علاقات تركيا واليونان.. صفقتان للتطبيع على أبواب الناتو

الخميس 13 يوليو 2023 10:39 ص

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على تبادل "الصفقات" داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) على وقع إعلان تركيا، هذا الأسبوع، موافقتها على السماح للسويد بأن تصبح عضوًا في الحالف، مقابل إعلان الرئيس الأمريكي "جو بايدن" عن رغبته في تمرير شراء أنقرة لطائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز F-16، المتوقف منذ فترة طويلة.

وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن اليونان عضو آخر في الناتو، شرقي البحر المتوسط، وتريد أيضًا شراء طائرات أمريكية متطورة، ويقول المشرعون الأمريكيون إنه لا ينبغي أن تمضي صفقة أنقرة مع الناتو دون صفقة مماثلة مع أثينا.

لكن اليونان، المنافس الإقليمي لتركيا منذ فترة طويلة، تريد طائرات F-35، وهي الطائرات المقاتلة الأمريكية الأكثر تقدمًا، وهي صفقة ظلت معلقة وفي طي النسيان.

ورغم أن كبار أعضاء الكونجرس خففوا من معارضتهم لطلب تركيا F-16 بعد موافقة أنقرة على إسقاط اعتراضاتها على انضمام السويد إلى الناتو، إلا أنهم ربطوا بين موافقتهم وبين الموافقة على صفقة اليونان.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، روبرت مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي): "ما زلت لدي تحفظاتي على الطائرة إف -16"، مضيفا: "لكني قلت للإدارة، إذا كان بإمكانهم أن يوضحوا لي أن المسار تتمتع فيه اليونان بتفوق عسكري نوعي، فيمكن أن يكون هناك طريق إلى الأمام."

ووافق مايكل ماكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب (جمهوري من تكساس) على هذا الرأي، وكذلك فعل كبار الأعضاء الديمقراطيين في كلتا اللجنتين.

وقال ماكلورين بينوفر، المتحدث باسم لجنة مجلس النواب: "قال الرئيس مكول إنه قد يؤيد صفقة طائرات F-16  التركية الحالية إذا استلمت اليونان مقاتلة F-35 وأن على واشنطن أولاً أن تضمن لليونان ميزة عسكرية على تركيا".

وربط بايدن عمليتي البيع في مقابلة سابقة للقمة مع CNN  يوم الأحد الماضي، قائلا: "نعمل على تعزيز الناتو من حيث القدرة العسكرية لكل من اليونان وتركيا، والسماح للسويد بالدخول".

وأعلنت الإدارة الأمريكية أنها تدعم كلاً من صفقتي F-16 و F-35 وأرسلتهما إلى الكونجرس قبل أشهر لإجراء مناقشة غير رسمية قبل تقديمها للموافقة الرسمية عليها من قبل المشرعين. ولكن نظرًا لأن كليهما اكتسب نفوذًا سياسيًا خارجيًا إضافيًا، فإن هذا التمرير الرسمي لم يأت أبدًا.

خلافات وتوترات

وكانت الخلافات اليونانية التركية مادة دائمة في حلف الناتو، ودارت معظم النزاعات حول السيطرة الجوية والبحرية والبرية على شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه، مع التركيز في السنوات الأخيرة على حقول الطاقة وخطوط الأنابيب واحتلال جزر بحر إيجة والمسؤولية عن المهاجرين القادمين عن طريق البحر من إفريقيا والشرق الأوسط.

وقبل أقل من عام، ارتفعت حدة التوترات بين أثينا وأنقرة لدرجة أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدا وكأنه يهدد برد عسكري على ما قال إنه احتلال يوناني لجزر من المفترض أن تكون منزوعة السلاح.

وتسببت الضجة في إلغاء اجتماع كان مقررا بين الرئيس التركي ورئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، اللذين كانا يتجنبان بعضهما البعض حتى جلسوا أخيرًا معًا يوم الأربعاء في قمة الناتو بعاصمة ليتوانيا، فيلنيوس.

