تنسيق روسي إيراني هادئ لإخراج الولايات المتحدة من سوريا.. كيف؟

السبت 15 يوليو 2023 12:02 م

تجري روسيا وإيران عمليات تنسيق "هادئة" في سوريا، من أجل الضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من هناك، بيد أن واشنطن مصرة على عدم التصعيد، والاستمرار في القيام بمهامها لهزيمة نهائية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وتحدث مسؤول أمريكي بارز في تقرير لموقع "المونيتور"، ترجمه "الخليج الجديد"، عن "أدلة ومؤشرات"، تقود إلى أن القادة العسكريين الروس في سوريا ينسقون بهدوء مع الحرس الثوري الإيراني، بشأن خطط طويلة الأجل للضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد.

وتابع: "روسيا تحاول إخراج الولايات المتحدة من المجال الجوي السوري، بينما يواصل الحرس الثوري الإيراني تدفق الأسلحة المستخدمة لمهاجمة القواعد الأمريكية داخل البلاد".

وأضاف: "هناك تلاقي مصالح بين هذه المجموعات الثلاث الإيرانيين والروس والسوريين".

ورغم أن الطيارين الروس تراجعوا عن الموجة الأخيرة من الرحلات الجوية المسلحة المهددة فوق القواعد الأمريكية، بينما صمتت الهجمات التي تنفذها ميليشيات إيران، إلا أن العديد من المؤشرات تقود إلى ترتيب جديد، حسب المسؤول ذاته.

وقال المسؤول الأمريكي إنه "يرى أدلة من التخطيط على المستوى العملياتي بين قيادة فيلق القدس المتوسط المستوى التي يعمل في سوريا والقوات الروسية العاملة هناك".

وفي حين رفض المسؤول مناقشة طبيعة الأدلة، إلا أنه وصف التعاون بـ"تخطيط تعاوني، وفهم تعاوني، وتبادل معلومات استخباراتية"، على مستوى "متوسط إلى أعلى رتبة" للجيشين الروسي والإيراني.

وأضاف: "بصراحة، (إنها) نفس الأشياء التي سنفعلها مع شركائنا في مواجهة شيء كنا نحاول تحقيقه"، متابعا: "نراهم يفعلون ذلك من جانبهم، وهم يحاولون التفكير في كيفية مزامنة الأشياء المختلفة التي تقوم بها أذرعهم المختلفة من أجل ممارسة هذا الضغط علينا".

وأشار المسؤول إلى حادثة الأسبوع الماضي، بعدما أقدم طيارو (Su-35) الروس على مضايقة 3 طائرات مسيرة أمريكية من طراز (MQ-9)، بينما كانوا يستعدون لشن هجوم على أحد كبار قادة تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال غرب سوريا.

وينفي مسؤولو البنتاغون أن يكون لأعمال قواتهم في سوريا أي علاقة بالاستفزازات الروسية والإيرانية، ويقولون إنهم يعتقدون أن الردود الأمريكية الأخيرة قد أوقفت دورة التصعيد في الوقت الحالي.

وقال كبير مديري العمليات في الأركان المشتركة، اللفتنانت جنرال دوغلاس سيمز، للصحفيين في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لا نتوقع أي مشكلة، ولا نرى مستوى من التصعيد نشعر بالقلق حياله في سوريا".

ومع ذلك، لا تزال المجموعة المتبقية المكونة من حوالي 900 جندي أمريكي في سورية معرضة للخطر.

وفي السابق، كان نهر الفرات بمثابة حدود معترف بها بشكل متبادل بين الجيوش المتنافسة.

وجادل المسؤول العسكري الأمريكي البارز الجمعة، بأنه سيكون من غير الحكمة التخلي عن أي مساحة أو مجال جوي إضافي للقوات الروسية والإيرانية في سوريا.

وأضاف: "لأنه بمجرد أن تفعل ذلك، سينتقلون فقط إلى المكان التالي وسيواصلون محاولة الضغط عليك".

وتحتفظ الولايات المتحدة بقواتها في سوريا في أعقاب الحملة متعددة الجنسيات ضد "الدولة الإسلامية" في ظل سلطات منحها الكونجرس في الأصل عام 2001، لتمكين إدارة جورج دبليو بوش من ملاحقة مخططي هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وتتركز القوات الأمريكية اليوم في أقصى شمال شرق البلاد، وفي موقع بعيد للعمليات الخاصة يعرف باسم قاعدة التنف.

في المقابل، يدعم كل من الجيش الروسي و"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني نظام بشار الأسد.

لكن التنافس بين الاثنين على النفوذ في مناطق رئيسية، والوصول إلى القواعد أعاق منذ فترة طويلة التنسيق رفيع المستوى ضد منافسهما المتبادل (أمريكا).

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، بدأ الطيارون المقاتلون الروس ينتهكون بشكل متزايد بروتوكولات المجال الجوي المتفق عليها مع القادة الأمريكيين في سوريا، وفق ما ذكر تقرير لموقع "بريكينج ديفينس" وترجمه "الخليج الجديد".

وتم ذلك من خلال التحليق على ارتفاع منخفض فوق القواعد الأمريكية هناك، وخاصة قاعدة التنف.

وكانت آخر هذه الحوادث، هو تحليق طائرة استطلاع روسية الجمعة، فوق قاعدة أمريكية في سوريا "لفترة طويلة".

