بعد إعادة انتخاب أردوغان.. كارنيجي يتوقع توقف التقارب التركي السوري

الجمعة 7 يوليو 2023 09:56 م

"سيستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تعزيز المصالحة مع بلدان الشرق الأوسط، ولكن إمكانية التقارب التركي-السوري قد تتوقف على التدخل الإيراني".. هكذا يخلص تحليل لمركز "كارنيجي" لدراسات الشرق الأوسط، تعليقا على الولاية الجديد لأردوغان.

ويقول التحليل إلى أن الانتخابات الرئاسية التركية كانت على الأرجح من أكثر الأحداث السياسية التي كانت محطّ متابعة وثيقة في عام 2023، لافتا إلى أن السياسة الخارجية التركية اتسمت في الآونة الأخيرة ببذل جهود للمصالحة والتطبيع على جبهات عدة.

واشتملت هذه الجهود على تجديد العلاقات مع مصر، التي أظهرتها مصافحة رمزية بين أردوغان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فضلًا عن الزيارة التي قام بها أردوغان إلى الإمارات، ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأول مرة منذ مقتل جمال خاشقجي في إسطنبول.

وغالب الظن، حسب التحليل، أن هذه الجهود الدبلوماسية ستتواصل مع بدء ولاية أردوغان الجديدة؛ والحال هو أن حضور رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان مراسم تنصيب أردوغان ورسالة التهنئة التي بعث بها السيسي، بالإضافة إلى تحسين مستوى العلاقات الدبلوماسية المصرية-التركية عن طريق القنوات الرسمية، هي المؤشرات الأولى عن هذا الاتجاه السائد حاليًا.

كذلك تلقّى أردوغان التهنئة، بعد فوزه في الانتخابات، من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي شدّد على أن مواصلة التعاون التركي-الإيراني ستولّد "ظروفًا أكثر مؤاتاة" للسلام والاستقرار في المنطقة.

وعلى الرغم من الخلافات الأساسية في السياسة الخارجية، بما في ذلك التباين في مواقف البلدَين من الاجتياح الروسي لأوكرانيا ومستقبل القيادة السورية، وظلّت العلاقات وثيقة بين إيران وتركيا في عهد أردوغان.

يُشار في هذا الصدد مثلًا إلى توقيع 8 اتفاقات بين البلدَين في مجالات التجارة والأمن والعلوم والرياضة خلال زيارة أردوغان إلى طهران العام الماضي.

وعلى الرغم من أنه يُتوقَّع أن تواصل تركيا العمل مع إيران في المرحلة القادمة، ستكون العلاقة رهنًا إلى حد كبير بالتقارب التركي-السوري.

في هذا الإطار، وبعدما قطعت تركيا علاقاتها مع الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011 وواظبت على دعم مجموعات المعارضة السورية، من المرجح أن تستأنف في نهاية المطاف علاقاتها كاملةً مع النظام السوري الحاكم.

ويُعزى ذلك، وفق التحليل، من جملة أمور أخرى، إلى الضغوط الداخلية: فقد كان مستقبل اللاجئين السوريين في تركيا، وعددهم 3.4 ملايين لاجئ، من القضايا الأساسية في الانتخابات الأخيرة، وخلال العام المنصرم، دفع أردوغان باتجاه إعادتهم إلى بلادهم.

وهذا فضلًا عن أن العمليات العسكرية التركية لمنع قيام دولة بقيادة الأكراد في شمال سوريا تتطلب تعاونًا مع نظام الأسد.

وبناء على ذلك، يقول التحليل: "قد نشهد على دبلوماسية مكّوكية بين أنقرة ودمشق، يضطلع فيها هاكان فيدان، رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركية سابقًا ووزير الخارجية الحالي، بدور أساسي".

وكان التطبيع المتزايد بين تركيا وسوريا واضحًا أيضًا قبل الانتخابات الأخيرة، فقد استضافت موسكو اجتماعًا ضمّ وزراء الدفاع الروسي والإيراني والسوري والتركي في 25 أبريل/نيسان، والاجتماع الرسمي الأول بين وزراء خارجية هذه الدول في 10 مايو/أيار.

وفي ذلك الاجتماع، ناقش وزراء الخارجية، كما جاء على لسان وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو، أهمية التعاون لمحاربة الإرهاب، وتيسير العودة الآمنة للاجئين، وصون وحدة الأراضي السورية.

ويلفت التحليل إلى أن التطورات الدبلوماسية الأخيرة في الشرق الأوسط، قد تساعد بما في ذلك قبول سوريا من جديد في الجامعة العربية والتقارب المتزايد بين السعودية وإيران، على تعزيز المصالحة بين تركيا وسوريا على أعلى المستويات.

ولكن نظام الأسد، حسب التحليل، شدد على ربط أي مصالحة بمغادرة جميع القوات التركية للأراضي السورية.

ويتابع التقرير: "في حال استأنفت تركيا وسوريا العلاقات الدبلوماسية بينهما، فإن إيران، التي تبذل جهودًا كبيرة لضمان بقاء الأسد في السلطة، لن تستسيغ استبعادها من المفاوضات التي من شأنها أن تساعد على تحديد "الظروف المؤاتية" لشراكة بين أنقرة وطهران، لأنه ستترتب عن هذا التقارب التركي-السوري منافع واسعة النطاق. فقد تتخذ تركيا، مثلًا، الخطوات اللازمة للحد من العزلة الدولية لسوريا والمساعدة على إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية والأمنية في مختلف أرجاء المنطقة".

ويشير التحليل: "مما لا شك فيه أن مستقبل السياسة التركية تجاه سوريا سيكون من النقاط الأولى المطروحة للنقاش في حال توجّه الرئيس الإيراني رئيسي إلى تركيا في زيارته الرسمية الأولى".

ويختتم: "في هذه الحقبة التي تشهد مصالحة بين أعداء الأمس في مختلف أرجاء الشرق الأوسط، لن يكون مفاجئًا أن تبادر تركيا إلى تطبيع علاقاتها مع سوريا، في تحوّل جيوسياسي كبير ذي تبعات إيجابية على العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا تركيا أردوغان إيران رئيسي

أردوغان يغازل استثمارات الخليج.. وتقدم في التقارب مع مصر وسوريا