حرب مفتوحة.. قائد فاجنر يسيطر على منشآت عسكرية جنوب روسيا وموسكو تتأهب

السبت 24 يونيو 2023 07:11 ص

أعلن قائد قوات مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين، أن قواته سيطرت السبت على المنشآت العسكرية في مقاطعة روستوف بجنوب روسيا، وهدد بالتوجه للعاصمة موسكو، التي أعلنت على لسان حاكمها أندريه فوروبيوف، عن تشديد الإجراءات الأمنية في المقاطعة.

وهذه التطورات هي الأحدث في حلقة خلاف طويل بين قائد ومؤسس "فاجنر" ووزارة الدفاع الروسية، والتي كان آخرها اتهام الجيش الروسي بقصف معسكرات "فاجنر"، قبل أن يتوعد بريغوجين بـ"الرد"، ما دفع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى فتح قضية جنائية ضده بتهمة "الدعوة لتمرد مسلح".

وقال قائد فاجنر، إن جنوده البالغ عددهم 25 ألفاً، يتواجدون في روستوف و"سيدمرون كل من يعترض طريقهم".

وأوضح أنه ورجاله موجودون في مركز قيادة المنطقة الجنوبية وسيطروا على المنشآت العسكرية في روستوف بما فيها المطار.

وأضاف أنهم سيطروا على المطار العسكري في روستوف، حتى لا تقوم الطائرات بقصفهم، وإنما بتنفيذ مهامها في أوكرانيا.

وأكد بريغوجين أن قائد الأركان الروسي فاليري غيراسيموف هرب من المدينة، حين علم باقتراب قوات فاجنر من مركز القيادة، وفق قوله.

وأفادت وكالة "رويترز"، السبت، بانتشار مقاطع مصورة على قنوات روسية على تليجرام، تظهر مسلحين يرتدون أزياءً رسمية ويطوقون مبنى وزارة الداخلية في مدينة روستوف أون دون.

وأكد قائد مجموعة "فاجنر"، أنه وعناصر مجموعته "مستعدون للموت" من أجل "الوطن الأم"، و"تحرير الشعب الروسي" من التسلسل الهرمي العسكري الذي أعلن دخوله في تمرّد ضدّه، وقال في رسالة صوتية على "تليجرام": "نحن جميعاً على استعداد للموت، جميعنا الـ25 ألفاً… لأننا نموت من أجل الوطن، نموت من أجل الشعب الروسي الذي يجب تحريره من أولئك الذين يقصفون المدنيين".

وفي مقر القيادة العسكرية بروستوف، التقى مؤسس مجموعة فاغنر بنائب وزير الدفاع ونائب قائد قيادة العمليات بهيئة الأركان، إلا أن تفاصيل هذا اللقاء لم تعلن.

فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر أمني روسي، قوله إن مقاتلي "فاجنر" سيطروا على جميع المنشآت العسكرية في فورونيج جنوب موسكو.

وسبق لبريغوجين نفيه أن يكون بصدد تنفيذ "انقلاب عسكري"، مؤكدا أنه يريد قيادة "مسيرة من أجل العدالة".

وبعد ساعات من إعلانه أن قواته عبرت الحدود من أوكرانيا إلى جنوب روسيا، نشر بريغوجين مقطع فيديو هدد فيه بالسيطرة فيه على روستوف والتوجه لموسكو إذا لم يتم تسليمه وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف.

وكان قائد "فاجنر"، قد دعا للحشد لمواجهة القادة العسكريين الروس، بعدما اتهم وزير الدفاع الروسي بإعطاء أمر بقصف قواته في أحد معسكراتها بأوكرانيا.

وتحدث بريغوجين عن سقوط عدد "هائل" من قواته في القصف الذي يقول إنه تم بأوامر من وزير الدفاع الروسي.

ودعما لتحركات قائد فاجنر، دعا المعارض ورجل الأعمال الروسي في المنفى ميخائيل خودوركوفسكي، الروس إلى دعم بريغوجين في تعهداته بإسقاط القيادة العسكرية الروسية.

وكتب خودوركوفسكي على "تليجرام": "نعم، حتى الشيطان يجب مساعدته إذا ما قرر مواجهة هذا النظام.. هذه ليست سوى البداية".

في غضون ذلك، أعلن حاكم مقاطعة موسكو أندريه فوروبيوف عن تشديد الإجراءات الأمنية في المقاطعة في ضوء التطورات الأخيرة المرتبطة بتحركات قوات "فاجنر".

