراتيجية القاهرة.

يتناول تقرير سالي إبراهيم في "ذا نيو عرب"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، انشغال الحكومة المصرية ببناء ميناء بحري قبالة ساحل بورسعيد، وتجديد مطار العريش الدولي، وتمهيد الطرق الطويلة التي تربط قطاع غزة بالقاهرة.

ووفق التقرير، تأتي أعمال البنية التحتية هذه وسط خطط لزيادة الحركة التجارية مع قطاع غزة، في ظل حصار إسرائيلي مصري مشترك منذ عام 2007، وتسهيل حركة الفلسطينيين من القاهرة وإليها.

بعد سنوات من الرحلات الشاقة، يقول بعض الفلسطينيين إنهم يدركون الفوائد بالفعل بعد حصول تسهيلات في السفر.

وبالنسبة للفلسطينيين في غزة، هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي توافق فيها مصر على تسهيلات جديدة لهم، ولكن هناك أيضًا سياق سياسي.

حيث يشير التقرير إلى أن تحسينات البنية التحتية تأتي في أعقاب ترتيبات وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، مع جولات متعددة من المفاوضات التي عقدت بين المخابرات المصرية وقادة من فتح وحماس والجهاد الإسلامي، بحضور قادة من غزة وخارجها.

هدنة طويلة الأمد

قال مسؤولون مصريون مقربون من الرئيس عبدالفتاح السيسي، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، إن مصر تقود مفاوضات مكثفة بين الفلسطينيين وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق هدنة طويل الأمد، على أمل الحصول على اتفاق نهائي بين الطرفين، قبل أي إعلان رسمي.

وأوضح المسؤولون أن المفاوضات تجري برعاية أمريكية لخلق بيئة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة، تجلب المزيد من الاستقرار على المدى القصير. وأضافوا أن مصر تعمل حاليًا على ترتيب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما يخدم مصالح غزة.

في وقت مبكر من شهر يونيو/حزيران، عقدت مصر اجتماعات مكثفة مع قادة حماس والجهاد الإسلامي لمناقشة التوصل إلى هدنة طويلة الأمد مقابل تخفيف الحصار تدريجياً خلال الأشهر المقبلة ورفعها في نهاية المطاف في غضون عامين.

بموازاة ذلك، تجري مصر مزيدا من المشاورات مع المسؤولين الأمنيين الإيرانيين بشأن الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة؛ نظرا لدور طهران في دعم حماس والجهاد الإسلامي، لحثهم على عدم التصعيد عسكريا في غزة، على الأقل بالنسبة للفلسطينيين.

ميناء ومطار غزة

وكشف مصدر للتقرير أن مصر تعمل حاليا، كدليل على حسن النية، على الترتيبات النهائية لتوسيع حجم التجارة مع قطاع غزة بدءا من ميناء العريش المصري، من خلال إنشاء ميناء فرعي في غزة تحت إشراف وإدارة مصرية.

هذا بالإضافة إلى طريق سريع يربط بين غزة ومدينة العريش، ينقل البضائع عن طريق البر من القطاع إلى الميناء، ومن هناك إلى الأسواق العالمية.

ويرى التقرير أن إنشاء ميناء بحري يعني أن حركة تجارية كبيرة ستحدث بشكل يومي بين غزة ومصر ودول العالم أيضًا، وهذا يعني أنه سيتم ضخ ملايين الدولارات يوميًا في القطاع؛ مما يساعد سكانه في التغلب على الفقر المدقع الذي عانوا منه لسنوات.

وعليه فإن الاستقرار الاقتصادي سيساعد في تعزيز الوضع السياسي حتى يتمكن الفلسطينيون أخيرًا من قبول اتفاق سياسي شبه نهائي مع دولة الاحتلال، في حال تعهدت إسرائيل بعدم شن هجمات عسكرية على القطاع.

ويشير التقرير أنه رسميا، ولأول مرة، انضمت السلطة الفلسطينية بقيادة فتح إلى المفاوضات مع مصر بشأن تحسين الأوضاع في غزة، حيث زار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، القاهرة مؤخرا وعقد اجتماعات مع مسؤولين مصريين لبحث حل مشكلة الكهرباء في غزة عبر تزويدها بالطاقة التي يمكن زيادتها في مراحل لاحقة.

