«ديناصورات أمريكية» صناعة سعودية للتأثير في قرارات البيت الأبيض!

الجمعة 12 سبتمبر 2014 07:09 ص

أثار ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية السبت 6 سبتمبر/أيلول 2014 قبل خمسة أيام من ذكرى حلول أحداث 11 سبتمبر/أيلول وما تحمله من دلالات سياسية في العقلية الأمريكية والغربية والعربية والإسلامية على حد سواء تحت عنوان:Foreign Powers Buy Influence at Think Tanks ، من معلومات عن تمويل 9 دولة عربية «خمسة منها خليجية» لـ 7 مراكز أبحاث أمريكية ضمن عملية الدعم الواسعة التي قامت بها 57 دولة لتسعة مراكز أبحاث أمريكية لشراء ولاءها، تساؤلات حول كيف تتعامل السعودية مع مراكز التفكير الأمريكية المؤثرة في «البيت الأبيض» بعدما ظهر أسم المملكة بالفعل ضمن أسماء المتبرعين.

فبعدما أصبحت أغلب مراكز التفكير الأمريكية في قبضة اللوبي الصهيوني ولعب دورا كبيرا في تشكيل السياسية الداخلية والخارجية الأمريكية ضد قضايا العرب والمسلمين، بدأت دول عربية -منها السعودية والإمارات وقطر- تلعب نفس اللعبة وتتدخل لتمويل مراكز أبحاث أمريكية لتحسين صورتها أو فرض مناقشة لقضايا معينة تهم هذه الدول في «الكونجرس» و«البيت الأبيض» الأمريكي.

وزاد من أهمية هذا التدخل السعودي والعربي عموما رفع الحكومة الأمريكية يدها عن تمويل العديد من مراكز الأبحاث وتكاثرها وحاجتها لتمويل، كما زاد من أهمية هذا التدخل تراجع النفوذ الأمريكي تدريجيا في المنطقة الخليجية ومناطق مصالح سعودية كسوريا ولبنان والعراق، ومن ثم الحاجة للضغط علي الإدارة الأمريكية كي تتبني مواقف السعودية في قضايا معينة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال مجموعات لوبي تحرك مراكز أبحاث تضع دراسات للحكومة الأمريكية تدفعها للتحرك وفق الرغبات السعودية أحيانا.

وقد أسهم هذا الدعم المالي السعودي بدوره في أن يحول بعض هذه المراكز البحثية إلى ديناصورات ضخمة ولاعب رئيسي في الحياة السياسية الأمريكية لتغيير الأولويات الأمريكية «كما ظهر مؤخرا في معاودة التدخل ضد داعش في العراق وسوريا» ويغير أولويات القضايا الإستراتيجية وطريقة تصرف أمريكا في قضايا بعينها تتناسب مع توجهات القائمين علي هذه المراكز.

وجاء هذا بعدما كان أصحاب النفوذ من اللوبي الصهيوني أو الجماعات الإنجيلية المسيحية المتطرفة يسعون وحدهم للتأثير في هذه المراكز أو تقديم معلومات موجهه إليها بهدف التأثير في صناعة القرار الأمريكي علي اعتبار أن رجل الإدارة بحاجة إلى الجهود البحثية المركزة، التي تبلور له الخيارات وتوضح له السياسات، وتفصل له القضايا بشكل علمي ودقيق .

وإذا كان جانبا من هذه المراكز البحثية يسيطر عليه الصهاينة ، فهناك نوع أخر منها يسيطر عليه اليمينيون المسيحيون المتطرفون، ومنها بعض مركز الدراسات التابعة لوزارات خصوصا وزارة الدفاع «البنتاجون» مثل مؤسسة «راند» RAND الأمريكية -وهي جماعة بحثية تابعة للقوات الجوية الأمريكية- والتي يسيطر عليها كبار متطرفي وزارة الدفاع مثل «دوجلاس فيث»، و«رامسفيلد»، والتي كانت وراء الترويج لمزاعم عن خطر العراق والدعوة لضربه بتهمة حيازة أسلحة نووية، والتحريض ضد المملكة بدعوي أن عدد من مهاجمي 11 سبتمبر/أيلول سعوديين.

وزاد من أهمية هذا التدخل السعودي للتأثير علي مراكز أبحاث ومنع تطرفها تجاه القضايا العربية وتبني وجهة نظر سعودية أحيانا، أن مراكز الأبحاث الموالية للوبي الصهيوني تركز علي ما سمي «الخطر الذي يمكن أن يمثله الإسلام على السياسة الخارجية الأمريكية» .