وقال فوروبيوف على حسابه في "تليجرام"، إن الأوضاع تحت سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل كامل، مشيرا إلى إمكانية نصب نقاط تفتيش مرورية إضافية في القسم الجنوبي من المقاطعة.

وفي هذا الإطار، تم غلق الطريق السريع (M-4) الذي يربط موسكو بالمقاطعات الجنوبية على مسافة 400 كيلومتر جنوب العاصمة الروسية.

بدوره، أعلن حاكم منطقة ليبيتسك الروسية، الواقعة على بُعد 420 كلم جنوبي موسكو، "تعزيز الإجراءات الأمنية" عقب إعلان مجموعة فاغنر تمردا مسلحا.

وكتب إيغور أرتاموف على "تليجرام": "سيتم إيلاء اهتمام خاص (بحماية) البنية التحتية الحيوية"، داعيا السكان إلى "التزام الهدوء" والامتناع عن السفر جنوبا نحو المناطق الروسية الحدودية مع أوكرانيا".

كذلك أفادت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"، بتشديد الإجراءات الأمنية في موسكو في أعقاب دعوة قائد مجموعة "فاجنر" إلى تمرد مسلح.

وقال عمدة موسكو إنه تم اتخاذ إجراءات لمكافحة الإرهاب في العاصمة لتعزيز الإجراءات الأمنية، مضيفا أنه تم فرض رقابة وسيطرة إضافية على الطرقات في موسكو.

بدوره، حث جهاز أمن الدولة الروسي في بيان، مقاتلي مجموعة "فاجنر" على عصيان أوامر قائدهم، واتخاذ كافة التدابير والإجراءات لتوقيفه.

كما دعا الجهاز مقاتلي فاجنر إلى عدم ارتكاب ما وصفها بالأخطاء التي لا يمكن الرجوع عنها ووقف أي أعمال عنف ضد الشعب الروسي.

وشدد البيان على أن تصريحات وتصرفات بريغوجين تمثل دعوة لنزاع أهلي مسلح وطعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الموالية للفاشية، بحسب تعبيره.

الأمر ذاته، ذكره نائب قائد الحملة العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين، حين دعا مقاتلي "فاجنر" بترك مواقعها للقيادة العسكرية والعودة إلى قواعدهم.

وقال سوروفكين في تسجيل فيديو بثّه على تطبيق "تليجرام": "أخاطب مقاتلي مجموعة فاجنر وقادتها.. نحن من الدم ذاته، نحن محاربون.. أطلب (منكم) أن تتوقفوا قبل فوات الأوان، يجب الانصياع لإرادة وأوامر الرئيس الروسي المنتخب من الشعب".

فيما نقلت وكالة "سبوتنيك" عن وزارة الدفاع الروسية بياناً، تنفي توجيه ضربات لمعسكرات قوات "فاجنر"، وتصف ما يتم تداوله بهذا الشأن بأنه "تحريض إعلامي" ولا يتوافق مع الواقع.

واتهمت السلطات الروسية بريجوجن، بالسعي إلى إشعال "حرب أهلية" في البلاد بسبب دعوته العسكريين للانتفاض على قيادتهم.

وقال جهاز الأمن الفيدرالي، في بيان، إن "تصريحات بريجوجين وأفعاله هي في الواقع دعوة لبدء نزاع أهلي مسلّح على أراضي الاتحاد الروسي، وطعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الأوكرانية الموالية للفاشية".

وأفادت وكالة "تاس"، بأن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بدأ تحقيقاً في "دعوة لتمرد مسلح" فيما يتعلق بتصريحات بريجوجين.

وفي وقت لم يصدر تعليق رسمي من الكرملين على تلك التطورات، نقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء، عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قوله إنه "تم إطلاع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين على التطورات وسيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية"، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

ولاحقا، قال بيسكوف إن الرئيس الروسي سيلقي خطابا متلفزا قريبا.

وبريجوجين رجل الأعمال البالغ 62 عاماً، والذي أصبح شخصية بارزة في العمليات الروسية في أوكرانيا، مقرّب من الكرملين لكنه أيضاً أحد المنتقد لسياسات موسكو.

ودأب بريجوجن منذ أشهر على اتهام شويجو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف، بعدم الكفاءة في منصبيهما، لكنه قال في تصريحات في وقت سابق الشهر الجاري، إنه يعتقد أنه سيتم إيجاد "حل وسط" بين بوتين والبرلمان، لتمكين مقاتلي "فاجنر" من الحصول على ضمانات اجتماعية ووضع معتمد كمقاتلين.