وقال المسؤول: "من المفترض أن نبقى على بعد حوالي 3 أميال من طائرات بعضنا البعض طوال الوقت، لذلك أنا أحكم على تلك الطلعة على أنها غير مهنية، لأنهم لا يتبعون القواعد المعمول بها بخصوص طلعات الطيران لكنها لم تكن طائشة، مثل بعض عمليات الاعتراض السابقة".

وقال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى: "لم يكن هناك شيء مختلف في سلوكنا على الإطلاق عما كنا نفعله منذ خمس سنوات".

وأوضح المسؤول أن "الخط الهاتفي الساخن" الذي تم إنشاؤه في عام 2016 للحد من فرص اندلاع حريق بين الجانبين الأمريكي والروسي لا يزال نشطاً.

وكشف بالقول: "لم تكن لدينا أوقات رفضوا فيها الرد على الهاتف"، وتابع: "الروس يجيبون دائما عندما تتواصل الولايات المتحدة والعكس صحيح".

وذكر المسؤول أن الكثير من الحديث عبر خط عدم الاشتباك عبارة عن "حوار روتيني"، على الرغم من أنه في بعض الأحيان يكون محتدما بشأن ما تعتبره الولايات المتحدة طلعات جوية "مفرطة العدوانية" لروسيا، ومع ذلك، قال المسؤول الأمريكي: "ظل الخط مفتوحا".

وأكد المسؤول: "نحن لا نقدر أن الروس سوف يسقطون قنابل على قواتنا أو يطلقون النار على طائراتنا المأهولة"، مضيفا أنه على الرغم من ذلك، كان هناك "اختلاف نوعي" في الطلعات العسكرية الروسية في سوريا وكيفية تفاعلها مع الطائرات الأمريكية.

وقد يكون الاختلاف مؤشرا على تنامي النفوذ الإيراني في العلاقة مع الكرملين والرغبة في إخراج القوات الأمريكية من سوريا، وقد يساهم الاستقرار المتزايد للنظام السوري أيضًا في الرغبة في التفاعل مع الطائرات الأمريكية.

وقد يكون أيضا نتيجة فشل القادة العسكريين الروس في محاولة استعادة الثناء أو الثقة.

وقال المسؤول الأمريكي، إن العديد من الجنرالات الروس في سوريا "غالبا ما يكونوا جنرالات تم إرسالهم من أوكرانيا بعد أن فشلوا في إحدى العمليات في كييف أو دونباس أو أينما كان"، مضيفا أنه قد يكون لديهم "شيء لإثباته".

وأمام ذلك، شدد المسؤول الأمريكي على أن بلاده لا تسعى لدفع التصعيد، مضيفا: "نحن نحاول فقط الاستمرار في القيام بهزيمة دائمة لتنظيم داعش".

ورغم أن النزاعات التي كانت نشطة في السابق مع الجماعات المدعومة من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط هادئة إلى حد كبير في الوقت الحالي، لكن مسؤولي الأمن القومي يقولون إن خطر التصعيد في المنطقة لا يزال مرتفعا.

وقال مسؤولون أمريكيون إن إيران تواصل تدفق الأسلحة إلى الميليشيات في سوريا وإلى الحوثيين في اليمن، على الرغم من التقارير التي تتحدث عن محادثات مغلقة بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مزيد من خفض التصعيد في المنطقة.

ولفت مسؤول عسكري أمريكي كبير في سوريا: "لا يوجد تهديد وشيك في الوقت الحالي، لكن الأسلحة لا تزال تتدفق والصواريخ لا تزال تتدفق"، على الجماعات المدعومة من ايران.

أفاد موقع "المونيتور" سابقًا عن مخاوف بين مسؤولي البنتاغون من أن تدفق الأموال الروسية إلى إيران نتيجة لتعاونهم العسكري الناشئ في أوكرانيا، يمكن أن يساعد الحرس الثوري الإيراني على توسيع أنشطته في الشرق الأوسط.

وأمام ذلك، حافظت الولايات المتحدة على مراقبة المجال البحري في الشرق الأوسط لردع أي عدوان إيراني.

ففي الأسبوع الماضي فقط، تدخلت البحرية الأمريكية في حالتين منفصلتين لجهود البحرية الإيرانية للاستيلاء على ناقلتي نفط في خليج عمان.

وتعمل الوحدات الجوية والبحرية للجيش الأمريكي في الشرق الأوسط معا بشكل وثيق لضمان وجود تغطية كافية لردع إيران

وقال المسؤول: "بخصوص مطاردة ناقلات النفط، وهو ما فعلوه في 4 أو 5 منها خلال الأسابيع العديدة الماضية".

وأضاف أن الولايات المتحدة بدأت مؤخرا بعمل طلعات للطائرة هجومية من طراز (A-10) فوق مضيق هرمز، وهي مزودة بأسلحة قادرة على استهداف زوارق الهجوم السريع الإيرانية وأهداف بحرية أخرى.

وتم نشر طائرات (A-10) في المنطقة في أواخر مارس/آذار، بعد سلسلة من الهجمات على المواقع الأمريكية من قبل الميليشيات التابعة لإيران.

وهذا الأسبوع، ستنضم طائرات مقاتلة من طراز (F-16) إلى تلك المهم، حيث تقوم بدوريات بحرية فوق الممر المائي المهم.

((7))

المصدر | المونيتور - بريكينج ديفينس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا أمريكا إيران قوات أمريكية داعش

شح الحلفاء.. معضلة إيرانية عززها الموقف الروسي من الجزر المحتلة

وزير خارجية إيران: تلقيت إشارات إيجابية من السعودية بشأن سوريا