ما هو مصير بريغوجين وقواته بعد التمرد الفاشل؟

الاثنين 26 يونيو 2023 12:20 م

انتهى التمرد المسلح الذي قاده رئيس مجموعة "فاجنر" العسكرية يفغيني بريغوجين، والذي شغل العالم على مدار 24 ساعة، بمغادرة مؤسس القوات روسيا وانتقاله إلى مينسك، بعد وساطة قادها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.

إلا أن إعلان الكرملين جانباً من تفاصيل الاتفاق الذي أنهى التمرد، كثيراً من التساؤلات، حول آليات تنفيذ الصفقة.

أبرز التساؤلات كانت عن مضمون الاتفاق الغامض، ولماذا تراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وعيده بعقاب حازم لزعيم التمرد الذي احتل مدناً، ودعا الروس إلى حمل السلاح، وتوعد برحيل بوتين، وأن "يكون في روسيا رئيس جديد قريباً".

صحيفة "الجارديان" البريطانية، قالت إن بريغوجين، أوقف مسيرته نحو موسكو بشكل مفاجئ الأحد، تماما كما بدأها يوم السبت، إلا أن عصيان "فاجنر" مهما كان قصيرا، إلا أنه أدى لتآكل صورة بوتين في عين النخبة والرأي العام الروسي.

ولم تشهد كل سنوات تربع بوتين الـ23 على رأس هرم السلطة في البلاد، أن يتراجع عن وعيد أطلقه أمام ملايين الروس.

ولم يغض الكرملين الطرف في أي مرحلة سابقة عن تحدٍ صارخ وقوي مثلما حدث مع بريغوجين، فقد أظهر وقاحة وجرأة في نقده لوزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد القوات الروسية في أوكرانيا فاليري غيراسيموف، حيث بدا الأمر وكأنه يتحرك بموافقة من بوتين.

وفي يوم الجمعة، لم ينتقد بريغوجين طريقة إدارة الحرب في أوكرانيا فقط، بل المبرر لها أيضا، هذا قبل أن يزعم أن القوات الروسية قتلت عددا من جنوده في هجوم صاروخي وطالب بانتقام من القيادة العسكرية "الشريرة".

وبعد يوم من اتهام بوتين له بالخيانة، تحدى بريغوجين سيده علانية.

وتعلق الصحيفة أن "غرور بريغوجين مثير للدهشة، فصعوده غير المحتمل بدأ من بلطجي صغير إلى بلطجي على نطاق أوسع، فمن خلال كشك لبيع النقانق إلى متعهد وجبات طعام للجيش".

وتعلق الصحيفة أن زعم بريغوجين قرر وقف مسيرة جنوده حقنا للدماء "مثير للدهشة"، في ظل نزعة القتل والجرائم التي ارتكبوها في أوكرانيا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والدول الأخرى.

وتقول: "يبدو أنه اكتشف عدم قدرته على حشد دعم كاف، ولكنه لم يعاقب، على الأقل حتى الآن، ويقال إنه سيذهب إلى بيلاروسيا، وسيتم العفو عن المقاتلين الذي دعموا العصيان، أما البقية فسيتم دمجهم في الجيش كما هو مخطط".

ويتحدث البعض عن خيانات داخل الجيش، وأن بريغوجين كان قد اعتمد على وجود "حلفاء" داخل المؤسسة العسكرية سهلوا مهمته.

إذا صحت هذه الفرضية فهي تفسر سبب سهولة سيطرة قوات "فاجنر" على مقر القيادة العسكرية في روستوف، وهو المقر الذي تدار منه عملياً الحرب في أوكرانيا.

العنصر الآخر المهم في تفسير سبب "قوة" بريغوجين وقدرته على تحدي الكرملين بشكل صارخ، وفقاً لتحليل أوساط، يكمن في أن الرجل يمتلك كثيراً من الأسرار التي لا يفضل الكرملين أن تنشر، أو أن تصل إلى الغرب بشكل خاص.

الحديث يدور عن آليات تمدد روسيا في القارة الأفريقية، وخلفيات نشاط "فاجنر" في هذه المنطقة ومناطق أخرى.

وهذا الملف قد يفتح على الكرملين مشكلات جدية، في ظل المواجهة القائمة حالياً، وفي ظل احتدام التنافس مع الغرب على النفوذ في القارة السمراء.

وبهذا المعنى، فإن "الصفقة" لا تضمن فقط عدم ملاحقة بريغوجين جنائياً، بل تضمن أيضاً صمته بطريقه أو بأخرى، وهذا يفتح على تساؤل آخر؛ ماذا حصّل بريغوجين في المقابل، بعدما خسر شركاته وعناصر قوته والعقود المجزية التي كان يحصل عليها، في مقابل تقديم خدمات "فاجنر" خارج البلاد وداخلها؟.

وأمام ذلك، يقول بعض الروس العارفين بمطبخ الكرملين، إن الصفقة الحالية لا يمكن أن يظل مفعولاً سارياً إلى الأبد، إذ لا يمكن ترك الرجل ينشط على هواه.