كما سبق أن رفض رئيس مجموعة "فاجنر" في 11 يونيو/حزيران، توقيع جنوده أي عقد مع وزير الدفاع، كما رفض علناً محاولة وزارة الدفاع إخضاع أقوى شركة روسية في هذا المجال لسيطرة الوزارة.

إلا أن التصريح الأكثر صدامية، صدر عن بريغوجين قبل أسابيع، حين قال إن بعدما  اعتبر بريجوجن أن المبررات التي استند إليها الكرملين لغزو أوكرانيا "مبنية على أكاذيب لفقها خصومه الأزليون في قيادة الجيش".

كما أشار إلى "تراجع حالي للجيش الروسي على جبهتي زابوريجيا وخيرسون، وأن القوات الأوكرانية تدفع الجيش الروسي إلى الوراء".

وأعلن الكرملين العام الماضي، أنه ضم منطقتي زابوريجيا وخيرسون الواقعتين في جنوب أوكرانيا رغم عدم السيطرة عليهما تماماً، وقد حققت أوكرانيا مكاسب محدودة هناك أخيراً.

وتتعارض هذه التصريحات مع التأكيدات الأخيرة لبوتين بأن أوكرانيا تتكبد خسائر "كارثية".

بالتزامن، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أنّ "نظام كييف يستغلّ استفزازات بريغوجين الرامية لزعزعة استقرار الوضع من أجل إعادة تجميع وحدات من لواءي مشاة البحرية 35 و36 لشنّ أعمال هجومية"، في منطقة باخموت.

وأشارت إلى أنّ قواتها استهدفت القوات الأوكرانية بقصف جوي ومدفعي.

ولم يعلق الجيش الأوكراني على هذه الاتهامات، بيد أنه أعلن أنّه "يراقب" الخلاف الناشئ بين "فاجنر" والقيادة العسكرية الروسية.

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية: "نحن نراقب الوضع"، في حين أعلن قائد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو لودانوف، أنّ "فاجنر" والجيش الروسي "يفترسان بعضهما بعضا للحصول على السلطة والمال".

من جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض آدم هودج، إن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تراقب ما يجري من تطورات في روسيا".

وأضاف: "يعتزم بايدن التشاور مع الحلفاء والشركاء بشأن التطور ات الأخيرة"، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

وتشير تقارير نادرة في روسيا التي تتكتم عادة على الصراعات الداخلية، إلى أن التنافس القائم بين وزارة الدفاع ومجموعات "فاجنر"، له جذور قديمة، تستند بالدرجة الأولى على تدهور العلاقات الشخصية بين بريجوجين وشويجو.

ولا يمكن تجاهل أن جزءاً من هذا التنافس يستند إلى مساعي كل طرف للفوز بحصة أكبر من الموارد المالية المخصصة للحرب، بما في ذلك المكافآت والموازنات العسكرية، وقد برز ذلك من خلال سعي "فاجنر" إلى إدراج مقاتليها في لوائح تعويضات الضحايا والجرحى والمصابين أسوة بالعسكريين النظاميين.

وأيضاً، قال خبراء إن خلف الصراع يكمن الطموح الشخصي لبريجوجين الذي فاخر بعد إدراجه قبل أسابيع، في لائحة العقوبات الأمريكية بأنه يمتلك "أقوى جيش في العالم"، لكن الأهم من ذلك، أن هذا الصراع كشف محاولات كل قطب لتوسيع دائرة النفوذ داخل المؤسسة العسكرية على حساب الطرف الآخر.

وتصاعد الخلاف أثناء الحرب، إلى درجة متقدمة مع تحذير بريغوجين أنه سيسحب قواته من أوكرانيا في حال لم تستجب له وزارة الدفاع الروسية وتمده بالعتاد العسكري الذي يطلبه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا القيادة العسكرية الروسية فاجنر يفغيني بريغوجين بوتين تمرد انقلاب

تعهد بإجراءات صارمة.. بوتين: تحركات فاجنر طعنة في الظهر

فاجنر: بوتين اختار الطريق الخطأ وقريبا سيكون لروسيا رئيس جديد

تحذير من اضطرابات.. ترقب وقلق عالمي جراء تصاعد التوترات في روسيا (محصلة)

تمرد قائد فاجنر.. ماذا يعني؟

كيف تم إخماد تمرد فاجنر؟.. قصة أصعب 24 ساعة في حياة بوتين

دراما روسية مرتقبة بعد تمرد فاجنر.. المخفي أكثر من المعلن