بعد تمرد فاجنر.. قوى الغرب تتحدث عن انقسامات وتصدعات في سلطة بوتين

الاثنين 26 يونيو 2023 06:15 ص

بدأ عناصر مجموعة "فاجنر" الانسحاب من مواقع سيطروا عليها في روسيا بعد اتّفاق مع الكرملين قضى بوقف تقدّمهم نحو موسكو وخروج قائدهم يفغيني بريغوجين إلى بيلاروسيا، إثر تمرّد مسلح شكّل أكبر تحدٍّ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خضمّ حرب أوكرانيا.

ويرى الغرب أنّ تمرّد بريغوجين يُظهر "الانقسامات" و"التصدّعات" في سلطة سيد الكرملين.

وبعد نحو 24 ساعة من الترقّب عالمياً بشأن مسار أحداث شهدت سيطرة مقاتلي "فاجنر" على مقارّ قيادة للجيش الروسي وتقدّم أرتالهم في اتّجاه العاصمة، نُزع فتيل الانفجار بتوصّل الكرملين وبريغوجين إلى اتّفاق يوقِف بموجبه الأخير تمرّده ويغادر إلى بيلاروسيا إثر وساطة من رئيسها ألكسندر لوكاشنكو.

ورغم الاتّفاق، بقيت الإجراءات الأمنيّة مشدّدة في موسكو، بينما رفعت مناطق روسيّة أخرى القيود التي فُرضت اعتباراً من السبت على التنقّل.

وشوهد بريغوجين للمرّة الأخيرة السبت داخل سيّارة دفع رباعي مغادراً روستوف، حيث استولى مقاتلوه على مقرّ القيادة العسكريّة الروسيّة، وسط هتافات مجموعة شبان مدنيّين اقتربوا من نافذة سيّارته لمصافحته.

وكانت تقارير قد أفادت بأن مقاتلي "فاجنر" اقتربوا من موسكو على مسافة 400 كيلومتر، بينما زعم بريغوجين نفسه أنّه "في غضون 24 ساعة وصلنا إلى 200 كيلومتر من موسكو".

وتعهّدت الرئاسة الروسيّة بعدم ملاحقة المقاتلين وبريغوجين، الذي كان من الحلفاء القريبين من بوتين.

وأعلن بريغوجين ليل السبت، تراجعه لتجنّب إراقة "الدماء الروسيّة"، قائلاً إنّ قوّاته "تعود أدراجها إلى المعسكرات".

ولم يُعرف الكثير حول الاتّفاق، وقالت مينسك إنّ "المفاوضات استمرت طوال اليوم".

وعندما سئل المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن كان بريغوجين حصل على ضمانات لمغادرة بيلاروسيا لاحقاً، أجاب: "إنها كلمة الرئيس الروسي".

وشدد بيسكوف على أن "الهدف الأسمى هو تجنّب حمّام دم وصدام داخلي واشتباكات لا يمكن التنبّؤ بنتائجها"، مشيداً بـ"تسوية من دون مزيد من الخسائر".

وأكّد وقف أيّ ملاحقة قضائيّة بحقّ مقاتلي المجموعة الذين "لطالما احترمنا أعمالهم البطولية على الجبهة"، في إشارة إلى قتالهم في أوكرانيا.

واعتبرت الولايات المتحدة الأحد أنّ تمرّد بريغوجين الذي تمّ إحباطه، "شكّل تحدّياً لسلطة بوتين وكشف وجود تصدّعات حقيقية في أعلى هرم السلطة وأجبر السلطات على الدفاع عن موسكو".

وقال وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن: "لم نشهد بعد الفصل الأخير" من هذه الانتفاضة.

وأضاف: "لكنّ وجود أحد ما في الداخل يتحدّى سلطة بوتين ويشكّك مباشرةً في الأسباب التي من أجلها أطلِق هذا الهجوم على أوكرانيا، هو أمر وقعه قويّ جداً".

بدوره، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، أنّ تمرّد بريغوجين "يظهر الانقسامات الموجودة داخل المعسكر الروسي، وهشاشة جيوشه وقواته الرديفة".

