صحيفة: الروس يخدعون السعوديين في ملف خفض إنتاج النفط.. هل يمكن للرياض أن تثق بموسكو؟

الخميس 6 يوليو 2023 06:56 ص

"هل يمكن للسعوديين أن يثقوا في الروس؟".. طرح تقرير نشرته صحيفة "سيدني مورنينج هيرالد" هذا التساؤل، قائلا إن الروس نجحوا في دفع السعوديين لتحمل العبء الأكبر في استراتيجية خفض إنتاج النفط في محاولة لرفع أسعاره، وهو الأمر المهم لموسكو لاستمرار حربها في أوكرانيا.

لكن الغريب، وفقا للصحيفة، هو أنه في الوقت الذي حافظت فيه السعودية على تلك الاستراتيجية بصرامة، دون وجود تغيير يذكر على الأسعار، يبدو أن روسيا تزيد من صادراتها النفطية وليس العكس، ما يمكن أن يفجر أزمة ثقة بين الجانبين.

في وقت سابق من هذا الأسبوع ، أعلنت السعودية وروسيا عن جولة أخرى من تخفيضات الإنتاج، أو  في حالة السعوديين، تمديد التخفيض الحالي بهدف رفع أسعار النفط.

قال السعوديون إنهم سيمددون خفض المليون برميل في اليوم الذي أعلن في أوائل يونيو/حزيران الماضي إلى ما بعد مدته المخطط لها البالغة شهر واحد حتى أغسطس/آب المقبل.

قال الروس إنهم سيخفضون صادراتهم النفطية بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، مع تخفيضات بحجم مماثل للإنتاج.

كانت هذه هي التحركات الأحدث في سلسلة من المحاولات لتشديد معادلة العرض والطلب في سوق النفط، حيث أعلنت منظمة "أوبك+" عن خفض قدره 2 مليون برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو خفض بمقدار 500 ألف برميل يوميًا أعلنت عنه روسيا في فبراير/شباط الماضي، وخفض "أوبك+" بمقدار 1.6 مليون برميل إضافي في أبريل/نيسان، ثم خفض السعودية مليون برميل يوميًا الشهر الماضي.

تخفيضات بلا جدوى

ووفقا للتقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، كانت كل هذه التخفيضات في الإنتاج بلا جدوى، مع تداول سعر النفط - الذي تم تداوله لفترة وجيزة فوق 87 دولارًا أمريكيًا للبرميل في أوائل أبريل - دون 75 دولارًا أمريكيًا للبرميل قبل الإعلان الأخير.

والثلاثاء الماضي، ارتفع النفط بنحو 2% ليغلق عند مستوى يزيد قليلاً عن 76 دولاراً للبرميل.

ويرى التقرير أن هذه استجابة مألوفة لسلسلة إعلانات خفض الإنتاج، حيث ينفجر السعر لفترة وجيزة، ثم يتراجع.

وتمضي الصحيفة بالقول: لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذه المرة ستكون مختلفة كثيرًا، حيث يوضح المنحنى الآجل الذي يوفره تداول العقود الآجلة أن المتداولين يتوقعون أن تكون أسعار النفط أقل ماديًا في نهاية هذا العام مما هي عليه اليوم.

ما الأسباب؟

تقول الصحيفة إن تباطؤ الاقتصاد العالمي المستمر هو السبب الأبرز، لا سيما أن الاقتصاد الصيني لا يزال يقدم أداء هبوطيا مفاجئا، مما يتحدى نظرية أوبك القائلة بأنه سيكون هناك انتعاش في الطلب على النفط في النصف الثاني من العام.

ومن المتصور أن تطرح الصين حزمة تحفيز كبيرة لمحاولة تحفيز النمو، ولكن بدون انتعاش النشاط العالمي الذي يعزز الطلب على صادراتها، فإن التأثير المحتمل على الطلب على النفط سيكون متواضعاً في أحسن الأحوال.

