استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف نتخلص من التطرف؟

الخميس 4 فبراير 2016 05:02 ص

الأمريكيون يقودون تحالفاً لضرب تنظيم «الدولة»، في العراق وسوريا، الروس يقودون تحالفاً للهدف المعلن ذاته في سوريا، أوروبا ودول حوض المتوسط تجتمع في روما لمواجهة التنظيم في ليبيا، فرنسا تقود تحالفاً ضده وضد «القاعدة» وملحقاتها في أفريقيا.

الطائرات من دون طيار تضرب في اليمن وباكستان، والأطلسي يضرب في أفغانستان، والجيش المصري يضرب في سيناء. التنظيم ينكمش ويتمدد، ينسحب من هنا ويضرب هناك، حسب الظروف والمعطيات الميدانية، وطبيعة المعركة التي تشن عليه من الجو غالباً وعلى الأرض أحياناً.

لا يجادل أحد في فظاعة الأعمال التي قام بها التنظيم، ولا في راديكالية نظرته للإسلام، ومحاولاته جلب العصور الوسطى من جلبابها ليغطي به جسد القرن الواحد والعشرين، ولا في إلحاقه الضرر بنضالات الشعب السوري على وجه الخصوص، ولا في أنه كان طوق النجاة لنظام بشار الأسد، الذي كان له دور كبير في تسمين هذا التنظيم وغيره، منذ سنوات طويلة، عندما كان يسمح بمرور الجهاديين إلى العراق بالأمس، وعندما اشترى النفط من رجال التنظيم في سوريا اليوم.

هذا ليس محل النقاش. النقاش هنا هو ما إذا كانت المقاربة الأمنية هي الحل الأنجع لمعالجة قضية التطرف بشكل عام، ناهيك عن أن تكون هي الحل الوحيد. يبدو أن العالم لا يزال مع فرضية نجاعة الحل الأمني مع مجاميع التطرف، التي انتشرت بشكل واسع بعد «غزوتي أفغانستان والعراق» الأمريكيتين.

مع إن أدنى تفكير في هذه المسألة يخرجنا إلى نتيجة مفادها، أن العالم لم يعد أكثر أمناً بعد تدمير أفغانستان، وأن العراقيين اليوم يبكون على نظام صدام حسين، بغض النظر عن نظرتهم له، وأن المنطقة برمتها أصبحت على كف عفريت بعد تدشين الحرب العالمية على الإرهاب.

الحل العسكري والأمني ينفع في حال تضافرت حلول أخرى غير أمنية وغير عسكرية في مقاربة مشكل التطرف في المنطقة. لا يمكن لأي حل عسكري أن ينجح في القضاء على التنظيمات المتطرفة، بمعزل عن حلول سياسية واقتصادية وثقافية توعوية أكثر شمولاً.

هناك علاقة جذرية بين التطرف والفقر، بين الإرهاب والبطالة، بين العنف وانسداد الأفق السياسي، وهناك بالطبع فقر وبطالة وديكتاتوريات مزمنة في المنطقة، وهناك حالة من النفاق الغربي إزاء أنظمة ديكتاتورية، كانت ولا زالت في المنطقة، لم تنتج لشعوبها إلا سياسات القهر، ولم تبن إلا السجون.

حالة الإحباط التي تعيشها شعوب المنطقة هي التي ولدت موجات التطرف الحالية، وإذا كان انهيار العراق قد أنتج تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين»، فإن انكسار أحلام الشباب في الربيع العربي، الذي أجهضته الثورات المضادة، أنتج تنظيم «الدولة»، الأكثر تطرفاً وعنفاً، بدون أن نذكر أن وحشية التعامل الأمني لنظام بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين هو المسؤول الأول عن «دعشنة» الثورة السورية الأنظف.

دعونا نكون واضحين، الحل العسكري لن يجدي في القضاء على الإرهاب والتطرف، والحل العسكري الذي تقوده دول من خارج المنطقة لن ينظر إليه من قبل شعوبها إلا على أساس أنه نوع جديد من الاستعمار شئنا أم أبينا.

