عبر الجنينة.. إبادة جماعية جديدة في الطريق لدارفور

الجمعة 7 يوليو 2023 10:15 م

 اعتبرت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية، أنه يبدو أن إقليم دارفور على موعد مع إبادة جماعية جديدة، على يد نفس المتهمين بارتكاب الإبادة الأولي؛ لكنهم يأتون يقتلون ضحايا هذه المرة من فوق مركبات متطورة وبأسلحة فتاكة وليس من على ظهور الجياد كما كان في 2003.

وذكرت المجلة أن الإبادة الجديدة التي تأتي بعد قرابة 20 عاما، تشهدها مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، تتزامن مع اندلاع حرب أهلية في السودان في أبريل/نيسان بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)

وأشارت إلى لقب حميدتي، مٌنح من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير لـ"دقلو" الذي صعد من قائد لقوات الجنجويد المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، إلى السلطة بتولي قيادة الدعم السريع وهو الاسم الجديد لمليشيا الجنجويد سيئة السمعة والتي يواجه قادتها اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وقالت الأمم المتحدة في تقرير صدر في العام 2008 إن عدد القتلى في صراع دارفور عام 2003 بلغ نحو 300 ألف شخص، وشرد 2.5 مليون شخص

وتسبب النزاع في إصدار المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قبل أن تضيف لهم تهمة الإبادة الجماعية في العام 2010.

 هجوم منظم

وقالت المجلة البريطانية إن بداية هجوم على مدينة الجنينة بدأ بفرض مسلحون حصارا على المدينة خلال الأيام القليلة الماضية، تبعه حرق للسوق، ومنع الطعام والإمدادات الطبية من الوصول إلى المدينة.

ثم تقدم المسلحون من رجال الدعم السريع، وبطريقة منظمة، لتدمير أي شيء في طريقهم: مستشفيات ومدارس ومحطات توليد كهرباء ومراكز الاتصالات التي يعتمد سكان الجنينة في غرب دارفور للبقاء على قيد الحياة.

ونقلت المجلة عن ناتالي ريموند، التي ترصد النزاع في جامعة ييل الأمريكية قولها: كان (الهجوم على الجنينة) بالفعل ممنهجا ومنظماً.

وذكرت المجلة أن حاكم غرب دارفور الذي ناشد في 14 يونيو/حزيران بضرورة للتدخل لوقف ما أسماه إبادة جماعية في المدينة، تعرض للقتل اليوم التالي من مناشدته بطريقة تشبه طريقة قتل ضحايا لتنظيم الدولة الإسلامية.

مدينة أشباح

وأشارت إلى أنه خلال الـ48 ساعة التي تلت الهجوم فر المدنيون من المدينة أو قتلوا، موضحة أن عمال إغاثة زاروا الجنينة سابقا أكدوا أنها تحولت لمدينة أشباح.

ولفتت إلى أنه منذ بداية اندلاع المعارك بين قوات الدعم السريع والجيش في أبريل/نيسان فر حوالي 180 ألف مدني من المنطقة نحو تشاد، ومعظمهم من قبيلة المساليت، وهي قبيلة أفريقية هيمنت لفترة طويلة على منطقة دارفور.

وتظهِر صور التقطتْها الأقمار الاصطناعية أن مناطق واسعة من المدينة دمرت أو تضررت بسبب النيران، إلى جانب اختفاء ومقتل ما بين ألف إلى 5 ألاف شخص، وتعتبر تلك الحصيلة الأعلى في منطقة، بما فيها الخرطوم، التي تظل مركز النزاع.

وقال اللاجئون من الجنينة إن رجال ميليشيا عرباً انتقلوا من بيت إلى بيت، وأطلقوا النار على الشباب فوراً.

وفي الطريق للغرب من تشاد، قام مسلحون يلوّحون ببنادقهم، يحرسون حواجز مؤقتة، بسرقة المدنيين الفارين من الفظائع وقتلهم.

تطهير عرقي على نطاق واسع

 جاستين موزيك، من التضامن الدولية ومقرها فرنسا وكان في الجنينة وقت اندلاع العنف ضد المساليت، قال إن "هذه أسوأ حرب شاهدتُها كعامل إغاثة منذ 20 عاماً”

وأظهرت لقطات فيديو مقاتلين وهم يطلقون الشتائم ضد الأفارقة والتفاخر بأنهم سيحولون المدينة لعربية.

ووصف الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثس ما يجري في غرب دارفور بأنه "تطهير عرقي على نطاق واسع ".

وتقول ريموند إن الجنجويد يستخدمون اليوم نفس الأساليب والإجراءات التي استخدمها في السنوات الأولى من القرن الحالي.

وأضافت "في الوقت الذي كانوا يستخدمون فيه الخيول والأسلحة نجدهم الآن على ظهور عربات بيك آب، ويتحركون بسرعة، ويستخدمون أسلحة فتاكة”.

لكن في مقابل تلك الاتهامات، قال الدعم السريع إنه ليس مشاركاً فيما يوصف بأنه نزاع قبلي، لكن من الصعب التمييز بين مقاتليه والجنجويد. كما أن الجنينة هي مركز إمدادات للدعم السريع في محاولته للسيطرة على كل السودان.

وتقول خلود خير، المحللة السودانية في الخرطوم، إن حميدتي يحصل على السلاح والوقود والمرتزقة من الجارة ليبيا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والمنفذ عبر تشاد مهم.

ولا يمكن لوحدات الجيش الموجودة في المنطقة الدفاع عن السكان، حيث تتعاون قوات الدعم السريع مع القبائل في الحرب ضد الخرطوم.

وانسحب الجيش من عدة مدن إلى ثكناته بشكل سمح للدعم السريع السيطرة عليها.

وبينما قام ناشطون ورجال دين بترتيب اتفاقيات وقف إطلاق النار في الجنينية، لكن السكان الخائفين يواصلون الهرب، ومعهم الأثاث والممتلكات.

 

موضوعات متعلقة