ممر زنغزور.. ساحة المنافسة القادمة بين تركيا وإيران

الأحد 25 يونيو 2023 06:54 م

ارتفعت في الأيام الأخيرة وتيرة الحديث عن ممر "زنغزور" الواقع بين تركيا وأذربيجان مرورًا بأرمينيا، لاسيما بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، إلى باكو، التي انتقد خلالها موقف إيران الرافض لمشروع الممر.

وقال أردوغان في تصريحات للصحفيين خلال زيارته باكو في 14 يونيو/ حزيران الجاري، إن الحل السريع لمسألة "ممر زنغزور" سيعزز العلاقات التركية الأذرية.

وأضاف أردوغان أن المشكلة في مشروع ممر زنغزور لا تتعلق بأرمينيا، وإنما بطهران، منوها إلى أن موافقة الأخيرة على فتحه ستسهم في التكامل بين إيران وتركيا وأذربيجان، بل وقد تمهد لتدشين طريق بكين-لندن.

يأتي ذك بعد نحو شهر من إعلان رئيس أذربيجان إلهام علييف، الاتفاق مع رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشنيان على فتح ممر زنغزور، عقب لقائهما مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في بروكسل.

وتفصل الأراضي الأرمينية بين أذربيجان وإقليم ناختشيفان الأذري المتمتع بالحكم الذاتي؛ مما يمنع الاتصال البري المباشر بين أذربيجان وتركيا.

لكنّ انتصار أذربيجان في حربها ضد أرمينيا عام 2020 ساهم في استعادتها من أرمينيا، ما يزيد عن 130 كيلو مترا من أراضيها الحدودية مع إيران، وعليه بدأت باكو الضغط لفتح ممر زنغزور الأرميني الرابط بينها وبين ناختشيفان عبر شريط يبلغ طوله 40 كيلو متر.

ممر استراتيجي

وتقول منصة "أسباب" في تقرير لها: "في حال فتحه أمام حركة النقل، سيعزز ممر زنغزور اتصال تركيا بريا بدول آسيا الوسطى ذات العرق التركي (العالم التركي)، ويخدم مساعي أنقرة لتأكيد دورها كقائد لمنطقة أوراسيا التركية".

كما يرفع من أسهم "منظمة الدول التركية" التي تتكون من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، فضلا عن تركمنستان بصفة مراقب.

أما من الناحية الاقتصادية؛ سيربط ممر زنغزور تركيا بأذربيجان بريا بشكل مباشر دون الاضطرار للمرور بإيران ودفع رسوم عبور لها، كما ستتقلص المسافة بين أذربيجان وتركيا، حيث سيكون الخط الجديد أقصر من خط سكة الحديد الممتد من مدينة قارص التركية مرورا بالعاصمة الجورجية تبليسي، وصولا للعاصمة الأذرية باكو، بحسب التقرير.

وسيزيد ذلك من مكانة تركيا كمركز لنقل الطاقة والبضائع من آسيا الوسطى إلى الأسواق الأوروبية عبر طرق بديلة تتجاوز الأراضي الروسية، وسينعش منطقة جنوب القوقاز التي تمثل ممرا بين الشرق والغرب، وتربط بين البحر الأسود وبحر قزوين.

ويشير التقرير إلى أن الموافقة الأرمينية على فتح ممر زنغزور جاءت في ظل انشغال موسكو بملف الحرب في أوكرانيا وعدم تقديمها لدعم ملموس للجانب الأرميني في النزاع مع أذربيجان.

كما أن يريفان تطمح في المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها من تشغيل الممر.

فضلا عن أن تلك الخطوة تأتي ضمن مشروع اتفاق أوسع لتطبيع العلاقات بين أرمينيا وتركيا بما يضمن إنهاء الصراع الأرميني الأذري عبر ترسيم حدود كل منهما، وفتح خطوط النقل والمواصلات في المنطقة برعاية الاتحاد الأوروبي، وهو ما يضعف الموقف الروسي جنوب القوقاز، ويمثل خسارة استراتيجية لموسكو في منطقة نفوذ تاريخي، بحسب المنصة.