ومع بروز ظاهرة الصحوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي ، وتفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ، بدأت مراكز البحوث والدراسات الأمريكية تزيد اهتمامها بالإسلاميين حتى أصبحت موضة تتباري المراكز لتقديم دراسات ونصائح حولها للإدارة الأمريكية ، وغالبيتها يسعى لوضع تصور لهذه الظاهرة وتعريف عنها ونصائح بكيفية التعامل معها سواء بالضرب والإجهاض أو تشجيع إسلاميين علمانيين أو معتدلين ليواجهوا هؤلاء المتطرفين ، انتهاء بتحديد سبل لكيفية التعامل مع العالم الإسلامي عموما .

والغريب أنهم باتوا -في هذه المراكز والمؤسسات البحثية- يقدمون نصائح هدفها ضرب كل المسلمين في نهاية الأمر وليس السعي لفهم العالم الإسلامي والمظالم التي يشكو منها والتي كانت سببا فيما تعرضت له أمريكا من اعتداءات في 11 سبتمبر/أيلول، وكمثال نشير إلى أن مؤسسة «راند» البحثية حددت في تقارير لها مارس/آذار 2005 عدة نقاط كي تتحرك علي أساسها واشنطن للتعامل مع العالم الإسلامي تقوم علي الخداع وضرب المسلمين بعضهم ببعض ! .

فهم لا يكتفون بالدعوة لاستغلال الخلافات بين الشيعة والسنة في ضرب المسلمين وخدمة المصالح الأمريكية، ولا يكتفون بالسعي لاستغلال الخلافات الفكرية بين المسلمين الأثرياء في دول جنوب شرق أسيا والغرب، والمسلمون الفقراء في المناطق العربية، ولكنهم يسعون للتدخل لبذر الخلافات من الأعماق .

فهم يقترحون تشجيع إنشاء «الجماعات أو الشبكات الإسلامية المعتدلة العلمانية» لمواجهة «الدعوات المتطرفة»، والتدخل فيما يسمي «رعاية عملية إصلاح المدارس الدينية والمساجد» بزعم التأكد من أنها تقدم «تعليماً متحرراً وحديثاً»، وهو ما ظهر في التدخل في مناهج التعليم الديني والقيود على الأوقاف الخيرية وحلها، وما يسمي «تأميم المساجد» و«تمدين» التعليم الديني .

أيضا يدعون للتضييق علي الخدمات الاجتماعية التي قدمها الإسلاميون والتي يزعمون أنها هي مصدر التعاطف الشعبي معهم، ما يعني محاربة أنشطة الجمعيات الخيرية والتبرعات، وبالمقابل تشجيع خدمات علمانية «بديلة» ، ويدعون لـ«الإسلام المدني»، بمعني دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن «الاعتدال والحداثة»، وقطع الموارد عن المتطرفين، بمعني التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل سواء في الدول التي يأتي منها التمويل مثل لمملكة العربية السعودية، أ التي يمر من خلالها مثل باكستان .

مصادر الطاقة العربية مرصودة

وبعض المراكز التي تصنف عادة علي إنها من المراكز المحايدة وغير المنحازة لأي من الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري، سعت مؤخرا لتقديم نصائح للإدارة الأمريكية أن تسعي لتسريع خطط الاعتماد علي موارد أخري للطاقة غير البترول العربي كي لا تظل تحت رحمته خصوصا في ظل الارتفاع المتوالي في أسعار النفط، وهو ما أضر التصدي السعودي للنفط لأمريكا خصوصا مع الاعتماد حاليا علي الصخور الزيتية.

فمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية (Center for Strategic and International Studies-CSIS)، كتب في تقرير أبريل/نيسان 2005 تحت عنوان «تغير حسابات الولايات المتحدة في اعتمادها علي مصادر الطاقة في الشرق الأوسط»، (The Changing Balance of US and Global Dependence on Middle Eastern Energy Exports)، يدعو إلى ضرورة أن تجد الولايات المتحدة والقوي الآسيوية الجديدة بدائل في المدى الطويل للخروج من دائرة الاعتماد الكبير علي بترول السعودية والشرق الأوسط، وهو ما تطلب تدخل سعودي مقابل.

 

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمريكا

واشنطن بوست: الإمارات اشترت بأموالها دعوة لحضور اجتماع سري بالبنتاغون حول العراق

الجيش الأمريكي يطلق مسابقة بحثية لتكريم «الملك عبد الله»