وقال أردوغان للصحفيين، في وقت لاحق، بلهجة مختلفة تمامًا عن تعليقاته حول أثينا العام الماضي، وتحدث عن كيفية "تعزيز صداقة" البلدين، مشيرا إلى أنه "يأمل" أن تزود الولايات المتحدة تركيا بطائرات F-16.

ويرى بيركاي مانديراسي، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، أن عملية التطبيع بين تركيا وأنقرة "يُنظر إليها إلى حد كبير على أنها عامل في جهود تركيا الأوسع لتحسين العلاقات مع الغرب".

وقال رئيس الوزراء اليوناني، الذي أعيد انتخابه الشهر الماضي، إنه وأردوغان "أكدا الإرادة المشتركة لاستئناف جديد لعلاقاتنا الثنائية، من أجل بداية جديدة حذرة"، وأنهما سيلتقيان مرة أخرى في الخريف.

وأضاف: "من الواضح أنه لم يتم حل جميع القضايا الدائمة، ولكن هناك نية لإعادة النظر في إطار علاقاتنا من زاوية إيجابية".

وكجزء من التحديث الشامل للدفاع، اشترت اليونان 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال وأجرت ترقيات لأسطولها الحالي من طراز F-16. كما أنها تريد شراء 20 طائرة من طراز F-35 ، مع خيار شراء ما يصل إلى 28 طائرة أخرى.

تطبيع مطلوب

وبالنسبة لتركيا، يُنظر إلى تحسين العلاقات مع اليونان على أنه أمر مرغوب فيه، ليس فقط لجذب المستثمرين الغربيين في وقت يعاني فيه اقتصادها، ولكن أيضًا لبعث رسالة إلى النخبة السياسية في أوروبا مفادها أن هذه حقبة مختلفة وبعيدة عن ما اعتبروه تصعيدا في خطاب القومية اللاذعة لأردوغان بالفترة التي سبقت الانتخابات التركية في مايو/أيار، حسبما يرى مانديراسي.

وكانت تركيا قد وقعت، في عام 2017، اتفاقية بقيمة 2.5 مليار دولار لشراء نظام الدفاع الجوي الروسي S-400، وأدى ذلك إلى انتقادات شديدة من حلف شمال الأطلسي وواشنطن وتعليق مشاركة تركيا في برنامج إنتاج وشراء طائرات F-35 إلى جانب عقود دفاعية أخرى..

ويرى مانديراسي أن توفير الطائرات المقاتلة الأمريكية لكل من تركيا واليونان لن يعرقل التطبيع بينهما بالضرورة، مشيرا إلى أن حيازة اليونان لأحدث الطائرات الأمريكية، قد تكون مقلقة لأنقرة "ليس الآن، ولكن في غضون 10 إلى 15 عامًا".

ومن المستحيل التنبؤ بما إذا كانت تركيا، بحلول ذلك الوقت، ستحل خلافاتها مع الولايات المتحدة بشأن شراء أنظمة دفاع جوي روسية أو ما إذا كان هناك مسار لإعادة الدخول إلى برنامج F-35.

وفي أعقاب إعادة انتخابه، يبدو أن أردوغان قد خلص إلى أنه ليس لديه الكثير ليكسبه من خلال استمرار الخلاف مع واشنطن أو أثينا.

ورغم أن كل من تركيا واليونان تدركان جيدًا "تكلفة التصعيد الخطير"، فإن التقارب الحالي بينهما لن يتحرك سريعًا بالضرورة، نظرًا للضغوط التي يواجهها أردوغان من شركاء ائتلافه الحاكم، حسبما يرى مانديراسي، مشيرا إلى أن "مجال المناورة المتاح له في تقديم تنازلات كبيرة ضيق نسبيًا".

المصدر | واشنطن بوست/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا اليونان إف 16 الناتو السويد أردوغان بايدن

صحيفة تركية: اليونان تخطط لفتح ميناء استراتيجي لاستخدام الجيش الفرنسي