وقال: "كلّ ذلك يستدعي أن نكون أكثر يقظة ويبرّر تماماً ما نقدّمه من دعم للأوكرانيين في مقاومتهم" للغزو الروسي.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أنّه بحث هاتفياً مع نظيره الأمريكي جو بايدن الأحداث في روسيا، وقال إن "على العالم أن يضغط على روسيا إلى حين إعادة إرساء النظام الدولي".

وفي سياق المواقف، أكّدت الصين، أنها تدعم روسيا في "حماية الاستقرار الوطني"، وهو أول تعليق رسمي لبكين على الانتفاضة المسلّحة القصيرة التي أطلقها بريغوجين.

كذلك، أكّدت كوريا الشمالية دعمها الكامل لروسيا بعد تمرّد مجموعة "فاجنر".

وكانت أوكرانيا التي تتعرض لغزو روسي منذ فبراير/شباط 2022، رأت في الأحداث التي شهدتها روسيا السبت "فرصة" يجب استغلالها ميدانياً.

ورغم الاتفاق، اعتبرت كييف أن بريغوجين "أذلّ بوتين"، وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك إن "بريغوجين أذلّ بوتين/الدولة وأظهر أنه لم يعد هناك احتكار للعنف".

ورأى محللون أن التمرد المسلح ستكون له تبعات على بريغوجين ومجموعته التي تنشط أيضاً في مناطق نزاع حول العالم.

وقال الباحث في مركز الدراسات البحرية سامويل بينديت إن بريغوجين "يجب أن يرحل، وإلا فالرسالة ستكون أن قوة عسكرية يمكنها تحدي الدولة علناً، وعلى الآخرين أن يفهموا أن الدولة الروسية لديها حصرية العنف (امتلاك السلاح) في داخل البلاد".

واعتبر الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في الولايات المتحدة روب لي أن "بوتين وأجهزة الأمن سيحاولون على الأرجح إضعاف (فاجنر) أو تنحية بريغوجين جانباً"، مشيراً إلى أن "الآثار الأكثر أهمية سيتمّ رصدها في الشرق الأوسط وأفريقيا حيث (فاجنر) موجودة".

وجاء إنهاء التمرد بعدما وصل مسلّحو "فاجنر" لمسافة تقل عن 400 كيلومتر من موسكو، بعد سيطرتهم على مقارّ عسكرية في مدينة روستوف-نا-دونو (جنوب غرب)، وأعلن حاكم المنطقة فاسيلي غولوبيف مساء السبت مغادرة قوات "فاجنر".

والأحد، أعلن حاكم منطقة فورونيج الجنوبية أن عناصر "فاجنر" ينجزون انسحابهم منها، وانسحب عناصر "فاجنر" أيضاً من منطقة ليبيتسك في جنوب روسيا، وفق ما أعلنت السلطات المحلية الأحد.

وفي موسكو، بقي "نظام مكافحة الإرهاب" قائماً الأحد على رغم الاتفاق، وواصلت دوريات للشرطة انتشارها في جنوب العاصمة على طول الطريق السريع الرئيسي بين موسكو والمناطق الواقعة إلى جنوبها.

واضطلع لوكاشنكو بدور رئيسي في الوساطة، وأعلن مكتبه أنه هو من اقترح على رئيس "فاجنر" وقف تقدمه، فيما قال بيسكوف: "ممتنون لرئيس بيلاروسيا على جهوده".

وكان بوتين قد أدان صباح السبت "الخيانة" وتحدث عن شبح "حرب أهلية" في مواجهة التحدي الأكبر الذي واجهه منذ وصوله إلى السلطة في نهاية عام 1999.

كما حذّرت موسكو الغرب من "استغلال الوضع الداخلي في روسيا لتحقيق أهدافه المعادية للروس".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

فاجنر الغرب روسيا بوتين تصدعات انقسامات

تمرد فاجنر على جدول أعمال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي

بوتين الضعيف أم القوي.. أيهما أفضل لإسرائيل في مواجهة إيران؟

الشيخ تميم يعلن دعمه لبوتين في مواجهة تمرد فاجنر

دراما روسية مرتقبة بعد تمرد فاجنر.. المخفي أكثر من المعلن

لافروف: نحقق في احتمالية ضلوع استخبارات غربية في تمرد فاجنر

تقارير: تمرد فاجنر كشف تصدعات عميقة داخل نظام بوتين

هزيمة روسيا في أوكرانيا لا تقل خطورة على الغرب من انتصارها