منظومة من الحلول هي التي ستنفع، منظومة من الحلول تقوم بها دول المنطقة نفسها، ولا بأس من المساعدة الدولية غير المسيسة، يجب ـ كذلك ـ أن تقوم هذه الحلول على أساس اعتبار المتطرفين جزءاً من مجتمع يعاني من اضطرابات اقتصادية وثقافية وسياسة عميقة هي التي أدت إلى حالة التطرف الرهيبة التي تمر بها المنطقة.

وبما أنه لا يبدو أن أحداً يفكر في منظومة الحلول المتعددة في وقت الهياج الإعلامي والصراخ السياسي، وفي الحفلة العالمية لتسييس الحرب على الإرهاب، فإن حل معضلة التطرف والإرهاب في ما يبدو لا يزال بعيداً عن المتناول، خاصة أن كثيراً من القوى المشاركة في الحرب على الإرهاب لها أهداف مختلفة، ومصالح متضاربة من دخولها هذه الحرب.

الروس على سبيل المثال في سوريا يقاتلون تنظيمات الجيش الحر، والمقاتلين الإسلاميين المعتدلين باسم محاربة «داعش»، والغرض ليس القضاء على تنظيم «الدولة»، ولكن لدعم نظام الأسد الذي ترى فيه روسيا «مسمار جحا» لبقاء موسكو حاضرة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ويمكن أن يقال الشيء ذاته على غير الروس من الحكومات والدول التي تقاتل تنظيم «الدولة» لأهداف مختلفة.

وفوق ذلك، لكي تنجح هذه الحرب على التطرف والإرهاب، لابد من ضبط وتحرير مصطلح الإرهاب أولاً، وعدم تركه لأهواء الساسة في الدول المختلفة، الذين يهمهم رصيدهم الانتخابي أكثر مما يهمهم الاستقرار في المنطقة،

وثانيا يجب أن تنطلق الحرب على الإرهاب والتطرف من فلسفة تفريغ التنظيمات المتطرفة من منتسبيها، بتفريغ عقول المنتسبين من أفكار التطرف، وذلك باحتوائهم من قبل مجتمعاتهم ضمن برامج توعوية وفكرية واقتصادية طويلة الأمد، محاربة التطرف لن تتم بقتل المتطرفين، ولكن بتفكيك آيديولوجيا التطرف ذاتها، ذلك أن قتل متطرف واحد يؤدي إلى تجنيد عشرة، بينما نزع الفكرة قد يؤدي إلى انسحاب عشرة من ميدان التطرف والغلو.

وفوق ذلك فإن الدول الكبرى ما لم تكف أطماعها الرأسمالية في ثروات المنطقة، وما لم تسهم بجدية وبنوايا حقيقية في محاولات التحول الديمقراطي والتقــــدم الاقتصادي والتطور الحضاري، وما لم تكف عن النظر للمنطقة باعتــبارها مجرد خزان نفط، فإن موجات التطرف لن تنتهي، وكل تنظيم متطرف يقضى عليه، سيولِّد بلا شك تنظيما آخر أكثر تطرفاً.

وبقيت مسألة مهمة، وهي أن تسييس قضية «الحرب على الإرهاب»، لن يكون في صالح إنهاء هذه الحرب، ولكنه سيساعد في طول أمدها، وهو ما يريده ساسة وزعماء إقليميون ودوليون ينظرون إلى هذه الحرب على أساس أنها بورصة لزيادة أسهمهم في سوق الانتخابات، أكثر منها قضية ملحة يجب معالجتها، لخطورتها على الأمنين الإقليمي والعالمي.

٭ د. محمد جميح كاتب وأكاديمي يمني

  كلمات مفتاحية

التطرف الدولة الإسلامية العراق سوريا ليبيا فرنسا القاعدة اليمن الجيش المصري سيناء الإرهاب

«الوزراء السعودي»: المسلمون أكثر ضحايا التطرف في العالم

«كي مون»: الأغلبية العظمى من ضحايا التطرف هم مسلمون

الحرب على الإرهاب .. لكن أي إرهاب؟

«الريسوني»: قمع الشعوب بالانقلابات والقتل من أسباب التطرف والإرهاب

التطرف .. والتطرف المضاد!