كما أن المشكلة الكبرى تكمن في وجود "صقور" في وزارة الدفاع ليسوا راضين تماماً عن تفاصيل الصفقة الخفية، ولن يرضيهم إلا "تصفية الحسابات بشكل نهائي مع بريغوجين"، الذي تجرأ وتوعد بتعليق مشنقة وزير الدفاع في الساحة الحمراء.

يقول مراقبون إن مصير بريغوجين، بات "موضع تكهنات مكثفة"، بعدما توصل إلى اتفاق مع موسكو للذهاب إلى المنفى.

وتحدث الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، بشأن خبر اتفاق بريغوجين مع الكرملين خلال مشاركته في برنامج "واجه الأمة"، الأحد قائلا: "تنطبق هنا فلسفة لعبة العروش: إذا تمردت على الملك، فعليك أن تقتله".

وأضاف: "لم يفعل بريغوجين ذلك، والآن، سيتم عزله عن 35 ألفاً من مقاتليه الذين وفروا الحماية له، إنه مثل ثعبان تم قطع رأسه عن جسده".

وشكك ستافريديس فيما إذا كان الزعيم المؤثر سيستفيد من الصفقة على المدى الطويل، مشددًا على أن بوتين لديه تاريخ من اتخاذ إجراءات قاسية ضد الأعداء السياسيين المحتملين.

وقال: "لا أعتقد أنه سيبقى لمدة 60 إلى 90 يوما، في الواقع، بوتين لديه قلب داكن، وهو شخص لا يسامح ولا ينسى، وسيفعل كل ما في وسعه للانتقام من بريغوجين".

فيما أشار ديفيد مارتن من شبكة "سي بي أس نيوز"، إلى أن بوتين قد يحاول تسميم بريغوجين أثناء تواجده في المنفى.

وقال مارتن: "هل سيفعلها بوتين؟، لو كنت محل بريغوجين، سأحافظ على بقاء الحراس بجانبي وأراقب طعامي، لأن السم هو أحد أدوات بوتين المفضلة للانتقام".

واتفق الخبير السياسي دان هوفمان والخبير في الشؤون الروسية ريان تشيلكوت، مع هذه التوقعات، التي تفيد بأن أيام بريغوجين قد أصبحت معدودة.

تساؤل آخر يظهر حول مصير قوات "فاجنر"، في ظل حاجة روسيا لهؤلاء المقاتلين بشدة.

لذلك كان الخيار الأمثل منذ اندلاع الأزمة أن يتم قطع رأس "فاجنر" مع المحافظة على التشكيل والهيكلية التي ما زالت قادرة على لعب دور مهم في الحرب الأوكرانية، وفي مناطق أخرى كثيرة.

الحديث يدور حول نحو 25 ألف مسلح مدربين بشكل جيد ولا يمتهنون شيئاً سوى القتال، فضلاً عن أنهم يمتلكون كل طرازات الأسلحة والمعدات الثقيلة التي تعز في حالات كثيرة على دول كاملة.

الرواية الرسمية تشير إلى أن الجزء الذي لم يشارك في التمرد من قوات «فاغنر» سوف يوقع عقوداً مع وزارة الدفاع ويواصل نشاطه تحت قيادتها.

هذا يعني أن وزارة الدفاع سوف يكون لديها نوعان من العقود العسكرية لاحقاً، أو طبقتان من المقاتلين، واحدة منهما تحصل على مكافآت مجزية مثل التي كان يقدمها بريغوجين، وواحدة أقل شأناً، بالكاد تحصل على المكافآت المعلنة رسمياً للمتعاقدين.

والفارق كبير، وهذا واحد من أسباب رغبة كثيرين في الانضمام إلى "فاجنر".

أما الجزء الآخر الذي شارك عملية التمرد، ولن يتم التعاقد معه، فقد حصل على ضمانات كافية بألا تتم ملاحقة أي عنصر فيه، نظراً "للدور البطولي والإنجازات التي حققوها خلال القتال في أوكرانيا".

هكذا تمت تسوية ملف "فاجنر" في الداخل الروسي، لكن ثمة سؤالاً آخر لا يجد جواباً حتى اللحظة، ما مصير قوات "فاجنر" المنتشرة في بلدان أفريقية وفي سوريا؟.

ويقول مراقبون إنه في الغالب سيكونون ضمن الفريق المتعاقد مع وزارة الدفاع، لكن هذا سوف يعني أن وزارة الدفاع سوف تتولى مباشرة مسؤولية مهام أمنية وعسكرية كان يقوم بها "مرتزقة" مهمتهم حماية مناجم ومنشآت نفطية في مقابل الحصول على جزء من عائداتها، أو دعم مجموعات مسلحة في بلدان مختلفة لتحقيق أغراض معينة، في مقابل مكافآت مالية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا بوتين فاجنر بريغوجين

طائرة مرتبطة بزعيم فاجنر تحط في بيلاروسيا

رئيس بيلاروسيا: زعيم فاجنر في روسيا

الكرملين يكشف عن استقبال بوتين لقادة فاجنر وزعيمها بريغوجين