اعتبر الكاتب الإسرائيلي سيث فرانتزمان أن إيران تحاول، عبر حركة الجهاد الإسلامي، أن تكرر في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة ما فعلته في قطاع غزة ولبنان، بوساطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة "حزب الله" على الترتيب، على أمل أن تضم الضفة إلى المواجهة ضد إسرائيل، وهو ما يُعرف باستراتيجية "توحيد الجبهات".

وبزعم ملاحقة مسلحين مطلوبين، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثاني على التوالي، الثلاثاء، هجوما على جنين ومخيمها بطائرات مروحية وأخرى بدون طيار وقوات برية، مما أودى بحياة 10 فلسطينيين وأصاب نحو مئة آخرين، بالإضافة إلى اعتقال 120 وإجلاء قسري لنحو ثلاثة آلاف شخص من المخيم.

وردا على العدوان المتواصل، نفذ شاب فلسطيني الثلاثاء عملية دهس وطعن شمالي مدينة تل أبيب، أسفرت عن إصابة 8 إسرائيليين بجروح، 3 منهم حالتهم خطرة، بالإضافة إلى استشهاد منفذ العملية التي تبنتها حركة "حماس".

وأردف فرانتزمان، في تحليل بصحيفة "ذا جيروزاليم بوست" الإسرائيلية (The Jerusalem Post) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "إيران تحاول تقريب التهديدات من إسرائيل لخلق نوع من الوصفة التي استخدمتها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لدعم كل من (حركة المقاومة الإسلامية) حماس وحزب الله".

وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، في وقت تواصل فيه تل أبيب احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

توحيد الجبهات

و"تحاول إيران تمكين حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية لخلق المزيد من التوترات مع إسرائيل بالقرب من (مدينة) القدس (المحتلة) وإفادة طهران في المنطقة، وقد سعت العام الماضي بشكل متزايد إلى تزويد المنظمات في الضفة الغربية بالسلاح، وتأمل أن تتمكن جماعة الجهاد الإسلامي من إنشاء منطقة سيطرة من شأنها أن تهدد إسرائيل"، وفقا لفرانتزمان.

وأضاف أن "أنشطة الجماعات المدعومة من إيران، مثل الجهاد الإسلامي وحماس، تفيد إيران لأنها وسيلة لزيادة وحدتها في الجبهات ضد إسرائيل، بمعنى أنه يمكن إضافة جنين إلى مناطق أخرى، مثل غزة وجنوبي لبنان ومنطقة الجولان الحدودية (السورية المحتلة)، حيث توجد أنشطة لإيران".

واعتبر أنه "من وجهة نظرها طويلة المدى ترى طهران أنه يمكنها خلق ظروف في جنين مماثلة لما فعلته في جنوبي لبنان ثم غزة في التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، وحاليا يبدو أن طهران وحزب الله يراقبان الوضع".

ومضى قائلا إن "توحيد الجبهات، وهو مفهوم ذكرته طهران في الأشهر الماضية، إحدى الطرق التي تستفيد منها إيران، ويعني جمع التهديدات من حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي في فلسطين وآخرين في أماكن مختلفة".

إسرائيل والخليج

وبحسب فرانتزمان فإن "إيران يمكن أن تستفيد من العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية في جنين ضمن تحركاتها الدبلوماسية، إذ تدير طهران تواصلا دبلوماسيا في الخليج وتأمل أن تضر هذه التوترات بعلاقات إسرائيل مع الخليج".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقات معلنة مع إسرائيل، التي تأمل في تطبيع علاقتها مع السعودية، نظرا إلى مكانتها الدينية في العالم الإسلامي وقدراتها الاقتصادية الضخمة.

وبعد قطيعة استمرت 7 سنوات، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، بينما لا ترتبط الرياض بعلاقات معلنة مع تل أبيب، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

ورأى فرانتزمان أن "إيران تتحرك ببطء كما تفعل عادة في المنطقة، وهذا يعني مزيجا من استراتيجيتها الشبيهة بالأخطبوط في جميع أنحاء المنطقة، مع تحركات تشبه الأناكوندا لإحاطة إسرائيل بالتهديدات".

وأردف أن هذا "يضاف إلى إنجازاتها الدبلوماسية في العلاقات مع السعودية، والتواصل مع مصر والخليج، وكذلك علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا والصين، والآن على إيران أن تزن علاقاتها الدبلوماسية مع ردها على ما يجري في جنين".