ويريد السعوديون بشكل خاص أسعار نفط أعلى لأنهم يحتاجون ، وفقًا لصندوق النقد الدولي ، إلى سعر يبلغ حوالي 80 دولارًا أمريكيًا للبرميل لموازنة ميزانيتهم.

وقد يدين استعدادهم لتحمل معظم عبء تخفيضات الإنتاج الأخيرة بشيء ما إلى العلاقة العميقة التي بناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما تقول الصحيفة.

هل التزمت روسيا بما عليها؟

يقول التقرير إنه في حين أعلنت موسكو عن خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في فبراير/شباط الماضي، لم تكن هناك علامات على هذا الخفض في السوق أو في أرقام الصادرات الروسية، والتي ارتفعت أحجامها بقوة هذا العام، حتى مع ادعاء المسؤولين الروس أنهم ملتزمون بتعهدهم.

وولّد هذا التناقض بين أقوال موسكو وأفعالها بعض التوتر بين السعوديين - الذين ضحوا بالكثير من الإيرادات من خلال تقديم الجزء الأكبر من تخفيضات إنتاج "أوبك+" والروس.

وهناك تقارير تفيد بأنه، كجزء من الاتفاق على التخفيضات الأخيرة، وافقت روسيا على مزيد من الشفافية حول إنتاجها وصادراتها.

وما يشير لثقل التضحية التي قدمها السعوديون هو أن الإنتاج المفقود في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب بلغت قيمته حوالي 4.5 مليار دولار أمريكي (6.7 مليار دولار) من الإيرادات الضائعة للمملكة، والتي هي في خضم برنامج طموح للغاية لتحويل اقتصادها لتقليل اعتمادها على النفط في عالم إزالة الكربون.

وقد أشار السعوديون هذا الأسبوع إلى أنه - إذا لزم الأمر - يمكن تمديد التخفيضات الحالية، مما سيزيد من تكاليف الفرصة البديلة، والتي تتجاوز قيود الإنتاج الأخيرة.

وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت المملكة تنتج ما يقرب من 11 مليون برميل يوميًا، واليوم يبلغ إنتاجها حوالي 9 ملايين برميل يوميًا فقط.

ليس انخفاض الإيرادات فقط

أزمة أخرى واجهتها السعودية غير انخفاض الإيرادات، فمع إغلاق أوروبا، سوقها الرئيسي السابق للنفط والغاز، إلى حد كبير أمام الصفقات المباشرة، أغرقت روسيا آسيا (الصين والهند على وجه الخصوص) بنفطها الخاضع للعقوبات.

وفي وقت سابق من هذا العام، تفوقت روسيا على السعودية كأكبر مورد للنفط لكل من الصين والهند، حيث ذهبت الغالبية العظمى من صادراتها إلى هذين البلدين.

لقد أُجبر السعوديون وغيرهم من المنتجين في الشرق الأوسط على إعادة توجيه شحناتهم النفطية إلى أوروبا، وهي وجهة أعلى تكلفة للخدمة من الأسواق الآسيوية.

ويخلص التقرير إلى أنه إذا لم يلعب السعوديون، الذين يقودون "أوبك"، دور المنتج المتأرجح عندما يكون الطلب وعندما تكون أسعار النفط ضعيفة، حتى عندما يجبرون على التصرف بمفردهم، فإنهم يفقدون الكثير من النفوذ الإقليمي والجيوسياسي - وستكون هناك علامات استفهام سلبية حول أهمية "أوبك" المستقبلية، حيث تستمر في الفشل مع محاولاتها لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

المصدر | ستيفن بارثولوميوز / سيدني مورنينج هيرالد - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الروسية خفض انتاج النفط اسعار النفط النفط السعودي النفط الروسي أوبك+

الاقتصاد السعودي مرشح للتراجع بعد قرار خفض إنتاج النفط

ن. تايمز: تخفيضات السعودية للإنتاج بدأت تؤتي أكلها وأسعار النفط ترتفع