خطر أحمر بالنسبة لإيران

وتوضح "أسباب" أن تنفيذ ممر زنغزور يعني من وجهة نظر إيران وصول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى بحر قزوين عبر تركيا وأذربيجان؛ ما يؤدي إلى تطويق إيران وروسيا.

يصطدم فتح الممر –حسب التقرير- بالمساعي الإيرانية الروسية لتفعيل ممر الشمال الجنوبي لتعزيز النقل والتجارة بين روسيا وإيران والهند والقوقاز وآسيا الوسطى؛ حيث سيتيح ممر زنغزور نقل المزيد من البضائع والأفراد بين الصين وأوروبا عبر الممر الأوسط الذي يمر بالأراضي الآذرية، وهو ما أشار إليه أردوغان بطريق بكين-لندن.

ويضيف التقرير: "لا شك أن هذا سيؤثر على مساعي إيران للتحول إلى مركز للنقل الدولي حال رفع العقوبات الغربية عنها".

ويبين أن هذه الأسباب تدفع إيران لممارسة ضغوط على أرمينيا لوقف المشروع.

وتعتبر إيران الممر خطوة استراتيجية ضدها وتغيير للحدود ليس في صالحها؛ لأنه سيقطع وصولها إلى البحر الأسود وروسيا ويقلل تأثيرها في آسيا الوسطى ويضيع فرصة أن تكون ضمن الدول التي يمر فيها (مبادرة) "الحزام والطريق" الصيني.

وحذر وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022، خلال زيارة إلى بريفان، من أن بلاده لن تتسامح مع أي تغييرات في الحدود الجيوسياسية والممرات التاريخية لجنوب القوقاز.

واعتبر الوزير الإيراني أن هذا الموضوع خط أحمر، مهددا باستخدام جميع الإجراءات اللازمة لمنع حدوث ذلك.

وأعقبت إيران تصريحاته بتنفيذ الحرس الثوري مناورة عسكرية ضخمة في نفس الشهر، تضمنت نصب كباري لعبور نهر أراس الفاصل بين أذربيجان وإيران.

وردت باكو في ديسمبر/كانون الأول الماضي بتنفيذ مناورة عسكرية مشتركة مع تركيا باسم "قبضة الإخوة" للمرة الأولى على امتداد حدودها مع إيران، بحضور وزير الدفاع التركي ورئيس هيئة الأركان وقادة القوات البرية والجوية والبحرية التركية.

من جهة أخرى؛ فإن التحالف بين باكو و"إسرائيل" يزيد من حدة موقف طهران؛ ما أدى مؤخرا إلى تدهور في العلاقات بين أذربيجان وإيران.

وخلال العام الجاري؛ طردت باكو أعضاء من البعثة الدبلوماسية الإيرانية، واعتقلت مقربين من طهران بتهمة التخطيط لتنفيذ انقلاب عسكري، بينما قُتل مسؤول أمن السفارة الأذرية في طهران بهجوم.

هذا التدهور ألهبه وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بحديثه عقب لقائه مع نظيره الأذري في تل أبيب حول تدشين جبهة موحدة مع أذربيجان ضد إيران.

وفي 30 مايو/أيار، أجرى الرئيس الإسرائيلي أول زيارة من نوعها إلى أذربيجان، كما أرسل رسالة واضحة قبل إقلاعه من مطار "ديفيد بن جوريون" قائلا: إنه "بالإضافة إلى العلاقات التجارية، والعلاقات التاريخية، فإن أذربيجان هي جارة إيران".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا ممر زنغزور زنغزور إيران رجب طيب أردوغان

تغلغل إسرائيل ومشروع طوران بين 4 أعمدة لتوترات تركيا وإيران