وفي هذا السياق، قال ظافر ملحم، رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، إن المشروع المصري الفلسطيني الجديد سيسهم في معالجة العجز الكهربائي في قطاع غزة.

وأضاف أن "مثل هذه المشاريع الحيوية سيتم تطويرها بشكل مستمر لتوفير كميات أكبر من الطاقة الكهربائية لقطاع غزة قد تصل إلى 300 ميغاواط".

وينوه التقرير إلى أن هذه الاتفاقات بين مصر ورام الله تأتي بعد أن قدمت حماس موافقة ضمنية لخصمها اللدود (السلطة الفلسطينية)، بينما وافقت إسرائيل أيضًا، وفقًا لمسؤولين مصريين وفلسطينيين.

يوجد قبالة سواحل غزة كمية من الغاز تقدر بنحو 1.4 تريليون قدم مكعب، وسيوفر ذلك طاقة كافية لقطاع غزة والضفة الغربية لمدة 15 عامًا، وفقًا لمعدلات الاستهلاك الحالية.

ومع ذلك، فشلت جميع الجهود السياسية والدبلوماسية اللاحقة في تطوير واستخراج الغاز بسبب العقبات التي أوجدتها إسرائيل كدولة محتلة، خوفًا من الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني.

ويضيف التقرير أن ما زاد الطين بلة هو الانقسام السياسي بين فتح وحماس منذ عام 2007، بعد جولات من الاقتتال الداخلي وسيطرة الثانية على قطاع غزة بالكامل؛ مما دفع إسرائيل إلى فرض حصار أكثر صرامة، بما في ذلك على البحر، وحال ذلك دون أي محاولات لاستخراج  الغاز.

ومع ذلك، فإن إمكانات الغاز في غزة قد تكون كافية لتحفيز فتح وحماس والجهاد الإسلامي وإسرائيل للموافقة على هدنة طويلة الأمد، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين ومحللين سياسيين.

ووفقا للتقرير، أكدت مصادر مقربة من حماس والسلطة الفلسطينية، أن مصر نجحت في إقناع إسرائيل بالبدء في استخراج الغاز من الحقل الفلسطيني بعد تطويره، وهناك ضغوط خارجية مرتبطة بالحاجة الأوروبية للغاز في ظل الأزمة الحالية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقد قالت المصادر إن المفاوضات الجارية حاليا تتعلق بالآليات والحصص والإيرادات، وأن هناك تقدما إيجابيا، ويأمل الفلسطينيون أن ينتهي التفاوض بنهاية العام باتفاق يرضي جميع الأطراف.

ويرى محللون أنه إذا كانت إسرائيل صادقة في نيتها بمنح الفلسطينيين حق التنقيب، فإن ذلك سيجبر الأطراف الفلسطينية المتنازعة على التوصل إلى اتفاق مصالحة؛ لأن هذا سيخدم جميع الأطراف اقتصاديًا، وبالتأكيد سيكون لمصر دور كبير في إتمام ذلك، حيث إنها السلطة المشرفة على التنقيب، والتي سيبيعونها الغاز أيضًا.

ويضيف خبراء أنه بالرغم من أن مصر شاركت في حصار غزة، إلا أنها تجد نفسها الآن أمام خيار صعب، وهو تخفيف الحصار وإثبات أنها ستعمل على تحسين أوضاع الفلسطينيين الإنسانية والاجتماعية في غزة، والحقيقة هي أنها تريد الاستثمار في غاز غزة لمصلحتها الاقتصادية وتبادل تلك الفوائد مع الفلسطينيين.

ويؤكد التقرير في هذا السياق أن أزمة الطاقة العالمية أعادت تنشيط قضية الغاز والطاقة في الشرق الأوسط، لكن من المحتمل ألا تكون هناك إمكانية لاستخراج الغاز دون إجماع سياسي فلسطيني، الأمر الذي يتطلب مصالحة، بحيث يمكن التوصل إلى اتفاقيات حول تقسيم الإيرادات لتعزيز الاقتصاد.

المصدر | سالي إبراهيم/ ذا نيو عرب – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر غزة الغاز حماس السلطة الفلسطينية

إسرائيل توافق على تطوير حقل مارين للغاز قبالة سواحل غزة