عبر برنامج نووي.. هل تعيد الرياض وواشنطن تخصيب تحالفهما؟

الثلاثاء 20 يونيو 2023 07:59 ص

مثَّلت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى السعودية قبل أيام أحدث محاولة لإصلاح التحالف بين الولايات المتحدة والمملكة، إذ يمر بأصعب مراحله منذ 8 عقود ويحتاج البلدان إلى إعادة تشكيله، بحسب فايشنافي، وهي طالبة ماجستير في العلاقات الدولية بجامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي.

فايشنافي تابعت، في تحليل بموقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy) ترجمه "الخليج الجديد"، أن رحلة بلينكن جاءت "في وقت يتغير فيه السيناريو السياسي في المنطقة بسرعة، مما يؤدي إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما يتضح في حالة السعودية الحليف التاريخي لواشنطن في المنطقة".

ولفتت في سياق تدهور العلاقات الثنائية إلى تهديد الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال حملته الرئاسية، بمعاقبة قادة المملكة ردا على مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2018، وخفض الرياض لإنتاج النفط في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 ما أضر بجهود واشنطن لكبح التضخم جراء ارتفاع أسعار النفط، وكذلك استئناف السعودية وإيران لعلاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي.

وأنهى الاتفاق بين السعودية وإيران قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في أنحاء المنطقة، لاسيما في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

قومية وتعدد أقطاب

و"أحد جوانب التغير في التحالف الأمريكي السعودي هو صعود الحماسة القومية في السياسة الخارجية السعودية، إذ تريد القيادة السعودية الحالية إحداث تغييرات جذرية، ولهذا فهي بحاجة إلى حشد الدعم وضمان الشرعية، ومن الأدوات المهمة لذلك غرس المشاعر القومية القائمة على التنمية"، وفقا لفايشنافي.

وأضافت أن "القيادة السعودية تدرك الحاجة إلى التركيز على تنميتها الاقتصادية مع تراجع موارد النفط. ويجب النظر إلى تخفيضات إنتاج النفط من منظور هذه الفكرة الناشئة عن القومية السعودية الجديدة أو "السعودية أولا".

وأردفت: "بينما تحدثت الولايات المتحدة عن مزاعم مختلفة بشأن أسباب خفض السعودية لإنتاج النفط، قال السعوديون إن هذا الخفض يخدم مصالحهم الاقتصادية. وأدى الركود العالمي المتزايد، ولاسيما التباطؤ (الاقتصادي) في الصين بعد تفشي الفيروس (كورونا) إلى انخفاض الطلب على النفط وبالتالي خفض الأسعار. وكان هذا الخفض في الإنتاج أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في وصول الاقتصاد السعودي إلى معدل نمو 8.7٪ من 3.2٪ السابقة".

ويوجد عامل آخر، بحسب فايشنافي، "يساهم في الطبيعة المتغيرة للتحالف الأمريكي السعودي وهو الواقع متعدد الأقطاب الناشئ، فمع تراجع قوة الولايات المتحدة، لم يعد من الممكن وصف العالم بأنه أحادي القطب، إذ بدأت قوى مختلفة (بينها الصين وروسيا) في تأكيد وجودها".

وزادت بأنه "في هذا الواقع المتغير، تبنت الرياض سياسة التنويع الاستراتيجي في سياستها الخارجية. وبينما تتعاون السعودية وروسيا في سوق النفط من خلال "أوبك +"، فإن التعاون السعودي مع الصين يجري على جبهات متعددة بينها الطاقة والدفاع والأمن والاقتصاد".

سياسة متغيرة

و"على الرغم من الضغوط على التحالف الأمريكي السعودي، لا تزال بعض المناطق توفر إطارا للتعاون في المستقبل، ولذلك يجب إعادة بناء الشراكة السعودية الأمريكية، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال توسيع مجالات التعاون الحالية واستكشاف مجالات جديدة"، وفقا لفايشنافي.

واعتبرت أن "التعاون الأمني لا يزال يوفر الأساس للشراكة بين البلدين، فأكثر من 73% من واردات المملكة من الأسلحة والذخائر لا تزال تأتي من الولايات المتحدة، مما يجعلها مصدر دخل ضخم لواشنطن.  وفيما يتعلق بالطاقة، فإن القيادة السعودية في منظمة (الدول المصدرة للنفط) أوبك تجعل التحالف ذا أهمية مستمرة للولايات المتحدة".

واستدركت فايشنافي: "لكن مع التغييرات في المنطقة، مثل استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، من الضروري أن يبحث شركاء التحالف أيضا عن مجالات جديدة للتعاون قد يكون بينها البرنامج النووي المدني السعودي".

وأضافت أنه "كما ورد خلال زيارة بلينكين، تتطلع السعودية إلى مساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية في معالجة خام اليورانيوم لإنتاج الوقود، والتخلي عن هذا التطلع يعني أن السعودية ستذهب إلى آخرين لمساعدتها".

ويبدو أن واشنطن تخشى أن يتحول البرنامج النووي السعودي في مرحلة ما إلى محاولة إنتاج أسلحة نووية، لاسيما في ظل الاتهامات لطهران (خصم المملكة) بالسعي إلى إنتاج سلاح نووي، وهو ما يثير مخاوف إسرائيل، أوثق حليف لواشنطن في المنطقة، والتي تمتلك ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية.

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها. ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية فإن السعودية طرحت الدعم الأمريكي للبرنامج النووي السعودي ضمن قائمة مطالب مقابل تطبيع محتمل للعلاقات بين الرياض وتل أبيب بوساطة واشنطن.

ولا تقيم السعودية علاقات علنية مع إسرائيل، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وأضافت فايشنافي أن "الروابط القوية بين الصين وإيران تمثل عائقا رئيسيا في ظهور بكين كشريك معتمد للرياض، بينما يمكن توفير تلك الشراكة من خلال الحفاظ على ارتباط وثيق مع الولايات المتحدة".

وخلصت إلى أنه "بشكل عام، يمكننا القول إن التحالف البالغ من العمر 80 عاما بين الولايات المتحدة والسعودية يحتاج إلى إعادة تشكيل وفقا للسيناريوهات السياسية المتغيرة بطريقة تظل الثقة المتبادلة سليمة".

المصدر | فايشنافي/ مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة تحالف البرنامج النووي تضارب مصالح

شريك موثوق وليس شرطيا إقليميا.. ما يريده الخليج من واشنطن

نيوزويك: نووي متحكم به للسعودية مقابل التطبيع مصلحة أمريكية وإسرائيلية

أمريكا والنووي السعودي.. كاتب يقترح صفقة ويحذر من عودة الرياض لبكين وموسكو

صحيفة: السعودية تدرس عرضا صينيا لبناء محطة نووية للضغط على واشنطن